أشرف عكاشة يتحدث عن: القصة القصيرة وأثر القهر فى تشكيل الشخصية
بدأت فعاليات الملتقى الأول للقصة القصيرة، والذي ينظمة موقع صدى "ذاكرة القصة القصيرة المصرية" بتنظيم من الكاتب والناقد سيد الوكيل والكاتبة القاصة مرفت يس ، وباستضافة مركز سيا الذي تديره الكاتبة الصحفية والروائية الددكتور صفاء النجار، وذلك بحضور عدد من الكتاب والنقاد منهم الناقد والأكاديمي الدكتور مصطفى الضبع، والكاتب والناقد شوقي عبد الحميد، والكاتب والناقد والأكاديمي دكتور أحمد الصغير، وغيرهم.
وقدم الناقد والباحث أشرف عكاشة ورقة بحثية تحت عنوان "القصة القصيرة وأثر القهر في تشكيل الشخصية “نماذج قصصية من الصعيد”، جاء فيها: "إن أهم ما يميز القصة القصيرة، أنها جنس أدبى قابل للتشكل والتعدد فى الشكل والمضمون، فضلا عن سهولة نشرها وقراءتها، ومن حيث المضمون، فهي قادرة على التعبير عن كافة المضامين الذاتية والعامة بالوصف الخارجى، وتعدد الضمائر، وتوظيف الأحلام والأسطورة، والاسترجاع واستشراف المستقبل.
ولفت عكاشة إلى ان القصة "تعكس وعي وتصورات كاتبها، وتكشف عن قدراته ورؤيته المتفاعلة مع الواقع، ومع تقنيات القصة واستشراف الجديد دوما،" هنالك شبه اتّفاق على أنَّ القصّة القصيرة نصٌّ يسرد حدثاً يتعلّق بشخصيّة (عادةً إنسانيّة) وتصف رد فعلها ومشاعرها تجاه هذا الحدث، وهذا يعنى أنّ نواة القصّة القصيرة حكاية، وتتوفّر عادة، وليس دائماً، على عناصر ثلاثة هي:
أولاً، عرضٌ تعريفيّ بالشخصيّة، ثانياً، نمو الحدث وتطوُّره،ثالثاً، الصراع الدراميّ الذي يحتدم في مواقف الشخصيّة وسلوكها ومشاعرها.
وأشار عكاشة إلى أن"تتناول القصّة القصيرة تلك العناصر بصورةٍ مُكثَّفة وتعالج موضوعةً واحدة، بحيث تترك أثراً واحداً في نفس القارئ، يُطلق عليه في مصطلحات هذا الفنِّ “وحدة الأثر”، ولكن حتّى لو استخدم كُتّاب القصّة القصيرة هذه العناصر نفسها في قصصهم، فإنّهم يتباينون على مستوى البناء النصيّ ومكوِّناته المختلفة، ويتفاوتون من حيث مراجع السرد وروافده". (على القاسمي سيدة المرايا سيدة القصة القصيرة قراءة في مجموعة عبد الجبار السحيمي).
وعن أبعاد بناء الشخصية في القصة القصيرة فتحدد كالتالي: "الأبعاد الثلاثة للشخصية، وهي: البعد الجسمي أو البراني ويشمل المظهر العياني والسلوك النافر، البعد النفسي أو الجواني، ويشمل الحالة المتخفية والفكرية، والبعد الاجتماعي ويتعلق بمكانة الشخصية في حلبة المجتمع ومحيطها وظروفها"، (مصطفى اجماهيري الشخصية في القصة القصيرة).
ولفت عكاشة إلى ان "تصنف الشخصية كالتالي: الشخصية الرئيسية: هي الشخصية الفنية التي يصطفيها القاص لتمثل ما أراد تصويره أو ما أراد التعبير عنه من أفكار وأحاسيس.
الشخصية المساعدة: على الشخصية المساعدة أن تشارك في نمو الحدث القصصي وبلورة معناه والإسهام في تصوير الحدث، ويلاحظ ان وظيفتها أقل قيمة من وظيفة الشخصية الرئيسية.
الشخصية المعارضة: وهي شخصية تمثل القوى المعارضة في النص القصصي، وتقف في طريق الشخصية الرئيسية أو الشخصية المساعدة، وتحاول قدر جهدها عرقلة مساعيها، وتعد ايضاً شخصية قوية، ذات فعالية في القصة، وفي بنية حدثها، الذي يعظم شأنه كلما اشتد الصراع فيه بين الشخصية الرئيسية والقوة المعارضة.
