سبق قاسم أمين في دعوته لتحرير المرأة..
رفاعة رافع الطهطاوي.. صاحب أول كتاب عربي في التربية وتعليم الفتيات
قبل 149 عاما تحديدا في مثل هذا اليوم من عام 1873، رحل عن عالمنا واحد من أعلام النهضة المصرية الحديثة، الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي، والذي تتلمذ على يد الشيخ حسن العطار، ولد في طهطا بمحافظة سوهاج لذا جاءت كنيته “الطهطاوي”، في سن مبكرة حفظ رفاعة رافع الطهطاوي القرآن الكريم، ووجد رعاية من أخواله بعد وفاة والده.
واجه بالفكر في خط مواز وما قدمه من نقل للعلوم العصرية، ما جعل مصر والعالم العربي بالتالي هي ما عليه الآن، حتى قيل عنه أنه: “رجل بأمة بأكملها”.
أنهى رفاعة رافع الطهطاوي دروسه ودراسته في الأزهر وهو ابن الواحدة والعشرين، حتى اختير إماما لأول بعثة علمية أوفدها محمد علي باشا إلى فرنسا، لتلقي العلم والعلوم الحديثة، لتكون هذه البعثات العلمية بذرة النهضة الحديثة في مصر عقب إتمامها لدراستها، وعودتها إلي مصر لتعليم أجيال جديدة، وفتح الباب أمام المصريين لإزاحة ظلام الجهل والتخلف، وتلقي نور العلم والمعرفة.
في فرنسا عكف رفاعة رافع الطهطاوي، على تعلم اللغة الفرنسية، وقراءة كل ما تطاله يده من كتب تعرض للعلوم والفنون وشتى مناحي المعرفة، ولم يكتف بدوره كإماما للبعثة بل صار أحد طلابها.
بعدما ألم رفاعة رافع الطهطاوي بناصية اللغة الفرنسية بدأ في نقل وترجمة الكتب العلمية التي أطلعها عليها في فرنسا إلي اللغة العربية، وعند عودته إلى مصر أسس ووضع لبنة مدرسة الألسن، وهي النواة الأولى لكلية الألسن الحالية.
بعد عودته من فرنسا، عينه محمد علي باشا مترجما في مدرسة الطب لترجمة الكتب العلمية والدراسية التي تدرس في المدرسة، كما عهد إليه بتدريس الترجمة في المدرسة الفرنسية، وبعدها صار يتنقل من منصب إلى منصب آخر في مجال التدريس والترجمة والإدارة.
تولي رفاعة رافع الطهطاوي مهمة الإشراف على جريدة “الوقائع المصرية”، فحولها إلي الصدور باللغة العربية بعد أن كانت تصدر باللغة التركية، وظل مشرفا عليه حتى عام ١٨٥٠.
وفي عهد الخديوي إسماعيل، أسندت إليه مهمة نظارة مجلة “روضة المدارس”، وظل فيها حتى توفي في عام 1873. كان رفاعة رافع الطهطاوي، من ألمع وأبرز الوجوه التي ظهرت في مصر بل والمنطقة العربية كلها، وكان له الفضل والجهد الأكبر في إطلاق فكرة النهضة المصرية الحديثة، وكان رجل العلم العميق والجلد والمثابرة.
ومن أشهر مؤلفات رفاعة رافع الطهطاوي، كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، “مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية”، “المرشد الأمين في تربية البنات والبنين”، وغيرها إضافة إلي مساهماته في حقل الترجمة، ويعد كتابه “تعريب القانون المدني الفرنساوي” من أبرز ترجماته.
جمع رفاعة رافع الطهطاوي بين الأصالة والمعاصرة، فمن خلال دراسته بالأزهر عرف الكثير عن التراث، وكان لتلقيه العلم على يد الشيخ حسن العطار الذي وجهه إلى قراءة العلوم العصرية الحديثة الفضل في جمعه بين الأصالة والمعاصرة، بل وكان كتابه تخليص الإبريز في تلخيص باريز، بنصيحة من شيخه حسن العطار الذي كان قد أوصاه بتدوين ملاحظاته ومشاهداته خلال رحلته إلى فرنسا.
ــ الآثار الفكرية والعلمية التي أحدثها رفاعة رافع الطهطاوي في مصر
كان الخريجين من مدرسة الألسن التي أسسها رفاعة رافع الطهطاوي، من العناصر المهمة التي عملت على ازدهار حركة الترجمة في مصر خلال القرن التاسع عشر. كما فتح الأبواب أمام تعليم البنات وتطوير الصحافة، عندما أعاد تطوير جريدة الوقائع المصرية بانتظام وحولها إلي جريدة أسبوعية بعد أن كانت تصدر على فترات متباعدة بغير انتظام.
كما يعد كتابه “المرشد الأمين في تربية البنات والبنين”، أول كتاب عربي حديث يكتب في التربية ويدعو إلي تعليم البنات وتحرير المرأة وتعليمها ومساواتها بالرجل، ومشاركتها له في ميادين العمل والعلم، مناديا باتخاذها صديقة أختا ورفيقة درب، ومن ثم تعد دعوة رفاعة رافع الطهطاوي لتعليم المرأة سابقة على طرح قاسم أمين.