«هارب من الرقة».. كتاب يحكى عن شهادة حية تشرح تفاصيل جحيم داعش
تنبع أهمية كتاب "كنت في الرقة.. هارب من الدولة الإسلامية" تأليف هادي يحمد، من كونها شهادة من الداخل لأحد أعضاء تنظيم داعش وهو التونسي محمد الفاهم الذي انضم للتنظيم وانشق عنه ليهرب إلى الشام ثم يحكي عن تجربته.
الكتاب الذي صدر في 267 صفحة من القطع المتوسط وعبر حكايات عاشها محمد الفاهم وتبرز كيف كان يعيش التنظيم داخل معقله في الرقة بسوريا، وكيف كان التعامل وغيرها.
في البداية يسرد الفاهم قصة انضمامه لداعش وسفره إلى تركيا ثم إقامته لفترة قصيرة داخل أحد البيوت التي تملكها امراة تساعد الداخلين لداعش، وبعدها تلقى تعليمات السير حتى الوصول لأرض التنظيم، ويشرح الفاهم أنه ورفاقه كادوا يشرفون على الموت للمسافة الكبيرة التي قطعوها سيرا على الأقدام.
وعن دور الضيافة التي يشرحها الفاهم وفيها يم جهاد النكاح وغيرها قال: "في كل مدينة تسيطر عليها الدولة كان هناك مضافة تمسى بمضافة المهاجرات، وهو نوع من المضافات المخصصة للفتيات العازبات اللاتي يصلن إلى الدولة في هذه المضافة تمنع المهاجرة من الخروج بشكل كلي تقريبا إلى غاية التمكن من العثور على زوج لها.
وينظم لقاء بين الزوجين المفترضين وإذا قبلت المهاجرة بالزواج فإنها تتمكن من الخروج نهائيا، كان الزواج هو الأفق الوحيد للخروج من المضافة، وهناك حكايات تروى حول هروب بعضهن والتي هي عبارة عن سجون ناعمة.
ويواصل: "وطوال فترة الانتظار في المضافة وبالنظر للظروف المعيشية تدفع المهاجرات عادة إلى القبول بأول زوج يأتي لطلب أيديهن".
ويكمل: "إضافة إلى مضافة المهاجرات خصصت الدولة مضافات أخرى، واحدة لأرامل الشهداء، وأخرى للمطلقات وكل هذه المضافات تمثل فرصة لمقاتلي الدولة ومهاجريها لانتقاء النساء اللاتي يرغبون فيهن.
حد الجلد
يصف الفاهم عملية الجلد لامرأة تنتمي للتنظيم، ويشرح كيف تم ذلك بأبشع وسيلة ممكنة، فالمرأة التي جلست تضم ذراعيها إلى وجهها والرجال يطلقون عليها الحجارة، ولأن المرأة كانت بدينة بعض الشيء فهناك أحجار كانت تضربها في عظامها فيسمع الصوت، وحجارة أخرى تغوص في أماكن لحمية، وفجأة تقف المراة وتجري إلى أحد البيوت وهي تصرخ، واعتبر الجميع ان الحد تم بالفعل وأخذها سكان المبنى للمستشفى.
هذه ليست خلافة على منهاج النبوة
يذكر الفاهم في سياق حديثه أنه جمعته جلسة برفيق، فقال له:" هذه ليست خلافة على منهاج النبوة"، ويحكي ان الكلمات ظلت عالقة في ذهنة، وكيف تركهم جنود داعش للموت في تل أبيض، والشباب الذين ضاق بهم الحصار في المدينة بعد أن منعهم امنيو الدولة من الخروج.
ويضيف:" على الرغم من كل هذا الرعب لم تخل جلسات العديد من المهاجرين بانتقادات خفية لما يجري في الدولة وقتل مجاي للعشرات من المهاجرين الذين تجرؤوا وانتقدوا آليات اشتغال الدولة، كان الشعار الذي يرفع أمام أي انتقاد هو السمع والطاعة، الذي هو جزء من قسم البيعة التي يؤديها المهاجرين في الأيام الأولى لوصولهم للشام.