وعن الشخصية بين القاهر والمقهور في نماذج قصصية من الصعيد: يشير عكاشة إلى أن على القاسمي، أشار إلى أن كتّاب القصة في صعيد مصر شأنهم شأن غيرهم من كتاب القصة المصرية، ينتخبون شخصيات قصصهم من بين أبناء الطبقة الفقيرة، من المُهمَّشين والمستضعفين والمسحوقين؛ ويعبِّرون عادةً عن آلامهم ومعاناتهم وإخفاقاتهم وإحباطاتهم. فالقصّة القصيرة لا تتوفر على بطلٍ يُشار إليه بالبنان ويُقلَّد بأكاليل الغار والعرفان؛ وإنّما هي فضاء يتحرّك فيه المقهورون أو المضطهدون أو المحرومون أو المخنوقة أصواتهم؛ فتصوِّر عالمهم الداخليّ وترسم أحاسيسهم الأليمة، في لحظاتِ انكسارهم وحصارهم وانهيارهم. والقصّة القصيرة لا ترمي بطوقِ نجاة إلى هؤلاء المساكين .
وعن الفقر القاهر الأعظم حد انتهاك الروح قبل الجسد: يقول عكاشة "أن يكون الإنسان في حالة عوز وحاجة ولا يستطيع سد احتياجات أسرته ومتطلبات العيش الكريم لها، هذه الحالة تسبب الشعور بقهر الرجال، وفي الأثر عن سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قوله: عجبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه، فالفقر والحاجة تسببان القهر لدى الرجال، خاصة إذا نظر إلى أولاده وأهله وهم يتضرعون جوعاً، ويئنّون من ألم الحياة وشظفها.
ففي مجموعة مواسم ما بعد العشق نجد أيمن عبد السميع يرصد صورا من القهر الاجتماعي بصل إلى حد القهر الجسماني ففي قصة " رشاد حلمية " يرصد معاناة بطله المقهور بداية من الاسم الذي أطلقه علي هذه الشخصية مرورا بمعاناتها بفعل العوز والحاجة والفوارق الطبقية حتي بين أبناء الطائفة الواحدة حتي يصل الأمرإلى الإعتداء الجسدي ( جنسيا)عليه من قبل صاحب المخبز في امتهان مطلق لأدميته مما يدفع البطل إلى البحث عن الانتقام ليمسي متهما بجريمة قتل لم يرتكبها.
والشخصية القاهرة ليس صاحب المخبز وحده بل مجتمع بأكمله أسلم رشاد حليمة للقهر حتى انفجر وتحول إلى شخصية قاهرة بإقدامه على القتل.
وفي قصته الرمزية "الجراد" من مجموعة امرأة من ظلال يرصد شعبان المنفلوطي صورة القهر الاجتماعي الذي يصل حد الايذاء الجسدي لذلك المجذوب الذي يطوف بالغفلين يحذرهم الجراد (الرمز) فلا يلقى منهم إلا تحريضهم لصبيانهم على ضربه وملاحقته حتى تنزل بهم الكارثة ويحل الخراب والبوار ويختفي هو من بينهم.
وعماد عارف في مجموعته من طقوس ليل النساء يرصد في قصص مثل "الغموس" ما يصنعه الفقر والعوز بالإنسان لنجد تلك الأسرة التي تتقاسم قوتها في استكانة مزيفة يعريها تمرد الصبي الصغير الذي يعلن عن رغبته وتوقه لطعم اللحمة وبين تحسرات الأم وسخرية الأخوة وضيق ذات يد أبيه يعلن الأب كأحد الحلول والحيل الدفاعية أن البديل سيكون لحمة رأس مطبقا المثل "نصف العمى ولا العمى كله" ومن خلال ما رصدته هذه النماذج القصصية من صور القهر الاجتماعي نخلص إلى أن: الفقر عامل مشترك بين كثير من نماذج الشخصيات المقهورة ، وجود شخصيات ورموز تستمد حركتها وتطورها البنائي من التأثيرات المتبادلة مع المجتمع الذي وجدت فيه على الصعيد الداخلي أو الخارجي للشخصيات.
إبراز الهمّ الجماعي من خلال صورة الفرد الذي كان يعبر في ذاته عن المجموع الكلي للطبقة التي يمثلها، والفئة العمرية التي ينتمي إليها.