سيد رجب: «كيرة والجن» فيلم استثنائى يخلق طفرة فى السينما المصرية والعربية (حوار)
فنان من طراز خاص، يمتلك جميع الأدوات والإمكانات التى تؤهله ليكون ممثلًا عالميًا، فى بداياته قضى سنوات طويلة يقدم أعمالًا مسرحية للمسرح التجريبى، ولم ينل حقه من الشهرة، لكنه خلال السنوات العشر الأخيرة، حقق طفرة فى عالم التمثيل، بتقديمه أدوارًا فارقة جعلت منه نجمًا كبيرًا.
إنه الفنان الكبير سيد رجب، الذى التقته «الدستور» فى حوار، يتحدث فيه عن جميع تفاصيل وكواليس مشاركته فى العمل السينمائى الأضخم «كيرة والجن»، الذى يتصدر إيرادات شباك التذاكر حاليًا. وكشف النجم القدير عن كواليس تصوير الفيلم، والصعوبات التى واجهته، وتفاصيل شخصية «محمد نجيب الهلباوى» التى يؤديها فى العمل، كما يتطرق إلى ردود الأفعال التى يتلقاها على فيلم «عمهم»، الذى يعرض أيضًا خلال موسم العيد الحالى، ويؤدى بطولته النجم محمد عادل إمام.
■ بداية.. ما تقييمك لتصدر فيلم «كيرة والجن» شباك التذاكر فى أول أيام عرضه؟
- فخور وسعيد جدًا بتصدر الفيلم شباك التذاكر، وواثق أن العمل سيكون علامة فارقة فى تاريخ السينما المصرية على جميع المستويات، إنتاجًا وإخراجًا وتصويرًا وتمثيلًا.
كما أن ردود الأفعال والتعليقات كلها إيجابية للغاية والجمهور واعٍ لما يتلقاه، ويدرك أهمية السيناريو التاريخى العظيم، كما أن الفيلم تصدر «التريند» قبل طرحه بالسينمات، وسط بحث مكثف من الجمهور فى مصر والعالم العربى على مواقع التواصل الاجتماعى عن القصة الحقيقية، منذ طرح البوسترات والتريلر الخاص بالفيلم، وأنا أعتبر «كيرة والجن» عملًا استثنائيًا يخلق طفرة فى عالم السينما المصرية والعربية.
■ كيف جاءت مشاركتك فى «كيرة والجن»؟
- رشحنى للدور المخرج الأستاذ مروان حامد، الذى أعتز به وأفخر كثيرًا بالتعاون والعمل معه، وبمجرد عرض الفكرة وافقت دون تردد، لمست أننا سنقدم عملًا فخمًا سيعيش مع الجمهور على مر الزمان ويرصد حقبة تاريخية مهمة فى تاريخ وطننا الحبيب وأم الدنيا مصر، إذ يتناول واقع المجتمع المصرى فى فترة الاحتلال الإنجليزى إبان ثورة ١٩١٩.
■ ما الذى شجعك على المشاركة؟
- كل شىء يخص الفيلم شجعنى، فقد وجدته عملًا متكامل الأركان، والعناصر كلها كانت جذابة بالنسبة لى، فالعمل تتوافر فيه منذ البداية جميع مقومات النجاح، بداية من تكرار التعاون مع المخرج مروان حامد الذى أثق دائمًا فى اختياراته، وصناعته لأى عمل سينمائى لما له من مسار خاص ومختلف، إضافة إلى شركة «سينرجى» للإنتاج التى وفرت كل الإمكانات الاحترافية لخروج العمل بشكل مميز للغاية، إضافة إلى السيناريو المحكم الذى كتبه المؤلف المحترف أحمد مراد صاحب الإبداعات الروائية والسينمائية.
وأُصبت بدهشة بعد قراءة السيناريو ووجدته متكاملًا من كل نواحيه كما اعتاد أحمد مراد فى أعماله، وخاليًا من أى ثغرات فى خطوطه التى تناقش حقبة مهمة وتحتوى على أحداث وطنية وعالمية ومدوية وتفاصيل مهمة، كما رصد خلاله الكثير من القضايا الاجتماعية والنماذج الإنسانية الموجودة على أرض الواقع فى هذا العصر.
كل هذه النقاط جعلتنى أوافق دون تردد، وتحمست أكثر لتجسيد شخصية «الهلباوى» التى وجدتها مركبة ومتحولة ومختلفة تمامًا عما قدمته من قبل خلال مشوارى الفنى، إضافة إلى أن الفيلم يضم نخبة كبيرة من النجوم الكبار اللامعين على رأسهم كريم عبدالعزيز وأحمد عز وهند صبرى، هؤلاء عباقرة ومعجونون بالتمثيل، إلى جانب الفنانين المميزين مثل أحمد عبدالله محمود، وهدى المفتى، وأحمد مالك، وعلى قاسم، كل منهم نجم فى منطقته ويعتبر إضافة كبيرة لأى عمل فنى.
