وقائع استشهاد شيرين أبوعاقلة.. روايات كاملة وصورة ليست كذلك
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، صباح اليوم الأربعاء، عن استشهاد المراسلة في قناة الجزيرة شيرين أبوعاقلة برصاصة في الرأس، وإصابة المراسل على السمودي، برصاصة في الظهر ووضعه حتى الآن مستقر، خلال تبادل إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية وفلسطينيين، إثر اقتحام القوات الإسرائيلية مدينة جنين ومخيمها.
عقب الإعلان عن مقتل "أبوعاقلة"، توالت الإدانات الفلسطينية والعربية التي اتهمت إسرائيل بأنها من قتلت الصحفية أثناء المداهمة العسكرية، فيما أعربت تل أبيب عن رغبتها في فتح تحقيق محايد بالاشتراك مع السلطة الفلسطينية التي رفضت العرض، وسط إجماع دولي على ضرورة فتح تحقيق في ملابسات الحادث.
فيما أفادت التحقيقات الأولية بأن قطر الرصاصة التي أصابتها يستخدمها كل من الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية.
الرواية الفلسطينية
حمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، القوات الإسرائيلية المسئولية الكاملة عن وفاة الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن مقتل الصحفية برصاص الجيش الإسرائيلي خلال هذه الاشتباكات في جنين معقل الفصائل الفلسطينية شمالي الضفة الغربية.
وأوضحت الصحة الفلسطينية في بيان لها، أن شيرين "استشهدت جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين"، فيما باشرت النيابة العامة الفلسطينية إجراء تحقيق في الجريمة.
في سياق متصل، وصف نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبوبكر، مقتل الصحفية أبوعاقلة بالـ"فاجعة، وأن إعدامها جريمة مكتملة الأركان، واستهداف للصحفيين".
فيما عرضت إسرائيل إجراء تحقيق مشترك مع السلطة الفلسطينية لكشف الملابسات، لكن "أبومازن" رفض إجراء التحقيق، وأوضحت النيابة العامة الفلسطينية في بيان أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيدًا لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.
الرواية الإسرائيلية
إسرائيل من جانبها، رفضت الاتهامات بأنها من تسببت في مقتل الصحفية، وتمسكت بضرورة فتح تحقيق حيادي بالاشتراك مع السلطة الفلسطينية للوقوف على ملابسات الحادث، فيما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، نيفتالي بينيت، الفلسطينيين بأنهم من يقف خلف مقتل الصحفية، جاء ذلك في بيان لـ"بينيت" قال فيه: "وفقًا للمعلومات التي جمعناها، يبدو من المرجح أن الفلسطينيين المسلحين - الذين أطلقوا النار بشكل عشوائي في ذلك الوقت - كانوا مسئولين عن الوفاة المؤسفة للصحفية".
وقال في تغريدة: "يجب حماية الصحفيين في مناطق الصراع. الوصول إلى الحقيقة مسئوليتنا جميعًا". ووصف لابيد خبر مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة بأنه "حزين".
من جانبه، ذكر الجيش الإسرائيلي أن مراسلين أصيبوا خلال اشتباك بين قواته ومسلحين في الضفة الغربية. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: "تشير التقديرات الأولية وخلافًا لما ينشر في وسائل الإعلام العربية أن شيرين أبوعاقلة قتلت صباح الأربعاء نتيجة نيران مسلحين فلسطينيين في مخيم جنين أثناء تغطيتها الإخبارية".
وتابع: "تظهر مقاطع الفيديو التي تم تداولها ونشرها من قبل مخربين فلسطينيين في جنين على مواقع التواصل، إطلاقهم النار بشكل عشوائي متباهين بأنهم أصابوا جنديًا وهو ملقى على الأرض، رغم أن الضحية الوحيدة في الحادث كانت الصحفية أبوعاقلة".
وأضاف: "ندعو الفلسطينيين إلى إجراء تحقيق مشترك للحادثة ورغم دعوتنا هذه، إلا أنه وحتى كتابة هذه السطور، لم يلق طلبنا آذانًا صاغية، ربما محاولة لإخفاء الحقيقة". وختم: "نعبر عن فائق أسفنا على وفاة الصحفية شيرين التي كنا نعمل معها على مدار السنوات ونرى أهمية كبيرة في حرية الصحافة ونعمل على احترامها وصونها".
من جانبه، علق رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي قائلًا:" في هذه المرحلة لا يمكن تحديد مصدر إطلاق النار عليها ونأسف لموتها. من أجل الوصول إلى الحقيقة، قمنا بتشكيل فريق خاص لتوضيح الحقائق وتقديمها كاملة وفي أسرع وقت ممكن".
