البطريرك يونان يشارك في قداس عيد الرسل بالفاتيكان
شارك البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، في القداس الإلهي الذي ترأّسه البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان بمناسبة عيد هامتَي الرسل القديسين مار بطرس ومار بولس وذلك في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.
احتفل بصلاة القداس الإلهي صاحب الكردينال جيوفاني باتيستا راي عميد مجمع الكرادلة، وشارك فيها عدد كبير من أصحاب الكرادلة وأصحاب السيادة رؤساء الأساقفة والأساقفة وكهنة من مختلف أنحاء العالم، فضلًا عن جماهير وحشود غفيرة من المؤمنين الذين قَدِموا من أماكن وبلدان عديدة للمشاركة في هذه المناسبة ورافق غبطةَ أبينا البطريرك، المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
كما شارك في هذه المناسبة وفدٌ يمثّل البطريرك المسكوني برتلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية للروم الأرثوذكس، بحسب العادة السنوية، بحيث يوفد البطريرك المسكوني ممثّلين عنه للمشاركة في هذه المناسبة، وبالمقابل يوفد البابا ممثّلين عنه للمشاركة بعيد القديس أندراوس شفيع الكرسي القسطنطيني.
وجلس البطريرك في المقدّمة، الأول إلى جانب البابا، في الصفّ الأمامي الأول المخصَّص للكرادلة والأساقفة، في بادرة والتفاتة خاصّة تحمل في طيّاتها دلالات على ما للكنيسة السريانية الأنطاكية من احترام وتقدير خاصّ لدى الكرسي الرسولي.
خلال القداس، منح البابا درع التثبيت "الباليوم" لرؤساء الأساقفة الأربعة والأربعين الجدد الذين عُيِّنُوا خلال العام المنصرم، وذلك بحسب العادة المتَّبعة في الكنيسة اللاتينية.
وألقى البابا فرنسيس موعظة روحية أكّد فيها على أنّ "إعلان الإنجيل ليس محايدًا، ولا يترك الأمور كما هي، ولا يقبل التسوية مع منطق العالم، بل على العكس، يشعل نار ملكوت الله حيث تسود الآليات البشرية للسلطة والشرّ والعنف والفساد والظلم والتهميش"، منوّهًا إلى أنّ "شهادة الرسولين العظيمين بطرس وبولس تعيش اليوم مجدّدًا في ليتورجية الكنيسة. قال ملاك الرب إلى الأول، الذي أرسله الملك هيرودس إلى السجن: "قُمْ على عَجَل"، أمّا الثاني، وإذ يلخِّص حياته كلّها ورسالته، يقول: "جاهَدتُ جهادًا حسنًا". لنلقِ نظرةً على هذين الجانبين - النهوض على عجَل ومجاهدة الجهاد الحسن - ولنسأل أنفسنا ما الذي يقترحانه على الجماعة المسيحية اليوم، فيما تتمُّ العملية السينودسية".
ولفت إلى أنّنا "نحن أيضًا، كتلاميذ للرب وكجماعة مسيحية، مدعوون لكي ننهض على عَجَل، على مثال بطرس، لكي ندخل في ديناميكية القيامة ونسمح للرب أن يقودنا على الدروب التي يريد أن يرينا إيّاها... إنّ السينودس الذي نحتفل به يدعونا لكي نصبح كنيسة تنهض وتقف، غير منغلقة على نفسها، قادرة على أن تدفع نظرها إلى ما هو أبعد والخروج من سجونها لكي تذهب للقاء العالم. كنيسة بلا قيود وجدران، يشعر فيها الجميع بالاستقبال والمرافقة، ويتمّ فيها تعزيز فنّ الإصغاء والحوار والمشاركة، تحت سلطة الروح القدس الوحيدة. كنيسة حرّة ومتواضعة، "تقوم على عجَل"، ولا تتباطأ، ولا تؤخّر تحدّيات اليوم، ولا تبقى في الحظائر المقدسة، بل تسمح بأن يحرّكها شغف إعلان الإنجيل والرغبة في الوصول إلى الجميع واستقبال الجميع".
وأشار إلى أنّ "بولس الرسول يشير إلى المواقف التي لا تُعَدّ ولا تُحصى، والتي تميّزت أحيانًا بالاضطهاد والألم، والتي لم يوفِّر فيها نفسه في إعلان إنجيل يسوع. والآن، في نهاية حياته، يرى أنّه لا تزال هناك في التاريخ معركة كبيرة قائمة، لأنّ هناك كثيرين غير مستعدّين لقبول يسوع، ويفضِّلون اتّباع مصالحهم الخاصّة ومعلِّمين آخرين. لقد جاهد بولس جهاده، والآن بعد أن أنهى السباق، يطلب من تيموثاوس وإخوة الجماعة أن يواصلوا هذا العمل بالسهر والإعلان والتعليم: باختصار، يجب على كلّ فرد أن يتمِّم الرسالة الموكَلة إليه ويقوم بدوره".
وتساءل: "ماذا يمكننا أن نفعل معًا، ككنيسة، لنجعل العالم الذي نعيش فيه أكثر إنسانية، وأكثر عدلًا، وأكثر تضامنًا، وأكثر انفتاحًا على الله والأخوَّة بين البشر؟ لا يجب علينا بالتأكيد أن ننغلق على ذواتنا في حلقاتنا الكنسية، وأن نثبت أنفسنا في بعض مناقشاتنا العقيمة، وإنّما علينا أن نساعد بعضنا البعض لكي نكون خميرًا في عجينة العالم. معًا يمكننا، بل يجب علينا أن نعمل من أجل رعاية الحياة البشرية، وحماية الخليقة، وكرامة العمل، ومشاكل العائلات، ووضع المسنّين والذين تمّ التخلّي عنهم، والمنبوذين والمحتقَرين. باختصار، علينا أن نكون كنيسة تعزّز ثقافة الرعاية والرحمة تجاه الضعفاء، وتكافح ضدّ جميع أشكال التدهور، بما في ذلك تدهور مدننا والأماكن التي نتردّد عليها، لكي يسطع فرح الإنجيل في حياة كلّ فرد: هذا هو جهادنا الحسن".
وختم موعظته قائلًا: "أيّها الإخوة والأخوات، اليوم، ووفقًا لتقليد جميل، يتلقّى رؤساء الأساقفة المعيَّنون حديثًا درع التثبيت. وبالشركة مع بطرس، يُدْعَون لكي "يقوموا على عجَل" ليكونوا حرّاسًا متيقّظين للقطيع و"يجاهدوا الجهاد الحسن"، ليس بمفردهم أبدًا، وإنّما مع شعب الله المقدّس والأمين... لِنَسِرْ معًا، لأّننا فقط معًا يمكننا أن نكون بذارًا للإنجيل وشهودًا للأخوَّة. ليشفع بنا القديسان بطرس وبولس، وبمدينة روما والكنيسة والعالم بأسره".