إثر أزمة «الإسلام وأصول الحكم».. جريدة السياسة تدعو لإصلاح الأزهر قبل 94 عام
إثر أزمة كتاب “الإسلام وأصول الحكم” للشيخ علي عبد الرازق في العام 1925، ومثلها أزمة كتاب “في الشعر الجاهلي” للدكتور طه حسين، قادت جريدة “السياسة الأسبوعية” وتبنت حملة للدفاع عن حرية الفكر والتعبير، كما طالبت الأزهر بإصلاحات جذرية.
وفي رسالته الأكاديمية، يذكر الباحث “إياد أحمد ملحم” أنه: كان موقف السياسة الأسبوعية في تأييد قضية الشيخ علي عبد الرازق، واضحا وصريحا.
وأما إصلاح الأزهر فقد كتبت حوله مقالات كثيرة لكبار كتاب مصر، ولكتاب من خارج مصر أيضا، وكلها تدعو إلي ضرورة إصلاح الأزهر والمعاهد الدينية، وإلي ضرورة تحويل الأزهر إلي جامعة عصرية للعلوم الحية.
وانتقد الكتاب أساليب تأليف الكتب في الأزهر، وبينوا عيوب طرق التدريس فيه، وأوضحوا حاجة طلابه إلي الرياضة البدنية، لأن الدين يتنافي مع الخمول ويتعارض مع الكسل.
ــ من نابلس كتاب يدعون لإصلاح المعاهد الدينية
ويتابع “ملحم”: كتب “حلمي الإدريسي” من نابلس بفلسطين يقول بأن برنامج الإصلاح الجديد يجب أن يتناول أسلوب التأليف في العلوم الأزهرية.
وكتب “محمد رفيق” من فلسطين أيضا في عدد لاحق، فقال أن المسألة ليست مقصورة علي إصلاح أسلوب التأليف وإنما لا بد من خطوة جريئة في انتقاء المدرسين أيضا.
وعندما تألفت لجنة لإصلاح الأزهر والمعاهد الدينية وجه إليها الدكتور محمد حسين هيكل، كلمة رجا فيها المسئول عن اللجنة أن يعمل علي اعتماد التعليم الدنيوي أو العلمي في المعاهد الدينية كي يستطيع خريجو تلك المعاهد أن يجدوا العمل اللائق بهم أسوة بزملائهم خريجي الجامعات.
وعندما أضرب الأزهر اعتبرت “السياسة الأسبوعية”، اضرابه حركة سياسية دبرها الرجعيون الذين يقفون ــ باسم الدين والإسلام ــ في طريق الإصلاح والتجديد، والإسلام منهم براء، لأنه دين يأبي الجمود ويقر التجديد ويبارك الإصلاح.
ــ إصلاح التعليم الديني
ويمضي الباحث “إياد أحمد ملحم”، مشيرا إلي أن: لم يقتصر اهتمام جريدة “السياسة الأسبوعية”، وكتابها علي اصلاح مناهج التعليم وطرقه في الأزهر، وإنما تعدي ذلك إلي الاهتمام بإصلاح التعليم الديني عامة، وخاصة في المرحلة الابتدائية.
كما انتقدت جريدة “السياسة الأسبوعية”، جهل المدرسين من الشيوخ خاصة من أمثال ذلك الشيخ الذي أجاب تلميذه عندما سأله عن أبي الهول، فأجابه بأن “أبا الهول حيوان سخطه الله”.
وكذلك رأي بعض من كتبوا في جريدة “السياسة الأسبوعية”، عن اصلاح التعليم الديني أنه لا فائدة ترجي من ختم القرآن وحفظه حفظا ظاهريا بعيدا عن فهم جوهر معانيه، وإنما يجب اختيار الوقت المناسب والسن المناسبة لتدريس القرآن الكريم في المدارس، لأن الغاية من تدريس القرآن يجب أن تكون في فهم معانيه ومضمونه وليس مجرد حفظه.
ــ الدعوة إلي تنقية الدين من الشوائب
دعت جريدة “السياسة الأسبوعية”، إلي تحكيم العقل في أمور الدين، وتصفية المعتقدات الدينية من الشوائب التي دخلتها. وقد جاء في أعدادها المختلفة الكثير من المقالات في هذا الشأن .
كما رفضت جريدة “السياسة الأسبوعية”، بدعة التبرك بأضرحة الأولياء، وتجمهر المرضي حول تلك الأضرحة طلبا للشفاء، مما كان يتسبب عنه نشر الأمراض المعدية خاصة بين الأطفال .
وحاربت أيضا حلقات الذكر وما كانت تشهده من ترهات مضحكة، ومفاسد اجتماعية واقتصادية ضارة . وحاربت أيضا بدعة الموالد لأنها كانت تعيق نهضة مصر . وأوضحت أن الموالد بدعة أوجدها الفاطميون ليشغلوا الشعب بها عن أمور السياسة، وقد تحولت مع الأيام إلي مصائد لعشاق الفساد.
وفي نقد إقامة الموالد، كتب “حافظ محمود” أكثر من مرة عن مشاهداته في مولد السيدة زينب، وفي مولد الحسين، وفي مولد الحنفي، وقد قدم عن ذلك كله صورا اجتماعية مؤلمة. كما انتقد أحد كتاب جريدة “السياسة الأسبوعية”، منع حلق اللحية والشارب وشرب الدخان في الحجاز أثناء موسم الحج، وقال: “اعملوا معروف خلونا نحج” .