حكاية «زغرودة» أطلقتها سيدة تأثرت بصوت الشيخ «البنا» بسرادق عزاء
يعد الشيخ محمود علي البنا والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1985، واحدا من أعمدة دولة التلاوة في مصر. لقب علي الشيخ محمود علي البنا، العديد من الألقاب، من بينها سفير القرآن، أمير قرآن الفجر، وملك القفلات.
وفي كتابه “مزامير القرآن”.. العظماء السبعة لدولة التلاوة، والصادر عن دار بتانة للنشرو يشير الكاتب أيمن الحكيم، إلى أن الشيخ محمود علي البنا، كان يمتلك واحدا من أعذب الأصوات وأجملها، صوت كالقطيفة في نعومته ومتانته، كان قادرا أن يهز القلوب ويبكي العيون، وحدث أن ملك المغرب “محمد الخامس”، كان يزور مسجد الحسين، وتصادف أن كانت الزيارة في وقت صلاة الفجر والشيخ الشيخ محمود علي البنا هو المقرئ، وحين وقف المل يردد أدعيته أمام مقام الإمام الحسينو جذبه الصوت المنساب من المسجد، فقطع أدعيته ووقف ينصت إليه، وكان الشيخ البنا يقرأ بصوته القوي المنغم العذب آيات من سورة “الحج” فلما وصل إلي قوله تعالي “والَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ”، فلم يستطع الملك أن يمسك دموعه من شدة التأثر، ولما انتهي من زيارته طلب أن يسلم علي الشيخ البنا، وعبر له عن إعجابه بصوته في شكل دعوة ملكية لزيارة المغرب وتسجيل المصحف بصوته في استديوهات الإذاعة المغربية.
“زغرودة” فرح تطلقها سيدة بسرادق عزاء
من المواقف الطريفة التي يذكرها “الحكيم” في كتابه “مزامير القرآن” عن الشيخ محمود علي البنا، قصة سيدة أطلقت "زغرودة" تأثرا بتلاوة البنا: “ولم يكن الإعجاب بصوت البنا قاصرا علي تفجير الدموع في القلوب والأحداق، بل كان رد الفعل من جمهوره مدهشا أحيانا، كالذي حدث مرة حين كان الشيخ البنا يقرأ في سرادق للعزائ يومها ــ 1958 كان الشيخ في عز شبابه وصوته في ذروة عنفوانه، واحتشد الآلاف من البسطاء في قري مركز ”إبتاي البارود" ليستمعوا إلي الشيخ محمود علي البنا الذي يسمعونه في الإذاعة، ومع تفاعل الناس وصل “البنا” إلي ذري التجلي، فلم تملك تلك السيدة الريفية البسيطة الواقفة خارج الصوان مسحورة بالصوت والأداء، من طريقة تعبر بها عن إعجابها سوي أن تطلق “زغرودة” فرح، أسكرها الصوت وموسيقاه حتي أنساها أنها في سرادق عزاء.
ويلفت “الحكيم” إلي أنه: “كانت السنوات التي عمل فيها الشيخ محمود علي البنا، مقرئا للمسجد الأحمدي في طنطا من أكثر فترات حياته تألقا، فقد ظل مواظبا علي قراءة قرآن الجمعة في رحاب شيخ العرب لمدة 23 عاما ما بين ( 1958 ــ 1981 ) وحظي بجماهيرية طاغية، وكانت جماهير السميعة تتوافد من كل محافظات الدلتا، بل ومحافظات مصر كلها لسماع الشيخ البنا، وتسببت جماهيريته في عمل توسعات في المسجد وساحته الخارجية لتستوعب التزايد الكبير في عدد المصلين من ”سميعة" الشيخ محمود علي البنا.
سر صداقة جمعت الشيخ البنا وموسيقار الأجيال
ويتابع “الحكيم”: ليس سرا أن الشيخ محمود علي البنا كانت تربطه صداقة وعلاقة إعجاب متبادل بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، خاصة والاثنان من تلاميذ الشيخ “درويش الحريري” وخريجي مدرسته الموسيقية، وليس سرا كذلك أن الشيخ “البنا” كان لا يخفي إعجابه بصوت السيدة أم كلثوم.
ومن المرويات في سيرة الشيخ محمود علي البنا أنه كان في سهرة بمنزل صديقه وجاره الضابط “عبد المنعم شحاتة” وكان من كبار سميعة أم كلثوم ويقتني أسطوانات أغانيها، وبوحي من الحالة بعد سماع إحداها وتجاوب الشيخ محمود علي البنا معها طلب الحضور منه أن يؤدي بصوته قصيدة لها وألحوا عليه وحاصروه حتى استجاب لهم وغنى قصيدة لأم كلثوم فأطرب الجميع بصوته وطريقة أدائه وتمكنه من المقامات.