قمة شرم الشيخ.. تحصين الرؤية نحو استراتيجيات فهم المنطقة
قد تبدو قمة "مصر والأردن والبحرين".. مجرد جهد سياسي يتفاعل مع صورة الواقع الجيوسياسية للمنطقة، ونطاق فهم عملية استراتيجية، يتوقعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي، استضاف ملك الأردن، عبدالله الثاني وملك البحرين حمد بن خليفة في جهد مطلوب لرسم خارطة طريق للتفاعل بين المنطقة والخليج العربي وشمال إفريقيا، وطبيعة الرؤية الأمنية للدول الثلاث، بكونها نموذجية في صراع استراتيجيات التفاوض والعلاقة والفهم الموازي لأزمة العالم في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وواقع العلاقة المتباينة مع الكيان الإسرائيلي المحتل لفلسطين، وبالتالي العلاقة الأهم مع الولايات المتحدة الأميركية، بكونها القوة التي تتفاعل مع واقع العالم والمنطقة بما في ذلك محطات الصراع والاستقرار واستشراف المستقبل.
* هل قمة شرم الشيخ تحقق مفهوم متقارب دال على "شراكة استراتيجية"؟.
الحراك السياسي والأمني، والرؤى الاقتصادية المشتركة، وتبادل التصورات لمواجهة الإرهاب والتطرف، والأمن الغذائي والخروج من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وفهم مستقبل جيوسياسية لثلاث كتل جغرافية، وقومية، وحضارية، بينها تاريخ مشترك ولغة وتباين اقتصادي، بات في حاجة إلى تنسيق وإعادة التنمية المستدامة للواقع الذي يتمثل بقوة مصر والأردن والبحرين، ودول أخرى إقليميا وأمنيا، برغم أن العلاقات مع الآخر، في المحيط الأمني والاستراتيجية، يدخل الدول في متاهة الراعي الأمريكي لتباين التصورات السياسية والنظرة نحو استشراف المستقبل، في العلاقة مع:
* أولًا:
إسرائيل ككيان محتل للأراضي الفلسطينية المحتلة.
* ثانيًا:
إيران، ككيان دولة أيديولوجية إسلامية، لها أجندتها في بلادها ودول أخرى، وتعد داعمة للكيانات الشيعية وتكتلاتها، وموقفها من الإرهاب والتطرف.
* ثالثًا:
قوة الدول العربية، برغم الأزمات السياسية والأمنية في أغلب البلدان، إلا أن جامعة الدول العربية، كيان جامع، له ميثاقه وقوته كمؤسسة أممية وعربية ودولية.
* رابعًا:
دول مجلس التعاون الخليجي، ونطاق قوتها الاقتصادية، والسياسية، ومدى احتياجاتها الاستراتيجية المهمة لمرجعيات سياسية مركزية كمصر والأردن، عدا عن تكافل دول الخليج وفق المجلس الذي له مكانته في المنظمات والأحلاف والتكتلات الكبرى، بما في ذلك الموقف من الأزمة التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية.
لقاء يعزز فهم الآتي.
لعل ما وفرته جمهورية مصر العربية، من استراتيجية للقاء والحوار، في أجواء، غالبًا توصف بالأخوية، في منتجع شرم الشيخ، لتتكامل قمة ثلاثية بين الرئيس المصري ملك الأردن وملك البحرين، في محاولة لتعزيز قوة استراتيجية، تكون منصة لفهم الآتي في جميع الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية.
.. وقد حدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تطلع مصر إلى تعزيز التعاون البناء مع الأردن والبحرين، بما يدعم ويحقق المصالح المشتركة وبما في ذلك كل ما يعزز جهود العمل العربي المشترك، بما في ذلك دعم مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية ومنظمة التضامن الإسلامية.
.. القمة، حدث سياسي، أمني، يتواصل مع أجندات موسعة تشهدها المنطقة والعالم، وهي قمة تتناول:
- مسارات التعاون الثنائي البناء بين الدول الثلاث.
- التنسيق المتبادل تجاه مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك.
- قراءة آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجه المنطقة.
* بين جولة بن سلمان وبايدن..!
قد تكون حيثيات قمة شرم الشيخ، أنها:
أ) رحبت بالقمة المرتقبة أن تستضيفها السعودية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الأردن ومصر والعراق في 16 الشهر المقبل.
ب) الحرص على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعظم من استفادة الدول الثلاث من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون بينها، فضلاً عن كون هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي وإعادة التوازن للمنطقة، في ضوء الأهمية المحورية لمصر والبحرين والأردن إقليمياً ودولياً".
ج) أهمية الجولة المرتقبة للأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، التي تبدأ الإثنين المقبل، وتشمل مصر والأردن وتركيا.
د) تقييم ملفات التبادل المشترك، قبيل قمة شرم وخلاها، وفق زيارة ملك البحرين وملك الأردن، ذلك أن جولة ولي العهد السعودي "إلى الأردن ومصر وتركيا" تأتي استشرافية قبل القمة الأمريكية الإقليمية في جدة الشهر المقبل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي والملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
ه) كل التحليلات أن بايدن في قمة جدة، يتناول، بجدة ورؤية سياسية اقتصادية أمنية، موضوعات ذات صلة بأزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا واليمن والملف النووي الإيراني والأمن السيبراني والأمن الغذائي، وحماية الحلول الاقتصادية في مجال النفط والغاز.
و) الأردن ومصر والبحرين، وبثقلهما في الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والشرق الأوسط، أعادت للعالم التأكيد على أن أهمية إحلال الاستقرار ومكافحة الإرهاب، والتطرف،هي بالمحصلة جهد أمني لحماية مجتمعاتنا والعالم من أشكال الإرهاب.
* رؤية سياسية.. رؤية تخطط للمستقبل.
يمكن فهم طبيعة وتوقيت قمة شرم الشيخ، إذ عقد الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، لقاء ثلاثيا بمدينة شرم الشيخ المصرية، في محطة سياسية استشرافية، فيها قيمة الاعتزاز والإنجاز، بالعلاقات الأخوية الراسخة والمتميزة التي تجمع الأردن ومصر والبحرين، مؤكدين حرصهم على إدامة التنسيق إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك:
* محور أول:
ضرورة توسيع التعاون بين البلدان الثلاثة في مختلف المجالات، بما يحقق تطلعات شعوبهم، ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
* محور ثاني:
شدد القادة، خلال القمة التي استقبلها الرئيس السيسى، على أهمية تكثيف العمل من أجل مواجهة تحديات الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار وتكلفة الطاقة، الناجمة عن التطورات الدولية.
* محور ثالث:
تطرقت القمة إلى آخر التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إذ تم التأكيد على ضرورة دعم الأشقاء الفلسطينيين في مساعيهم لنيل حقوقهم العادلة والمشروعة في قيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين.
* محور رابع:
تناولت القمة الثلاثية، في إطار تنسيق المواقف والتشاور الدائم، الأزمات التي تمر بها المنطقة ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها، إضافة إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب ضمن نهج شمولي.
.. تشهد المنطقة والشرق الأوسط، ذلك الحوار السياسي التلقائي المبنى على إيرادات إقليمية، ناهضة، مصر والأردن، دول الخليج العربي، وهي تتألم مع المتغيرات الجيوسياسية الأمنية والسياسية بعيدة المدى وتحصن بلادها بالرؤي الاقتصادية وأدوات المواجهة الذاتية.
.. العالم، يستشرف المستقبل معنا، لهذا تأتي مثل هذه القمم التي تحدث الفرق.
- [email protected]
- مدير تحرير في جريدة الرأي الأردنية