الكنيسة الكاثوليكية تحيي ذكرى القديس مار أفرام السرياني
تحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم، ذكرى رحيل القديس مار افرام السرياني الشماس ومعلم الكنيسة، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: القديس مار افرام وجه حضاري كبير ومشرق للكنائس الناطقة بالسريانية، وللكنيسة الجامعة فالتراث الديني الوافر، الذي خلفه في مجالات الطقوس واللاهوت والتصوف والروحانيات، يؤلف كنزاً فريداً نعود إليه، لما يحتويه من روح عميقة وأصالة ناصعة، لا سيما في عصرنا، حيث الكل يبحث عن هويته وخصوصيته القومية والفكرية.
وتابع: كانت نصيبين أيام أفرام، مدينة حدودية من الدرجة الأولى، تخضع لسيطرة الفرس الساسانيين تارة والرومان تارة. ومنذ أن أبرمت بينهما معاهدة الصلح سنة 297، جعلت نصيبين مركزا للتبادل التجاري. وهذا الوضع المتميز شجع الحركة الثقافية، فالتقت حضارة ما بين النهرين بالتيارات الفكرية اليونانية، كما كانت ملتقى للأديان. فكان فيها، فرق وثنية متأصلة، وجالية يهودية.
مضيفًا: قد أبصر افرام النور في مدينة نصيبين نحو سنة 306 من والدين مسيحيين "إني ولدت في طريق الحق، ولو إن صباي لم يحس بذلك" وليس من أم مسيحية ديار بكرية وأب كاهن للصنم ابيزال كما يقال عادة.
وواصل: تتلمذ ليعقوب أسقف نصيبين، ونال منه العماد وعمره ثمانية عشر عاما حسبما كانت تقتضيه التقاليد الكنسية آنذاك لم يكن افرام راهبا ناسكا بالمعنى الحصري المألوف، إنما كان منتميا إلى جماعة العهد المنتشرين فيما بين النهرين، المندمجين في النشاطات الراعوية. وإذ توسم فيه يعقوب، أسقف المدينة، توقد الذهن والتقوى والغيرة رسمه شماسا إنجيليا دائما. وعهد إليه التعليم الديني في مدرسة نصيبين، ومن هنا أتاه اللقب الشارح والمرب.
وتابع: توجه افرام في المدرسة وخارجها يعّد البالغين (الموعوظين) لاقتبال العماد، شارحا لهم بأسلوب مشوق ومباشر حقائق الإيمان وقواعد الأخلاق المسيحية. وظل في مهمته حتى بعد وفاة يعقوب أي في زمن خلفائه بابو وولغاش وابراهيم وعندما غزا شابور الثاني مدينة نصيبين عام 363 وسقطت في يده، غادرها افرام مع جمع غفير إلى الرها القريبة، والتي كانت تحت سيطرة الرومان، وكانت مركزا مسيحياً وثقافيا مهما في الرها اتبع مع المعلمين اللاجئين أسسا جديدة للتدريس بسبب الظروف التي صادفوها هناك ففي هذه الفترة كان اتباع آريوس ومرقيون وماني والغنوصية وتلاميذ برديصان يُعيثون فسادا وتستغل الجالية اليهودية الوضع لصالحها. فأخذ افرام ومعاونوه على أنفسهم مهمة الذود عن الإيمان القويم. وهذا الطابع الدفاعي، الهجومي نستشفه من قراءتنا لميامره.
موضحًا: في الرها ألف، ربما لأول مرة في تاريخ المسيحية، جوقة ترتيل مؤلفة من الفتيات العذارى"علمهن خدمة الطقوس وتأدية التراتيل الشجية التي كان يكتبها ويضمنها حقائق الإيمان والآداب، وكثير من هذه التراتيل لا يزال مستعملا في الكنائس الناطقة بالسريانية اثناء صلواتها الرسمية
وتابع: عندما حلت المجاعة بأهالي الرها عام372 ـ 373 فقام أفرام الشماس يدير عملية جمع المعونات لإسعاف المعوزين فذهب هو وتلاميذه يوزعون الطعام والثياب على الفقراء ويجدون مأوى للمشردين، وبسبب المجاعة الشديدة والبرد القارص انتشر مرض الطاعون في المنطقة .فأودى بحياة العديدين من ابناء المدينة ،واهتم افرام بأمر دفنهم في مقبرة الغرباء ،الكائنة في ظاهرها وعلى أثر التعب والسهر تمرض افرام ورقد في الرب 9 يونيه373 .وقد أعلنه البابا بنديكتوس الخامس عشر في 5 أكتوبر 1920م ملفان الكنيسة الجامعة.