أزمة البوركينى.. «لوبوان الفرنسية»: الأثرياء وراء معركة «المايوه الشرعى» والدين برىء من المشكلة
عاد الحديث من جديد عن قضية «البوركينى» خلال الفترة الأخيرة، وهو لباس البحر المخصص للسيدات والمعروف باسم «المايوه الشرعى»، ليس فى فرنسا التى يحظى فيها باهتمام كبير، بل فى مصر أيضًا.
وجاءت عودة قضية «البوركينى» إلى الواجهة بعد تصريحات للفنان الكبير يحيى الفخرانى، عضو لجنة الثقافة والآثار والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ، التى اعتبر فيها أن «البوركينى» مُخجل أكثر من «البكينى»، لأنه ملتصق بالجسم بصورة أكبر.
وكانت لجنة الثقافة والآثار والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ، قد أكدت متابعتها الملف على مدار الصيف، والإبلاغ عن أى حالات لمنع السيدات من نزول حمامات السباحة بالفنادق والمنشآت الفندقية للجهات المعنية بوزارة السياحة.
وناقشت اللجنة، برئاسة الدكتور محمود مسلم، أزمة منع ارتداء «البوركينى» داخل القرى السياحية، فى ضوء الاقتراح المقدم برغبة من النائب أحمد القناوى.
وقررت اللجنة متابعة الملف على مدار الصيف، والإبلاغ للجهات المعنية بوزارة السياحة والآثار عن أى حالات لمنع السيدات مرتديات «البوركينى» من نزول حمامات السباحة فى الفنادق والمنشآت الفندقية.
وامتد النقاش ليشمل وسائل إعلام عالمية، وبينما اعتبر البعض أن هذا الزى يرمز إلى «نهاية مصر الجميلة»، يرى آخرون أن مصر جميلة بجمال المحجبات وغير المحجبات، جميلة عندما يقبل المجتمع الجميع، بغض النظر عن الملبس أو المعتقدات.
ونشرت مجلة «لوبوان»، الفرنسية الشهيرة، تقريرًا تساءلت فيه: «كيف تدير مصر القضية الأكثر جدلًا خلال الموسم الصيفى؟»، خاصة مع تزامن هذا بسماح مدينة «جرونوبل» الفرنسية للنساء المسلمات بارتداء «البوركينى» فى حمامات السباحة والشواطئ.
وذكرت المجلة أن عمدة «جرونوبل»، إريك بيول، سمح للنساء المسلمات فى المدينة الفرنسية بارتداء البوركينى، الأمر الذى أغضب مسئولين فرنسيين، على رأسهم وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، الذى تعهد بالسعى لتغيير هذا القرار، ما ينذر بتجدد النقاش والجدل حول هذا الزى فى فرنسا.
وأضافت، أن معركة «البوركينى» ليست خاصة بفرنسا أو بدول أوروبية أو غربية، بل هى مثار جدل أيضًا فى دول عربية، مثل مصر والجزائر، موضحة أنه فى الوقت الذى صدر فيه قرار مدينة «جرونوبل» الفرنسية، ناقشت لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام فى مجلس الشيوخ المصرى قضية حظر هذا الزى فى القرى السياحية، وخرجت أصوات تطالب بالسماح بارتدائه، وأخرى تعارض ذلك.
ونوهت إلى أنه، «على الرغم من أن البوركينى ليس لباسًا دينيًا بشكل كامل، فإن حظر ارتدائه تسبب فى وقائع عديدة فى مصر، ففى عام ٢٠١٧، مثلًا، اندلعت مشاجرات على الشواطئ الخاصة فى شمال البلاد بين الراغبين فى ارتداء البوركينى والرافضين له، لكن هذا الحدث تعلق بصدام بين طبقتين اجتماعيتين، هما الأثرياء والأقل ثراءً».
وفى عام ٢٠٢٠، حذرت غرفة المنشآت الفندقية أصحاب المنتجعات أو الفنادق السياحية الكبرى على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط من منع السيدات اللاتى يرتدين «البوركينى» من الوصول إلى الشواطئ الخاصة أو حمامات السباحة فى الفنادق.
واستعرضت المجلة بعض النقاشات التى جرت فى مجلس الشيوخ المصرى عن «البوركينى»، ودعوة النواب المسئولين التنفيذيين فى السياحة إلى ضرورة قبول هذا الزى، طالما أن ارتداءه لا ينتهك قواعد النظافة فى حمام السباحة.
وأوضحت أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ أصر على وضع قواعد محددة لارتداء «البوركينى» بدلًا من السماح بارتدائه أو حظره، على أن تكون هذه القواعد صادرة عن وزارة السياحة، كما أن رئيس لجنة الثقافة بالمجلس قال إن «المبدأ الأساسى هو أن يرتدى كل مواطن ما يشاء».
وأشارت إلى تعليقات الفنان يحيى الفخرانى، عضو مجلس الشيوخ، التى اعتبر فيها أن «البوركينى» مخجل أكثر من لباس البحر المعتاد، لأنه يلتصق كثيرًا بالجسم، ما أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى بين المعارضين والمتعاطفين مع هذا التصريح.
وأضافت: «زوجة يحيى الفخرانى، الكاتبة لميس جابر، قالت إنها وجدت البوركينى غير مريح، وتخلت عن ارتدائه خلال جلسات الاسترخاء فى الماء، قائلة إن الحرية الشخصية مهمة للغاية طالما أنها لا تضر بالآخرين، والأهم هو الانصياع للقانون الذى تفرضه الدولة».
كما نبهت المجلة إلى تعليقات الأزهر الشريف، واصفة إياه بأنه «أعلى السلطات الدينية فى مصر»، الذى أبدى «تحفظات» على تصنيف «البوركينى» على أنه «زى دينى»، لأنه لا يخفى جسد المرأة كما تنص التقاليد الإسلامية.
ورأت المجلة أن هذه «المعارك» حول «البوركينى» تعكس قدرة الزى على فرض نفسه باعتباره سمة اجتماعية مميزة، لافتة إلى أن معظم الحوادث التى وقعت بين مؤيديه ومعارضيه لم تكن متعلقة بالدين والتقاليد الإسلامية بشكل كامل، بل جاءت نتيجة «التعصب»، على حد قولها.
وفى التقرير نفسه، انتقلت المجلة إلى الجزائر، حيث تتجدد المعارك أيضًا فيما وصفوه هناك بـ«بوركينى الفتنة»، وسط ظهور هذه الخلافات مجددًا، كما كان يحدث فى السنوات الأخيرة.
وذكرت المجلة أنه على الرغم من عدم حظر «البوركينى» بشكل رسمى، فإن العديد من الفنادق الفاخرة يحظر ارتداءه لأسباب تتعلق بالنظافة والصحة، ما تسبب فى الكثير من الحوادث والمشادات والتوترات بين الأشخاص.