■ كيف استعددت لتقديم شخصية «الهلباوى».. وهل كانت رواية «١٩١٩» مرجعًا أساسيًا لك فى ذلك؟
- بالتأكيد قرأت الرواية أكثر من مرة، وأعجبتنى كثيرًا، وعلى الرغم من أن الفيلم مأخوذ عنها، اعتاد أحمد مراد عند تحويل الرواية إلى فيلم أن ينفصل عن العمل الأدبى، فى أثناء كتابة السيناريو حتى يخلق إبداعًا موازيًا جديدًا يفاجئ قارئ الرواية أو من لم يقرأها، وحتى يكون للرواية أو الفيلم شكل مبهر مختلف.
والاستعدادات لشخصية «محمد نجيب الهلباوى»، كانت مختلفة تمامًا عن أى شخصية قدمتها على مدار مشوارى، استعددت لها بطريقة خاصة جدًا، على يد المخرج المخضرم مروان حامد، الذى وضع خطة محكمة لإخراج العمل بصورة مبهرة وكأنه عرض مسرحى، فقد بدأنا التحضيرات ببروفات يومية استمرت قبل بدء التصوير، والتدرب على الشخصية بهذه الطريقة جعلنى أتعمق وأضيف الكثير من التفاصيل إلى «الهلباوى» الذى ظهر لامعًا منذ الوهلة الأولى، وكان مفاجأة حتى بالنسبة لى، خاصة أنه أيضًا كان مادة خصبة جدًا للكاتب، لأنه تم ذكر القليل عنه تاريخيًا.
ولن أستطيع الحكى باستفاضة الآن كى لا أحرق الأحداث للجمهور، خاصة أن الفيلم فى أيام عرضه الأولى بالسينمات، لكن الفيلم بوجه عام يرصد حقبة مهمة فى تاريخ مصر أثناء ثورة ١٩، إذ يتناول العمل واقع المجتمع المصرى فى فترة الاحتلال الإنجليزى إبان ثورة ١٩١٩.
ويكشف العمل عن قصص حقيقية لمجموعة من أبطال المقاومة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزى منذ اندلاع الثورة حتى عام ١٩٢٤، من خلال أبطال وشخصيات حقيقية خاضوا معارك وتضحيات جريئة من أجل الاستقلال، لتكشف للأجيال الصغيرة مدى حب المصريين لبلدهم.
و«الهلباوى»، شخصية حقيقية كانت من بين أعضاء حركات المقاومة للاستعمار الإنجليزى «أحد أفراد المقاومة السرية»، ولكن هو شخصية مركبة يشهد تحولًا مفاجئًا لتتحول الأحداث بالنسبة للخط الدرامى له رأسًا على عقب بسبب المال.
■ ما الصعوبات التى واجهتك خلال فترة التحضير والتصوير؟
- تفاصيل الشخصية كانت ممتعة ومرهقة جدًا، لأن «الهلباوى» كما قُلت شخصية مركبة ولها شقان مختلفان تمامًا، إضافة إلى أن العمل تم تصويره على مدار ٣ سنوات بشكل متفرق، فقد بدأنا التصوير فى ظروف «كورونا»، وتوقفنا أكثر من مرة، ولعل هذا كان أصعب شىء، لأننا كنا نصور على فترات متباعدة وندخل فى أعمال فنية أخرى، أى ننفصل تمامًا عن الشخصية ثم نستأنف التصوير ونعود عودة كاملة لها بنفس الحماسة فى فترات متباينة، وهناك بعض المشاهد تم تصويرها فى درجة حرارة منخفضة جدًا جدًا ومشاهد الأكشن أيضًا.
وهنا يجب أن أتوجه بالشكر للجهة المنتجة التى أنفقت على العمل واحتفظت بمواقع التصوير لفترات طويلة والملابس، وهنا لا يمكن أن ننكر براعة مصممة الأزياء ناهد نصرالله فى اختيار وتصميم الملابس وإصرار شركة «سينرجى» على تقديم العمل بصورة مشرفة وتقنية عالمية، مهما تكبدت من تكاليف، وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، كنا نتخطاها فى ظل وجود القائد المخرج مروان حامد.
■ كيف وجدت تكرار التعاون مع المخرج مروان حامد؟
- فخور وسعيد جدًا بتكرار بالتعاون مع المخرج الكبير مروان حامد، وأتمنى التعاون معه مرارًا وتكرارًا، حقيقى رجل عبقرى تنطبق عليه مقولة «ابن الوز عوام»، فهو مخرج واعٍ ودارس ومتمكن، وله تكنيك خاص فى الإخراج، ورؤية إبداعية مختلفة فى استخراج أفضل ما فى الفنان أمام الكاميرا بكل بساطة واحترافية، ويهتم بكل تفصيلة.
التعاون معه له طعم ثانٍ، وللأمانة فريق عمل المسلسل كله يستحق التحية والتقدير على ما بذلوه لخروج المسلسل بصورة ممتازة وقوية أبهرت المشاهدين، كما أشكر شركة «سينرجى»، التى وفرت كل الإمكانات اللازمة للعمل، كما أنها أعادت الريادة للسينما وأيضًا للدراما المصرية بالتعاون مع الشركة المتحدة، من خلال إنتاج متنوع ومحتوى هادف بمضمون مهم.
