«منتهى الصلاحية».. لماذا يجب أن يرحل بيتسو موسيمانى؟
علمتنا الحياة، وورثنا عن الأساطير، أن أولى قواعد النجاح ألا تكون ضحية لظروف كانت، أو شخوص أو حتى كيانات ومؤسسات.
فى كل السير الذاتية لعمالقة التاريخ بشتى المجالات ستجد فى مقدمة مسببات النجاح التى عددوها، أنه يجب ألا ترتكن إلى الحجج والمطبات.
صحيح، أنا أقر مع الأغلبية التى تعترف بتعرض الأهلى لظلم بيّن وواضح من الاتحاد الإفريقى «كاف»، بإقامة المباراة على أرض الخصم، مع منحه سعة جماهيرية كاملة، لكن فى الوقت ذاته، ووفق قواعد الكبار، فإن هناك أسبابًا نحن مسئولون عنها أدت فى ختام الأمر لتلك الخسارة.
باختصار شديد، نحن كفريق لم نقم بما يجب أن نقوم به تجاه هذه الظروف وتلك المطبات، ولم نتعامل بالكيفية المثلى لكسر هذه المؤامرات إن وجدت بالأساس.
خسر الأهلى من الوداد البيضاوى المغربى بسبب خطأ ساذج فى التمرير بمنطقة خطرة من ياسر إبراهيم.
خسر الأهلى لأن حمدى فتحى لم يمارس الضغط المعتاد، ولم يكن حمدى فتحى الذى نعرفه فى لقطة الهدف الأول.
وخسر الأهلى لأن محمد الشناوى لم يقدر تسديدة مهاجم الوداد بشكل جيد، وبدلًا من التقدم للأمام للاقتراب من الكرة وإغلاق الزاوية، اكتفى بالوقوف تحت العارضة فوصل متأخرًا.
خسر الأهلى لأن بيرسى تاو وصلاح محسن ومحمد شريف لم يتعاملوا مع الثلاثة انفرادات التى أتيحت لهم بشكل جيد.
خسر الأهلى لأن حسين الشحات بدلًا من التسجيل ترك الكرة للوداد فارتد بها ليسجل.
خسر الأهلى لأن محمد هانى الظهير الدولى، ما زال لا يعرف ماهية التغطية العكسية التى تعد «أ ب» أدوار ظهير.
خسر الأهلى لأن وسط الملعب تاه، بفعل عدم اكتمال لياقة الثلاثى العائد من الإصابة أليو ديانج، وحمدى فتحى، وعمرو السولية.
خسر الأهلى لأنه لم يضم بديلًا واحدًا لهم فى الصيف الماضى، فدفع مؤخرًا ضريبة تعرضهم للإجهاد.
خسر الأهلى لأن لجنة التخطيط تركت هذا المركز شاغرًا، وجلست تشاهد موسيمانى يزيد عدد لاعبى الجناح إلى ٧ لاعبين بضم ميكيسونى وتاو، مع تخليه عن أجاى وكهربا.
كل هذه الأسباب وأكثر، تقول إن الجميع، إدارة وجهازًا فنيًا ولاعبين، مارسوا ما يكفى من الأخطاء التى أدت بالنهاية لخسارة مستحقة.
لكن ماذا بعد؟
لا شك لدىّ على المستوى الشخصى أن بيتسو موسيمانى، خاض تجربة ناجحة وستنحاز له الأرقام مهما اختلفنا معه وحوله، بل ستضع ضغطًا كبيرًا على خليفته.
لكن فى حقيقة الأمر أن استمرار «موسيمانى» الذى عانى ضغوطًا كبيرة وحاصرته انتقادات لا حد لها فى وقت المكاسب، سيكون الوضع بالنسبة له أصعب بعد الهزيمة.
كان العامل الوحيد الذى يدفع جمهور الأهلى للصبر على الجنوب إفريقى هو فوزه بدورى أبطال إفريقيا، وقد كانت تجربته فى السنة الأولى أسهل لأنه لم يكن محاصرًا بضغوط التتويج حينما جاء فى ظروف صعبة، بل أسهم بفوز الأهلى بالبطولة مرتين.
بعد خسارة الدورى العام الموسم الماضى، زادت الضغوط، لذلك قدم نسخة هى الأقل، ورغم صعوده للنهائى لكنه لم يقابل فريقًا قويًا بالأدوار الإقصائية وكانت تجربة «وفاق سطيف» خادعة للغاية.
فى الموسم المقبل، وبعد خسارة هذه النسخة ستكون الأمور أصعب والضغوط أكبر، لذلك سيكون من الصعب جدًا التتويج وأنت تلعب تحت الضغط، بعدما فقدت أهم ميزات الموسم الأولى مع بيتسو.
«موسيمانى» لم يكن بارعًا من الناحية الفنية، بل كان بارعًا فى تطويع الظروف واللعبة النفسية، لذلك مكاسبه جاءت بشكل براجماتى ودون أداء ثابت ينال إعجاب الأهلاوية.
حتى وهو يفوز ويتوج بالبطولات دار حوله انقسام حاد، وهذا دليل واضح على أنه لم يكن أبدًا جديرًا بالثقة، ولا يبعث وجوده على الطمأنينة.
إن أهم الأسباب التى تجعلنى أقف اليوم مع التيار الأهلاوى المطالب برحيل «بيتسو» مشكورًا، هو افتقاد الأهلى فلسفة لعب ثابتة، وافتقاده هوية وشخصية معتادة.
«بيتسو» لا تستطيع تصنيفه هل هو مدرب هجومى، أم دفاعى، هل هو مدرب عصرى أم كلاسيكى، هل هو من مؤيدى ٤/٣/٣ أم مع نظيراتها؟
مدرب كل يوم هو فى شأن، مغاير تمامًا عن الشأن الذى كان عليه بالأمس، والذى سيكون عليه بالغد.
بدأ الموسم بثلاثة فى الدفاع، وفى مراحل الحسم تخلى عن ذلك، وعاد للطريقة القديمة بعدما فقد إحدى أهم أدواته محمد مجدى أفشة اللاعب الوحيد القادر على القيام بأدوار صناعة اللعب، ومعه فقد هداف الفريق محمد شريف.
الأهلى بات بحاجة شديدة، لمدرب صاحب فلسفة تقوم على لعب كرة قدم عصرية، ويقدم شكلًا ثابتًا ينال ثقة وإعجاب الأغلبية وهو يخسر، وليس العكس، لأن ذلك هو من ينتصر على المدى البعيد وليس العكس.
لو كانت لنا رسالة أخيرة يجب أن نرسلها لإدارة الأهلى، فإننا نقول بشكل واضح إن الفريق الذى تخطت قيمة لاعبيه التسويقية نصف المليار جنيه، يجب أبدًا ألا يعانى طوال الموسم أمام فرق قيمتها التسويقية لا تساوى لاعبًا واحدًا فى الأهلى.
إن الأندية الكبيرة فى العالم تنفق ببذخ لتصنع فارقًا مع الأقل منها، بينما من يفوز بشكل براجماتى ويخطف لقبًا لا يمكنه أن يقف على القمة لوقت طويل.
كان توقيت اختيار «موسيمانى» مثاليًا حينها، لضيق الوقت ولدرايته يإفريقيا، وإجادته اللعب بها فى المحطات الفاصلة، أما الآن فهو التوقيت المثالى لرحيله حتى لا يقع تحت مزيد من الصغوط ويسقط الأهلى فى مزيد من الخسائر.