أستاذ بالأزهر: وسائل التواصل تسببت فى انتشار الكوارث الأخلاقية
قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، إن كلمة الأسرة بمعناها الحقيقي الذي يشيع فيه جو من الدفء والعواطف الإنسانية النبيلة؛ معنى غريب مفقود في العالم الغربي المعاصر، فالأسرة هناك عبارة عن تروس تدور في ماكينة، لا روح فيها، فلا حياة زوجية سعيدة، ولا عاطفة حارة بين الآباء والأبناء، بل شقاء في العلاقات وجمود في المشاعر، وما إن يشب الفتى أو الفتاة عن الطوق حتى يتحرر من قيود الأسرة، فلا سلطان لأحد عليه، وكل فرد من أفراد الأسرة حر فيما يريد حرية مطلقة، حتى إن الزوجة لتدخل الرجل على زوجها الديوث، فيضاجعها وهو يراه، وكذلك يفعل هو مع النساء من غير نكير منها وهذا المفهوم المنعدم للأسرة في العالم الغربي؛ نراه على النقيض في العالم العربي والإسلامي.
وأضاف العشماوي، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي: "من خصائص العالم العربي والإسلامي أنه لم يزل محافظًا على مفهوم الأسرة الاجتماعي، إلى وقت قريب قبل أن تغزوه وسائل التواصل المختلفة؛ ليبدأ المفهوم الاجتماعي للأسرة المسلمة في التآكل والتفكك، حيث أصبح أفراد الأسرة يعيشون في شبه جزر منعزلة، وأصبح اجتماع الجمعية العمومية الذي تجتمع فيه كل أفراد الأسرة اجتماعًا حقيقيًا لا شكليًا مرتين أو ثلاثًا في اليوم؛ شبه مستحيل فلكل فرد من أفراد الأسرة عالمه الخاص، على وسائل التواصل، يعيشه كيفما يشاء في معزل عن الأسرة وغياب تام، ففقدت حلقات الوصل والاتصال؛ ليعانى المرء من الاغتراب النفسي وهو بين أهله وأولاده.
وأوضح أن "فاجعة الفواجع هي تلك الكوارث الأخلاقية التي حلت بالأسرة المسلمة من جراء وسائل التواصل، حيث انتشرت الخيانة الزوجية محادثة ومكالمة وممارسة بصورة غير مسبوقة من قبل، في تاريخ الأسرة المسلمة، فخادن الرجل المرأة، وخادنت المرأة الرجل، وبلغت الجرأة والوقاحة ببعض الأزواج أن يحادث خليلته أو خدينته في وجود زوجته، موهمًا إياها أنه رجل، وكذلك تفعل الزوجة سواء بسواء، موهمة زوجها أنها امرأة وكثرت خلوة الرجال والنساء بالهواتف المحمولة لهذا الغرض، حتى صار المختلي غالبًا محل شك، ويكثر هذا النوع من الخيانة في حالة سفر الزوج أو الزوجة أو تغيبه كثيرًا عن البيت، لا سيما مع توتر العلاقة الزوجية، وعدم انسجام الزوجين، وتمكن الهوى والشهوة، وتهيؤ الجو المناسب، والظروف المواتية، فتقع المعصية، وتكون المصيبة.
وأشار "طال هذا البلاء بعض الأفاضل، ممن لم يستطع إمساك نفسه، فحدثني بعضهم أنه يكلم النساء المتزوجات ويكلمنه كلامًا فاحشًا، حتى إنه أسمعني حديثًا مسجلًا لم تصدقه أذناي من هول ما سمعته؛ لأنه حديث امرأة مومس، لرجل زان، في فراش ملوث، قد هيأه الشيطان؛ ليوقع به هؤلاء المناكيد، وأخبرني هذا المنكود المنكوب أنه أوقع فضليات من النساء في شباكه، لأن أزواجهن عنهن مشغولون وأنهن يمارسن معه في الهاتف ما يستحين من ممارسته مع أزواجهن في الحلال الطيب، كل هذا والأزواج في غفلة، والله وحده شهيد وحسيب، يرى ويسمع سرنا ونجوانا، ويحاسبنا على النقير والقطمير، والقليل والكثير، «وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله، وكفى بالله شهيدًا، وكفى بالله حسيبًا»!
واختتم الأستاذ بجامعة الأزهر منشوره بتساؤل قال فيه: "هل يمكن بعد هذا البلاء الشديد الذي حل بالأسرة المسلمة أن يكون لهاتف الزوج أو الزوجة كلمة مرور بدعوى الخصوصية؟ أي خصوصية تلك التي انتهكت من القريب والأجنبي، فتبًا لخصوصية تشجع على الحرام، وتجلب الأسقام وكيف تكون للمرأة خصوصية مع زوجها في شىء وقد أفضت إليه بأخص خصوصياتها كأنثى، مما لم تفض به إلى أبيها وأمها، يا عقلاء العالم الإسلامي، أنقذوا الأسرة المسلمة من هذا البلاء الفتاك، قبل أن يصيبها ما أصاب أختها في الغرب المجنون، المتنكر للفطرة، الجاحد للفضيلة، أنقذوا ما تبقى في هذا العالم البائس من بقايا الفضيلة، ومكارم الأخلاق، قبل أن يغرق الطوفان العالم، فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم.