شراكة صناعية تحمل آمالا كبيرة.. والكل رابح
مصر والإمارات والأردن.. حلم التكامل العربى يقترب من التحقق
يشهد العمل العربي المشترك صحوة كبيرة تظهر نتائجها في اتفاق الشراكة الثلاثية بين مصر والإمارات والأردن في المجال الصناعي، ما يخدم شعوب المنطقة، ويشجع مزيدا من الدول العربية على الدخول في هذه الشراكة لتحقيق التكامل العربي، وإنهاء عادة الاعتماد على الآخرين لتوفير الاحتياجات الأساسية للشعوب العربية، بحسب محلليين عرب تحدثوا لـ"الدستور".
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي الأهمية الكبيرة للتعاون الثلاثي بين مصر والإمارات والأردن، وتدشين مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة، والتي تمثل تجسيداً واقعياً للهدف المنشود لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي.
ووجه الرئيس السيسي بالتنسيق والتعاون الوثيق بين جميع الوزارات وكل أجهزة الدولة والجهات المعنية؛ للعمل على سرعة تفعيل مبادرة الشراكة والبدء في تنفيذ المشروعات التي تتضمنها في مختلف القطاعات، سعيا للتكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث الأشقاء. حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
ووقعت مصر والإمارات والأردن وثيقة مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" لتطلق الدول الثلاث مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي المشترك. نهاية الشهر الماضي.
وشهد التوقيع بمركز "أدنوك" للأعمال بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور بشر الخصاونة، رئيس مجلس وزراء الأردن، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شئون الرئاسة في الإمارات.
الحلم العربي
قال الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة، إن هذا التعاون والشراكة الثلاثية هي تجسيد للحلم العربي في التكامل الاقتصادي، خصوصا في ظل وجود إطار تجاري وقانوني ومؤسسي يتمثل منطقة التجارة الحرة العربية، والتي تنظم بشكل أو بآخر، العلاقة التجارية بين مصر وبقية الدول العربية، ولدينا تعاون سابق بين مصر والأردن لتأهيل المصانع العراقية، واستمرارا للتعاون انضمت الإمارات لتعطي هذا التعاون زخما أكبر.
وأضاف العمدة في تصريحات لـ"الدستور"، أن كل دولة لديها إمكانيات وموارد تستطيع التعاون من خلالها مع الدول الأخرى، ونحن لا نتحدث هنا عن دعم أو منح، ولكن تعاون تكاملي، فالإمارات الأولى إقليميا من حيث عدد وقيمة الصناديق السيادية، تقترب من ترليون و300 مليار دولار، ولديها ترتيب عالمي في مجالات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
وتابع بقوله: الأردن أيضا متطور جدا في قطاع صناعة الدواء، ونحن لدينا بنية تحتية تحتاج إلى الخبرات الأردنية للنهوض به، لافتا إلى أن القطاع الخاص سيكون أكبر المساهمين والمشاركين في هذا التعاون، بما يرفع كفاءة إنتاج الدول الثلاث، وتحقيق نتائج ملموسة في الواقع.
وأشار العمدة إلى أن حجم الاقتصاد المصري والإماراتي متقارب، مؤكدا أنه طالما توفرت الموارد والإرادة السياسية، فإن النتائج ستظهر على المتوسط، ربما خلال 3 سنوات فقط.
مستقبل المنطقة
يرى المحلل السياسي الأردني الدكتور منذر الحوارات، أن الشراكة الثلاثية تعني أن الأطراف الثلاثة تدرك جيدا أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة مرهون بالاستقرار الاقتصادي ومدى تحققه، وبدون ذلك ستبقى المنطقة أسيرة للغليان والاضطرابات السياسية، مؤكدا أن الاتفاق يمثل قاعدة ارتكاز تؤسس لمستقبل جيد للمنطقة، بعد هذا الاضطراب الذي يسود العالم في أوكرانيا والصراعات بين الشرق والغرب، والحاجة إلى أن تعتمد المنطقة على نفسها أصبحت أمرا مهما جدا.
وأضاف الحوارات في تصريحات لـ"الدستور": ندرك الآن وبسبب ارتفاع كلفة الشحن الدولي وظروف الحرب، الارتفاع الهائل في أسعار السلع، وهناك معاناة وصعوبات بسبب عدم امتلاك التقنيات الكافية في مجال الصناعة، ما يجعلنا أمام حقيقة الحاجة لحل على المديين القريب والاستراتيجي، والاتفاق في هذا التوقيت قراءة واقعية لما يحصل في العالم، ورغبة في إيجاد بيئة استثمارية جاذبة للصناعة والاستثمارات.
وأشار إلى أن التعاون يخدم الأطراف الثلاثة، فمصر لديها طاقة بشرية كبيرة، وثروات طبيعية مثل المياه، فضلا عن العمالة الممتازة والمؤهلة، والأردن لديه كفاءات بشرية على درجة عالية من الخبرة، أثبتت كفاءتها، والإمارات دولة غنية، ولديها حوكمة رشيدة، واتصال معولم قادر أن يفتح الآفاق للدولتين في الاقتصاد ورعاية المشاريع وتطوير الإمكانيات المالية، وبالتالي فإن كل دولة تقدم للأخرى ما تحتاجه، ما يجعل التعاون مجديا، ويحقق فائدة لكل طرف، بما يؤدي إلى تطور مهم في الدول الثلاث على الصعيدين الصناعي والتجاري.
وأكد الحوارات، أننا أمام دول عربية تؤسس لبداية ناجحة للاستثمار المشترك، بما يقنع بقية الدول العربية على الانضمام لهذا التعاون، خصوصا لو بنيت الشراكة على أسس ثابتة عقلانية، توازن بين مصلحة الأطراف، حينها ستشكل نقطة ارتكاز ربما تضم إليها العديد من الدول العربية مستقبلا.
الكل رابح
من ناحيته، قال المحلل السياسي الإماراتي الدكتور جاسم خلفان، إن: الاتفاق بين الدول الثلاث دليل تفاهمات كبيرة حصلت بين القادة، ونحن أمام عمل عربي تعاوني مشترك يصب في مصلحة هذه الدول، والدول العربية الأخرى، مؤكدا ضرورة فتح أبواب الاستثمارات.
وأضاف خلفان في تصريحات لـ"الدستور"، أن: هناك من يملك المال، وهناك من يملك الأرض، وهناك من يملك القوة البشرية، ونستطيع العمل سوية لتأمين احتياجاتنا، واحتياجات الوطن العربي، وفي المحصلة الكل سيستفيد ويخرج رابحا.
وتابع بقوله، إن: الاستفادة لكل بلد حسب وضعه، فالإمارات تستثمر المال، وتستفيد بأرباحه، لكن الفائدة الكبرى أن نحصل على نتاج ما استثمرنا فيه، والدول الأعضاء في هذه الشراكة ستستفيد إذا تم الاستثمار على أرضها، أو ساهمت بالعمالة المدربة، والمنتجات ستوزع على الجميع، ففي الاتحاد قوة، تنعكس نتائجها ليس فقط على الدول الأطراف، لكن أيضا على بقية الدول العربية.
وأشار خلفان إلى أن توقيت هذا التعاون يحمل دلالات كبيرة ومهمة، أبرزها إدراك المعاناة التي يعيشها العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية التي تهدد الاقتصاد العالمي، وقد تتحول لحرب عالمية ثالثة، ولكنها الآن في طور الحرب الاقتصادية، ونرجو أن لا تتدهور الأوضاع أكثر من ذلك.
وأكد أن قادة الدول الثلاث لديهم من النضج الفكري واستشراف المستقبل، ما يدفعهم للتخطيط للتغلب على المشاكل المستقبلية الناجمة عن الوضع الاقتصادي الدولي، لافتا إلى أن هذا التعاون قد يشجع الكثير من الدول العربية للدخول في هذه الشراكة، حينها سنحصل على كل احتياجاتنا، ولن نكون تحت رحمة أحد.