شاذلى فرح: أعداد الحضور فى عرض واحد بالقرية تساوى جمهور شهر فى العاصمة
من مدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان، قدم إلى القاهرة ليتلقى تعليمه الجامعى، وفى العاصمة شق طريقه فى التأليف والإخراج المسرحى، لتتدرج موهبته مع «أبو الفنون» ويقدم الكثير من الإبداعات خلاله، ليتولى حاليًا إدارة فرق المسرح بالأقاليم بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إنه المسرحى الكبير شاذلى فرح.
حصل «فرح» على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية فى التأليف عام ٢٠١٦ عن مسرحية «ليل الجنوب»، وجائزة «أفضل دراماتورج» عن مسرحية «حريم النار»، المأخوذة عن مسرحية «بيت برنارد ألبا» للشاعر الإسبانى غارسيا لوركا، وكان آخر الجوائز التى حصل عليها، جائزة أفضل تأليف فى مهرجان نوادى المسرح الذى أقيم خلال الشهر الجارى.
ومن أهم النصوص التى قدمها «فرح» للمسرح، «حريم النار، وليل الجنوب، وهاى يا ليلة»، كما أخرج عددًا من العروض المهمة، منها «الغجرى، وشفيقة ومتولى، والطوق والأسورة، وحلم يوسف، والرجل الذى أكل الوزة»، كما قدم للدراما التليفزيونية عددًا من المسلسلات الناجحة، منها «بت القبايل، وقاضى الدم».
وخلال حواره مع «الدستور»، يتحدث شاذلى فرح عن جوانب من مسيرته فى عالم المسرح، ورؤيته للعمل المسرحى فى الأقاليم، وغيرها من الموضوعات.
■ حدثنا عن نص «حريم النار» الفائز بجائزة أحسن مؤلف فى مهرجان نوادى المسرح فى دورته الـ٢٩؟
- يدور النص حول ٥ فتيات مر عليهن قطار الزواج، محبوسات بالمنزل فى سجن العادات والتقاليد التى تمارسها عليهن الأم التى كانت تمارس عليها العادات والتقاليد البالية فى الجنوب من قبل.
الفتيات الخمس يقعن فى حب شاب، ويحدث بينهن صراع عليه، ويتحدث النص عن كبت البنات فى بيئة منغلقة ولا مجال ليخرجن من باب المنزل، وكانت الإشارة فى آخر العرض، إطلاق النار فى المنزل ليخرجن منه وينشرن الأمل والسعادة.
■ من أين جاءت فكرة النص؟ وكيف وصل للمخرج؟
- جاءت فكرة النص من نساء الجنوب والعادات والتقاليد والطقوس الخاصة ببيئة الجنوب، فأنا مهتم بذلك، وأنا كل نصوصى متاحة عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، ويتداولها الكثير من الشباب، وعند عرضها تتاح لى الفرصة أحيانًا لحضورها، ومعاينة تفاعل الجمهور.
■ هل هناك خصوصية معينة للكتابة لمسرح الأقاليم؟
- مسرح الأقاليم مسرح متفرد، توجد به مجموعة كبيرة من الكتاب من مختلف أنحاء الجمهورية، وللكتابة به سمات خاصة مميزة، وتتنوع وفقًا لتنوع البيئة، فالجنوب غير بورسيعد أو سيناء أو الإسكندرية.
■ كانت لك بعض التجارب ككاتب للدراما التليفزيونية، لكنك ما زلت متمسكًا بالكتابة للمسرح.. ما السبب؟
- المسرح هو عشقى الأول والأخير، والكتابة الحقيقية هى للمسرح، ففى الكتابة المسرحية يصنع الكاتب عالمًا أوسع من خشبة المسرح الضيقة، عالمًا تجد فيه الكثير من المتعة والفن، بينما الكتابة للتليفزيون أكثر واقعية وتعتمد على احترافية الكاتب بالأكثر.
■ الكثير من نصوصك يدور فى بيئة الجنوب.. لماذا تفضل البقاء داخل هذا العالم واستثماره فى معظم أعمالك؟
- الجنوب بيئة تشربتها تمامًا، مثل أى إنسان جنوبى، نشأت سمعيًا وبصريًا على فنون الكف، وفن النميم، وفن الواو، والمنشدين، مثل أحمد برين وأمين الدشناوى وعبدالنبى الرنان، وفنانى الكف مثل رشاد عبدالعال، وكذلك فن الحداء، والعديد من أغانى الخطوبة والحنة والميلاد والزواج، فالإنسان فى الجنوب لديه ثقافة سمعية وبصرية غنية ومتنوعة تربى عليها، فأنا لست كاتبًا رائعًا بقدر ما أنا عاكس ربما لبيئة رائعة، ورغم ذلك فلى عدة نصوص أخرى ليست لها صلة بالجنوب.
