تريندز: إعلام الإخوان يواجه أزمة تضعه على طريق الاختفاء أو الموت الإكلينيكي
تناولت دراسة حديثة صادرة عن مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، سبل استخدام جماعة "الإخوان" لوسائل الإعلام، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، للترويج للعنف والتطرف، وبث الشائعات ضد من يعارضهم، وبالتالي كسب تعاطف الرأي العام.
وأكدت الدراسة أن جماعة الإخوان اعتادت منذ نشأتها على توظيف وسائل الاتصال والإعلام المتاحة في نشر أفكارها وتحقيق أهدافها في التعبئة والحشد، وتمكين الجماعة من التغلغل في المجتمع المصري والمجتمعات العربية الأخرى، مشيرة إلى أن إعلام الإخوان يواجه حاليا أزمة حقيقية كبرى تضعه على طريق الاختفاء أو "الموت الإكلينيكي" نتيجة الانقسامات والصراعات الداخلية التي ضربت قيادتها وفقدانها التعاطف بين الشعب المصري.
مبدأ التقية
وأضافت الدراسة بعنوان "النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة الإخوان: الرؤية، الأهداف، المستقبل"، أن الإخوان يستخدمون الدين والشعارات الدينية لترسيخ أجندتهم والترويج لأفكارهم المتطرفة والحصول على القبول الشعبي العام، لافتة إلى أنهم معروف عنهم ممارستهم لمبدأ التَّقِيَّة في خطابهم نحو التغيير السـياسـي، والتظاهر بانتهاج الدين المعتدل واحترام اختلاف الآراء والأفكار، ولكن بمجرد الوصول إلى أهدافهم، تظهر نواياهم الحقيقية.
ربط الدين بالسياسة
ووفقاً للدراسة، يتمحور الأداء الإعلامي لتنظيم الإخوان حول أطروحتين مركزيتين تختزلان الرؤية الأيديولوجية للجماعة لكل من الدين والدولة؛ تتمثل الأولى في "ترابط الدين والسياسة" والتي سمحت لها بالولوج إلى السياسية بواسطة الدين والتدخل في الدين بواسطة السياسة، مشيرة إلى أن تلك الأطروحة تأسست على جملة شعارات روجتها الجماعة عبر أدواتها الإعلامية والاتصالية، مثل شعار “الإسلام هو الحل” الذي بات يعبر عن لازمة في خطاباتها الأيديولوجية.
أما الأطروحة الثانية، بحسب الدراسة، فهي "سمو الدعوة وقدسية الرسالة" والتي تتيح للجماعة تدبير علاقتها بالرأي العام الإسلامي بما يخدم تمددها في المجتمع واختراق مؤسساته، بوصفها نفسها على أنها "خادمة للدين وراعية لمصالحه"، مضيفة إن خطورة هذه الأطروحة تكمن في تحويلها باستراتيجية الجماعة إلى مفاتيح أيديولوجية توظَّف في سـياق حزبي ينشد التأثير في وعي المواطن وإقامة نوع من التماهي لديه بين الجماعة والدين.
استخدام الإعلام في صناعة البطولة
وتابعت "أجاد الإخوان استخدام الإعلام في صناعة البطولة وخاصة خلال الفترة التي تولوا فيها الحكم في مصـر؛ حيث جرى إظهار الأشخاص الذين تولوا الشأن العام منهم على أنهم أبطال ويتميزون عن غيرهم ممن ينافسونهم، كما لجأ هذا الإعلام إلى أسلوب بث الشائعات بغرض مهاجمة خصومهم والتقليل من قدرهم وشأنهم بل وصل لحد التسخيف".
وبينت أن الخطاب الإعلامي للإخوان لا ينفصل عن منظومة القيم الرئيسـية للجماعة التي تسعى إلى ترسـيخها بين المنتمين إليها، وخاصة قيم الولاء والسمع والطاعة، باعتبارها تشكل ركيزة الحفاظ على البناء التنظيمي والإداري للجماعة.
أسباب فشل الخطاب الإعلامي الإخواني
واستعرضت الدراسة أهم الأسباب التي أدت في النهاية إلى فشل الخطاب الإعلامي الإخواني في تحقيق أهدافه، أبرزها انشغال الجماعة بالصراعات والانقسامات الداخلية التي ضربت صفوف التنظيم في الفترة الأخيرة، وانتشار الفساد داخل التنظيم، ما انعكس على إعلامهم الذي عجز على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له.
وأضافت "ابتعد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي، حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة 30 يونيو وعزل محمد مرسـي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري. ".
ولفتت إلى أن ابتعاد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي واعتماده على التهويل والتحريض على العنف واستخدام لغة غير لائقة، أسهم أيضا في فقدانه المصداقية وتراجع تأثيره، ومن ثم عدم قدرته على تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أُسِّس من أجلها.
الإخوان ووسائل التواصل الاجتماعي
ونوهت الدراسة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لم تتأخر عن اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الرقمي وامتلاك أدواته ووسائله، حيث وجدت فيه أداة ناجعة تساعدها من جانب في كسـر احتكار الدول لهذا المجال ولنشـر أفكارها بصورة أسـرع في المجتمعات العربية، ووسيلة مهمة للدفاع عن الجماعة وتحسين صورتها بالترويج لنفسها بوصفها جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة من جانب آخر.
وأشارت إلى أن الإخوان من أكثر الجماعات والحركات وحتى التنظيمات عموماً التي لديها القدرة على التعبئة الجماهيرية من خلال وسائل الإعلام، بهدف نشـر فكر الجماعة، والدعوة إلى أستاذية العالم، وكثيرا ما كان لها دور في خروج التظاهرات ضد الأنظمة الحاكمة.