«أغلب المعابد الموجودة تهالكت».. كيف عاش اليهود والمسلمون فى مصر؟
في أول نوفمبر لعام 1971 أجرى عبدالوهاب مرسي تحقيقًا صحفيًا حول التغيرات التي طرأت على حارة اليهود.
وصف «مرسي» الحارة بأنها حي يضم شياختين وشوارع وحارات وأزقة، يسكنها حوالي خمسة وعشرين ألف مواطن، ثمانية عشر منهم يعتنقون الديانة اليهودية.
وأشار إلى أن اليهود الذين لم يبيعوا أملاكهم وقت الهجرة لم يسمحوا لأحد أن يقيم في منازلهم التي تركوها، حسبما يروي الكاتب محمد الشماع في كتابه «الشعب يبدي رأيه في كل ما حدث».
أما المعابد التي كانت في حارة اليهود، فسرد «مرسي» أن معبد «راب إسماعيل» يوجد في 13 شارع السقالة، وكذلك معبد موسى بن ميمون يطلق عليه اسم معبد «هرمبان» يقع في 15 درب محمود، بالإضافة إلى معابد تركية والأستاذ وراب حايين كابوس ومعبد زامرا وكذلك معبد اليعود الفدائية.
ولفت «الشماع» في كتابه إلى أن أحد المتحدثين باسم الطائفة اليهودية في مصر عام 1971، أكد أن أغلب المعابد الموجودة تهالكت، ودخلت في سياق المعابد الأثرية القديمة، وأغلقت أبوابها لقلة أعداد اليهود في مصر وقتها، لكنها بقيت باعتبارها أماكن عبادة وتقديس.
ويروي، أنه في فترة أوائل السبعينيات، تناقص أعداد اليهود في الحارة من خمسة آلاف عام 1939، ليصبح حوالي 18 يهوديًا من العجزة والأرامل عاشوا في ملجأ «العبري الأودش» الذي تشابه تصميمه بمنازل الفلاحين في الريف المصري.
تكون الملجأ من طابقين وعشرين غرفة، وعلى باب كل غرفة أنبوبة معدنية صغيرة مثبتة بمسامير وبه فتحة صغيرة بداخلها آية من التوراة يُتبرك بتقبيلها صباحًا ومساًء. ولم يخل "الأودش" من عائلات المسلمين، عاشوا جميعًا في سلام وتآخ.
ومن بين الشخصيات الشهيرة التي عاشت في الملجأ، الأستاذ موريس ليفي، الذي حكى لـ"مرسي"، أنه ولد في مصر مايو 1914 وحصل على شهادة من مدرسة الأليونز الابتدائية التي تغير موقعها من «جامع البنات» إلى «درب الجماميز» ثم إلى «العباسية»، وعاش حياته وحيدًا باستثناء عشرة أشهر قضاها رفقة زوجته جوديثشتريث التي تزوجها في نوفمبر 1945 وتوفيت في سبتمبر 1946 وهي تلد أول أبنائهما ما دفعه لعدم الزواج من أخرى.
وأكد "ليفي" في روايته لـ"مرسي" أن الطائفة اليهودية تدفع إعانات شهرية للعجائز اليهود تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة عشر جنيهًا وفقًا للمركز الاجتماعي السابق وعدد أفراد الأسرة، بالإضافة إلى توفير مسكن وعلاجمجانيًا.
عاش المسلمون واليهود في سلام، إذ روى "ليفي" أن شقيقته عاشت مع زوجها الفرنسي في مصر، وهاجرت إلى فرنسا، وهناك تلقت دعوة مغرية للانتقال إلى إسرائيل، لكنهم رفضوا واستقروا في فرنسا بسبب ما لاقاه المهاجرون من مصر إلى هناك، تم معاملتهم معاملة رديئة، أصابتهم بخيبة، إذ لاقوا تمييزًا بينهم وبين اليهود الغربيين.
وفي رواية أخرى، شهد الحاج عبداللطيف فوزي أمين في تحقيق "مرسي" أن اليهود منعوا أي إنسان من دخول الحارة ما عدا الحرفيين والعمال في محلات الأقمشة.
كان فؤاد أمين، أشهر حانوتي في القاهرة، مسلم يعمل في حفر القبور الرخام في مقابر اليهود في البساتين ومصر القديمة وبجوار جامع عمر. ورث مهنة دفن الموتى من حانوتي يهودي يدعى يوسف حامي.
لقّب اليهود فؤاد أمين بالـ«عمدة» إذ تولى دفن موتاهم، يحصل على ثلاثين جنيهًا لدفن المعدم تتكفل بها الطائفة اليهودية، ويختلف المقابل من شخص لآخر حسب أحواله المادية.