عشرون جلدة
يحكي الفاهم أنه في يوم وجد شخصا أمام بيته وحين سأله قال له أنه عابر سبيل، وهنا ضربه بكعب مسدسه واقتاده للقسم الذي احاله لداعش وهناك طلب منهم القاضي الصفح فلم يقبل الفاهم وقال للقاضي إنه كان بالقرب من بيتي اي أنه كان يريد الاذى لي، وهنا أمر القاضي بجلد الفاهم عشرين جلدة، ويكمل: "بدأ بجلدي على ظهري في مكتب جانبي لمكتب القاضي الشرعي، ضربني بغل ولكني لم أكن مهتما، كان تفكيري في شئ آخر تماما، كان الغيظ يتملكني من الضيم الذي لحقني وانتهت الجلدات العشرون.
ويصف الفاهم أنه منذ جلده في الدولة التي أتى إليها مهاجرا كان عاملا كافيا ليصبح أكثر صلفا وتشددا ليأمر النساء بالنقاب ويشارك في الحسبة، وغيرها من الأمور.
وانضم الفاهم لكتيبة سيف الدولة لكنه كان يتهرب من القتال بحجة إصابته بالـ"بوصفير" وهو مرض بالمعدة، ولكنه لم يستطع التخلف هذه المرة وانضم للكتيبة في إحدى هجماتها ويصف الفاهم الحكاية بقول" بقينا في ريف حماة لمدة أسبوع، تفرقنا بين الضيعات، وجاء الشرعيون إيذانا بقرب المعركية، وترأس أبو مروان المصري اجتماع كتيبتنا، قال الشرعي: "ها قد بدأ العد التنازلي للمعركة وبعد سويعات قليلة ستفتح ولاية جديدة في الدولة اسمها ولاية أدلب".
وبعد التقدم للعملية جاء الأمر بالتوقف والتوجه لمطار "كويرس"، ويصف الفاهم المعركة:" على بعد مائة متر تقريبا من قوات النظام فوجئنا بكثافة نارية في اتجاهنا حولت المربع الذي نتواجد فيه بالاعشاب إلى جحيم، كانت الطلقات من كل مكان ، انبطحت كما الباقين وكنت أشعر بلفح الرصاص من كل الجهات، وعندما توقف الرصاص قمت بالاختفاء خلف ساقية ليهطل الرصاص مرة أخرى وكان واضحًا أهم يراقبوننا بالمناظير الليلية، حتى انسحبنا متخذين حقول القصب المنتشر على جانبي الطريق بمثابة سواتر.
تهمة التولي يوم الزحف
يصف الفاهم المعركة حول المطار بان الاوامر جاءت باعادة الكرة وبرغم مقتل العديد لكن امير الجماعة كان يعطي الأوامر بالتقدم، وفي كل مرة تفشل الكتيبة في الاقتراب نظرا لطبيعة الأرض المكشوفة، وكل مرة يصدر الامر بالانسحاب ثم التقدم، حتى أتى الأمر الأخير بالعودة.
ويفاجئ الفاهم بأن هناك قضية تنتظره وهي التولي يوم الزحف، والتهم مختومة بالختم الأزرق لأبي مروان المصري، وأمام القاضي أنكر التهم الموجهة إليه وساعده العداء بين القاضي وأبي مروان المصري وطالب بنقله لكتيبة أخرى أو إدارة أخرى واستجيب لطلبه.
ويحكي الفاهم بعد ذلك قصة فراره من الرقة وتجربته السوداء في تنظي داعش، قصة التعرية للتنظيم الذي اتخذ من الإسلام ستارا ومن البشر دروعا وجنودا، ومن الله اكبر وسيلة لقتال كل إنسان بغض النظر عن كونه مسلما او مسيحيا لكنه يحمل اسما واحدا في نظر التنظيم.. مرتد".