المجتمع الدولي: ضرورة فتح تحقيق
أبدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة استياءها إثر مقتل "أبوعاقلة" وطالبت بفتح تحقيق حول ملابسات الحادث، وقالت المفوضية في تغريدة الأربعاء إن "أجهزتنا موجودة على الأرض للتحقق من الوقائع"، مطالبة بـ"وقف الإفلات من العقاب" وبضرورة القيام بتحقيق مستقل وشفاف حول مقتل الصحفية.
فيما أدان البيت الأبيض بقوة مقتل مراسلة الجزيرة ودعا إلى إجراء تحقيق في مقتلها. وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض كارين جين- بيير، في حديث للصحفيين: "ندعو إلى إجراء تحقيق شامل في وفاتها".
وكانت الخارجية الأمريكية قد أكدت أنه يجب أن يكون التحقيق فوريًا وشاملًا، ويجب محاسبة المسئولين عن مقتل الصحفية شيرين أبوعاقلة التي تحمل جواز سفر أمريكيًا، واستطردت :"نشعر بالحزن الشديد وندين بشدة مقتل شيرين أبوعاقلة في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن موت شيرين إهانة لحرية الإعلام في كل مكان".
وغرد السفير الأمريكي في إسرائيل، توم نيدز، قائلًا: "محزن جدًا علمنا بوفاة الصحفية الأمريكية والفلسطينية شيرين أبوعاقلة". ودعا نيدز إلى "إجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتل شيرين أبوعاقلة وإصابة صحفي آخر".
بدوره قال السفير البريطاني لدى إسرائيل، نيل ويغان، في تغريدة على تويتر: "إنني حزين للغاية للوفاة المأساوية لمراسلة قناة الجزيرة في جنين هذا الصباح".
وأشار "ويغان" إلى أنه "يجب السماح للصحفيين بالعمل بأمان وبحرية". داعيًا إلى "إجراء تحقيق سريع وشامل وشفاف" في الحادثة.
فيما أدانت قناة الجزيرة الحادث واتهمت إسرائيل بشكل مباشر، وقالت في بيان "أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا في فلسطين شيرين أبوعاقلة برصاص حي استهدفها بشكل مباشر".
وأضافت أن أبوعاقلة كانت "تقوم بعملها الصحفي في تغطية اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية، وهي ترتدي السترة الصحفية بشكل واضح يدل على هويتها".
نتائج أولية
فيما أظهرت النتائج الأولية للطب الشرعي الفلسطيني أن الرصاصة التي أصابت الصحفية شيرين أبوعاقلة كانت قاتلة بشكل مباشر. جاء ذلك في النتائج الأولية لتشريح جثمان الصحفية شيرين أبوعاقلة في معهد الطب العدلي في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.
وقال ريان العلي، مدير المعهد العدلي في جامعة النجاح الوطنية إن "الرصاصة التي أصابت شيرين أبوعاقلة كانت قاتلة مباشرة، حيث تسببت بتهتك واسع للدماغ والجمجمة، والسلاح المستخدم من نوع سريع جدًا".
وأضاف: "لا يوجد أي دليل على أن إطلاق النار كان من مسافة تقل عن متر ولا تفاصيل الآن عن الرصاصة"، وأشار "العلي" إلى أنه "تم التحفظ على مقذوف مشوه وتتم الآن دراسته مخبريًا، لإيجاد أي أدلة يمكن ربطها بالجهة المسئولة عن مقتلها".
فيما أفاد تحقيق أولي أجرته القيادة المركزية الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن الصحفية كانت على مسافة بين مائة و150 مترًا من قوة تابعة للجيش الإسرائيلي كانت تعمل في جنين، عندما أصيبت.
في مساء الأربعاء، جرت اتصالات متتالية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول مسألة ما إذا كانت الرصاصة التي تمت إزالتها من جسد أبوعاقلة، سيتم فحصها في إسرائيل، حيث كشفت النتائج عن أن قطر الرصاصة التي أصابت رأسها بلغ 5.56 ملم وأطلقت من بندقية من طراز إم -16. وهي البنادق التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في الضفة، وبالتي هذا لا يحدد الجانب الذي أطلقت منه الرصاصة القاتلة.
مداهمات في جنين
خلال الأسابيع الماضية، وكجزء من عملية "كاسر الأمواج" الإسرائيلية، عملت قوات الأمن الإسرائيلية بلا توقف في جميع أنحاء الضفة الغربية، ولكن أغلب العمليات كانت في شمال الضفة وتحديدًا في مخيم جنين، الذي جاء منه منفذو العمليات التي قُتل فيها 19 إسرائيليًا.