■ لماذا يلجأ شباب المخرجين إلى النصوص الأجنبية لتقديمها على خشبة المسرح بدلًا من النصوص المصرية؟
- فى البداية توجد مشكلتان، الأولى عقدة الخواجة، رغم أن هناك نصوصًا أجنبية كثيرة لا ترتقى أو لا تلائم مجتمعاتنا، وتحتاج إلى «دراماتورج» وتفكيك وأشياء كثيرة أخرى، والمشكلة الثانية فى اعتقاد بعض المخرجين بأنه حين يقدم نصًا عالميًا أو أجنبيًا يصبح دوليًا.. لذلك عند تقديمنا النصوص الأجنبية يتساءل الغرب: أين الثقافة الخاصة بك؟ أين الموروث؟ أين طعمك؟ والحقيقة أنه كلما أغرقنا فى المحلية نصل للعالمية.
■ فرق قصور الثقافة المسرحية تقدم عروضًا جيدة بأقل التكاليف.. هل هناك صلة بين جودة المنتج المسرحى وتكاليف الإنتاج؟
- مسرح الثقافة الجماهيرية هو مسرح غنى فكريًا، وعروض مسرح الثقافة الجماهيرية قابلة لأن تعرض فى كل الأماكن المفتوحة فى الشارع، والمكتبات، والقاعات، والهيئة العامة لقصور للثقافة موجودة فى كل محافظات الجمهورية من مرسى مطروح لأسوان، وهى خط الدفاع الأول والأخير عن المسرح المصرى، وتعتبر معملًا ومفرخة للكُتّاب والمخرجين ومهندسى الديكور.
■ حققت تجربة مسرح «المواجهة والتجوال» والمسارح المتنقلة ٧ ملايين مشاهد حتى الآن فى قرى ونجوع مصر خلال الـ٦ أشهر الأخيرة.. ما تقييمك للتجربة؟
- اليوم جمهور النجوع والقرى والكفور والأحياء يشاهد مسرحًا، هذا شىء عظيم، والجمهور يحتاج لمسرح هو عطشان له.
ويوجد شيئان يسهمان فى تجميع الجمهور: «الفنون الشعبية والمسرح» لهما جمهور كبير على عكس الندوة، ومن حيث الجمهور فإن ليلة عرض واحدة فى نجع أو قرية يحضرها جمهور يساوى جمهور ٣٠ ليلة عرض فى مسرح بالعاصمة.
■ هل تختلف قضايا المرأة فى الصعيد عنها فى القاهرة والإسكندرية؟
- الصعيد اليوم غير أمس غير الغد، يوجد تطور كبير وإن كان بعض العادات والتقاليد البالية ما زال موجودًا حتى الآن، قضايا المرأة فى الصعيد متشابهة إلى حد ما مع قضايا المرأة فى العشوائيات والأحياء الشعبية أو المجتمعات البدوية.
■ بوصفك مديرًا لمسرح الأقاليم.. كيف ترى مأزق مسرح الطفل الآن؟
- فى الحقيقة مسرح الطفل فى أزمة حقيقية، فمستوى الإنتاج يعكس ضيق الأفق وعدم قدرة كثير من الكُتاب والمخرجين على مجاراة خيال الطفل سواء عبر الدراما أو عبر المؤثرات البصرية والتكنولوجية، لدينا ندرة حقيقية فى كتاب مسرح الطفل.
■ كيف ترى المسرح المصرى الآن؟ هل نستطيع القول إن المسرح عاد بكامل طاقته ونشاطه بعد أزمة كورونا؟
- هناك نشاط إلى حد بعيد صحيح، فالهيئة العامة لقصور الثقافة تقدم ٥٠٠ عرض فى العام، والبيت الفنى للمسرح يقدم ٢٠ مسرحية فى العام، والبيت الفنى للفنون الشعبية يقدم ٥ مسرحيات فى العام، والفرق المستقلة، والفرق الحرة، والجامعات، والمسرح العمالى والمعاهد والمدارس، كل ذلك ينتج نحو ٥٠٠٠ عمل مسرحى، وهذا شىء عظيم يصعب أن تجده فى كثير من دول العالم.