■ ما رؤيتك للمشاركة ومنافسة نفسك فى موسم عيد الأضحى بفيلمين دفعة واحدة «كيرة والجن» و«عمهم»؟
- لا أعتبرها منافسة ولا أستلطف المصطلح نفسه، لأن كل عمل له توليفة خاصة وجمهور، ويبتعد نهائيًا عن الآخر.
ومشاركتى فى فيلمين أمر طبيعى؛ أما طرحهما فى التوقيت نفسه فهو أمر لم يأت إلا عن طريق المصادفة، فمثلًا «كيرة والجن» كان من المقرر أن يعرض فى وقت سابق إلا أن ظروف انتشار فيروس كورونا اللعين عطلتنا وتوقفنا أكثر من مرة، وصورنا كما قلت على مدار ٣ سنوات، أما «عمهم» فتم تصويره بداية العام الجارى وتوقفنا فترة شهر رمضان لانشغال الجميع وارتباطنا بالأعمال الدرامية، ثم تم استئناف التصوير وتحديد موعد عرضه، وهذه الأمور تخص الجهات المنتجة وليس لنا تدخل نهائيًا فى موعد طرح أى عمل سينمائى.
■ ما الذى جذبك للمشاركة فى «عمهم» خاصة أنك قدمت من قبل دور «المعلم» فى أكثر من عمل سينمائى و درامى؟
- أختلف معكِ فى هذه النقطة.. لا أكرر نفسى مرتين وأحرص دائمًا على الاختلاف والتنوع فى أدوارى، ولا يوجد وجه مقارنة بين مثلًا المعلم سراج زرزور فى «إبراهيم الأبيض» أو المعلم وهبة فى «موسى»، أو هتلر الذى قدمته فى «نسر الصعيد»، كل شخصية منهم لها بُعد ومسار يختلف تمامًا عن الآخر والخط الدرامى والسيناريو لا يمت للآخر بصلة، وفيلم «عمهم» أكشن كوميدى كتبه المؤلف وسام صبرى باحترافية، واستمتعت كثيرًا بالتعاون مع فريق العمل بأكمله مجموعة شباب كلهم مميزون، أمثال أحمد خالد صالح ومحمد ثروت وأيتن عامر ومحمد سلام.
■ كيف استقبلت ردود أفعال الجمهور على فيلم «عمهم»؟
- الحمد لله ردود الأفعال فاقت التوقعات منذ طرح الفيديو الترويجى، والجميع تساءل عن اللوك الذى أظهر به خلال الفيلم وطبيعة الشخصية، كما أن النجم محمد إمام له شعبيه كبيرة وردود الأفعال إيجابية للغاية، وأتمنى النجاح والتوفيق لى ولزملائى وكل المشاركين بأفلام فى دور العرض.
■ وماذا عن التعاون مع المخرج حسين المنباوى وكواليس التصوير؟
- حسين المنباوى مخرج مميز يهتم بكل تفاصيل العمل، وهذا ليس التعاون الأول بيننا، فقد تشرفت بالعمل معه من قبل فى مسلسل «عد تنازلى»، فهو مخرج لديه رؤية مختلفة، ويستطيع أن يخرج من الممثل أفضل ما عنده أمام الكاميرا، ويخلق روح الأسرة المتعاونة فى اللوكيشن، ويحرص على خروج العمل فى أفضل صورة ممكنة.
وكواليس التصوير كانت رائعة للغاية، وشعرت بالحزن الشديد بعد انتهاء التصوير، خاصة أننى شعرت بأن «اللوكيشن» أسرتى، واستمتعت كثيرًا بالتعاون مع محمد إمام، هو محترم وخلوق وله منطقته الخاصة وبيننا كيميا خاصة فى العمل، وأقدم خلال الفيلم دور رئيس عصابة «المعلم صقر».
■ ألم تواجه أى صعوبات فى شخصية «المعلم صقر»؟
- بغض النظر عن شخصية «المعلم صقر»، أى شخصية أقدمها فى عمل تكون بمثابة تحدٍ لى، وتحتاج إلى دراسة قوية لكى أفهم أبعادها، وتحتاج لتحضيرات وقراءة لمعرفة كل ما يتعلق بها، وبالتالى أبذل مجهودًا كبيرًا من أجل تقديمها بشكل يقنع الجمهور وتنال إعجابه.
هل توقعت نجاح شخصية «الهلباوى» والفيلم بوجه عام؟
- شخصية «الهلباوى» مميزة وقريبة إلى قلبى جدًا بين كل الشخصيات التى قدمتها وأنا على يقين أنها ستكون نقطة تحول وخطوة ومحطة فارقة فى مشوارى الفنى، فقد أخرجت خلالها مهارات تمثيلية ذكرتنى بروح العمل على المسرح، وحالة من التناغم التمثيلى رهيبة بين فريق العمل كله، والذى عمل على تقديم شىء هادف يجذب الجمهور ويحترم عقليته ووطنه وتاريخه، وتتوافر فيه جميع عناصر النجاح.