ثقافة ما بعد كورونا.. كتاب يرصد «الفيروسات الثقافية» وكيفية مواجهتها
صدر مؤخرا عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود كتاب "ثقافة ما بعد الكورونا .. الفيروسات الثقافية المواجهة والعلاج والطريق نحو المستقبل " الكاتب والباحث محمد سيد ريان ، يأتي الكتاب في 213 صفحة من القطع المتوسط.
ويقدم الكتاب عبر صفحاتها رؤية حول شكل الثقافة وأدواتها، إلى جانب صعود الفئات التى تخطط للسياسات الثقافية بعد مرحلة الجائحة"كورونا".
ويتناول الكتاب القضايا الثقافية في ظل الأزمة الحالية "كورونا"، ويركز على الأبعاد المختلفة لمداخل الموضوع المطروح ، ففى الفصل ركز الباحث على الباحث على قضية الثقافة في ظل مفهوم جديد ومغاير ، وهو وسائل التباعد الاجتماعي التي أفرزتها بشدة الأزمة الأخيرة، خاصة في ظل الإجراءات الوقائية والاحترازية، وطغيان نماذج مؤثرة في مجالات عديدة مثل العمل عن بعد والتثقيف والتعليم عن بعد.
وربط الباحث بين أزمة الثقافة وثقافة الأزمة، وذهب إلى أنها نتيجة إفراز طبيعي لما نعانية في المجالات الاجتماعية والثقافية، نتيجة لنظرة الناس للمثقف، وبعدهم عن الكثير من المفاهيم الثقافية، بل ونظرتهم للمثقف بوصفه شخصا انعزاليا بعيد عن مشاكلهم وهمومهم.
ورأى ريان ان ثمة حراكا فكريا قصير الأمد قد حدث نتيجة ثورات ما أطلق عليه "الربيع العربي" والتى كانت بمثابة تحريك للمياه الراكدة ، فتشجعت الباحثين والمفكرين لإعادة الأمل في تحسين المستويات السياسية والاجتماعية في العالم العربي ، ولم يدم هذا طولا ، نتيجة اشتداد الأزمة مع قيادات الخريف التكفيريين وكانت هناك معركة ثانية للثورة مع الإسلام السياسي والتطرف الديني .
الفيروسات الثقافية
ويعد فصل الفيروسات الثقافية هو المكون الرئيسي لهذا الكتاب والذي يشير الى أنها تسببت في كثير من المشكلات ، والتي ساهمت وتساهم في التأخر الحضاري والثقافي والإنساني بصفة عامة .
والفيروسات الثقافية هي مجموعة المعتقدات والأفكار والقيم الفاسدة التى تصيب البناء الثقافي والحضاري ، ومن أبرز تلك الفيروسات الثقافية التي ساهمت في التأخر الحضاري والثقافي والإنساني بصفة عامة " الجهل بجميع انواعه وابرزها الجهل الديني ، إلى جانب ذلك يأتى التخلف والخرافة ، والأمية ، التطرف والتعصب والتكفير، السلبية ، الخضوع للسلطة، الشخصنة ".
تاريخ مفهوم السياسات الثقافية
يذهب ريان في كتابه إلى تقديم رصد لمعنى ومفهوم السياسات الثقافية كمفهوم جديد ظهر في عام 1960 عبر منظمة اليونسكو، والتى عقدت بدورها العديد من المؤتمرات في هذا الشأن والتى جاء أولها في فبراير عام 1970.
ولفت ريان الى ان ابرز وثائق السياسة الثقافية العربية خطة العمل حول السياسات الثقافية من أجل التنمية الثقافية في الوطن العربي التي اعتمدتها الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي 2002 وتؤكد على أهمية الثقافة باعتبارها عنصر من عناصر التنمية الشاملة والمستدامة والإشارة إلى دور النهوض بالتصنيع الثقافي في الوطن العربي ،وإنشاء سوق ثقافية عربية مشتركة ، وأهمية العمل على تحقيق الأمن الثقافي العربي في عصر العولمة الاقتصادية والثقافية في تحقيق السياسات الثقافية .
وأكد الباحث على أن هناك ثلاثة أشكال رئيسية للسياسة الثقافية أولهما السياسة الشمولية وتلك التي تهيمن فيها الدولة على إدارة الثقافة وحظر أي مساحة ممكنة لأي مبادرات فردية ومجتمعية.
وثاني تلك الأشكال هي السياسة الليبرالية وهي سياسة تترك فيها الدولة حق إنتاج الثقافة وتوزيعها للأفراد والمجتمع المدني دون تدخل منها، وثالث تلك الأشكال هي السياسية التسلطية وهي تجمع بين النوعين بحيث يبدو أن السوق هو المتحكم في نشر الثقافة وإنتاجها.
الناقد الرقمي مجاملا
ويذهب الكاتب سيد ريان الى مناقشة أحد أبرز الظواهر الثقافية المطروحة والتي خلقها الواقع الافتراضي نموذج الناقد الرقمي،ووصفه بأنه غالبا ما يكون مجاملا منحازا وبدون شروط موضوعية .
إلى جانب وجود الناقد الافتراضي المنحاز جاء ميلاد الكاتب الذي يستمد وجوده ونفوذه الثقافي من عدد أصدقائه و ضغطات الإعجاب على صفحته الشخصية،والذي بدوره خلق ظواهر سلبية متمثلة في هيئات ولجان ثقافية منحازة وسلبية.
يختم الباحث سيد ريان كتابه بالإشارة إلى أن هناك العديد من المشكلات الفكرية التي نحتاج فيها مصارحة الذات ،وقضايا ثقافية مسكوت عنها ينبغي أن نبحث فيها ولا نتركها او نتجنبها وعلينا أن نضع حلولا ومخارج كثيرة نحو مستقبل ثقافي آمن .
ويعد الكتاب بمثابة استكمال لمشروع ثقافي المؤلف وصدر له من قبل " تسويق المنتج الثقافي في عصر الثقافة الرقمية "، و "السياسة الثقافية في عهد ثروت عكاشة "، و "القوة الناعمة .. الكنز المصري" .