دراسة تكشف تأثير الحرب في أوكرانيا على اقتصادات الدول العربية
قالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، إن الحرب في أوكرانيا، سيكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة في المنطقة العربية، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تستورد الطاقة والغذاء وتواجه أعباء ديون عالية. ففي عام 2023، سيزداد عدد الفقراء بما قدره 3.7 مليون شخص ليصل مجموع الفقراء في المنطقة إلى رقم قياسي يقارب 126 مليون شخص.
جاء ذلك خلال دراسة أجرتها "الإسكوا" بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) و برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأغذية العالمي.
وبحسب الدراسة، أنه من المرجح أن تخسر الاقتصادات العربية حوالي 11 مليار دولار في عام 2022 و16.9 مليار دولار في عام 2023، وأن تخسر البلدان العربية المتوسطة الدخل 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2022، بينما ستسجل الدول العربية الأقل نموًا خسارة نسبتها 0.6%.
وحدها البلدان المصدرة للطاقة ستشهد زيادة في ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 0.7% نتيجة لزيادة الطلب على الطاقة وارتفاع أسعارها. ومن المرجح أن يتجاوز العجز المالي في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل المستوردة للنفط ما توقعته هذه البلدان عند إعداد ميزانياتها لعام 2022، وذلك بمعدل يتراوح بين نقطتين مئويتين وست نقاط مئوية، وستواجه البلدان المتوسطة الدخل زيادة في خدمة الدين بنحو 500 مليون دولار.
ونظرًا لكون الاتحاد الروسي وأوكرانيا مصدرين مهمّين لواردات الحبوب والزيوت النباتية، فقد أثارت الحرب مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي، حيث انخفضت إمدادات الحبوب والنفط إلى المنطقة بشكل كبير بسبب الاضطرابات في سلاسل التوريد والعقوبات. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل كبير، وتهدد الحرب عمليات توزيع المساعدات من قبل المنظمات الإنسانية، ما يعرّض ملايين اللاجئين والنازحين في المنطقة العربية لخطر الجوع.
وحثّت رولا دشتي الأمينة التنفيذية للإسكوا على مواصلة تدابير الحماية الاجتماعية أو زيادتها، ولا سيما تقديم السلع والإعانات الغذائية للأسر الأشد فقرًا والأكثر تعرّضًا للخطر. وشددت على أنه يجب على بلدان المنطقة البحث فوراً في مصادر بديلة للواردات الغذائية المتأثرة بالحرب وتطبيق تدابير لحماية المستهلك لمنع الزيادات غير المبررة في أسعار المواد الغذائية.
أما على صعيد الطاقة، فإنّ البلدان المستوردة بالمنطقة بدأت تعاني من التأثير المضاعَف لارتفاع أسعار الطاقة والسلع المستوردة، الأمر الذي يهدّد أمن الطاقة فيها، ويخل بموازينها التجارية، ويفرض ضغوطًا على موازناتها. وقد رفعت بعض البلدان أسعار الطاقة، مثل المغرب حيث ارتفعت أسعار الديزل بنسبة 15% والبنزين بنسبة 33%، و لبنان الذي شهد ارتفاعًا في أسعار السلع نفسها بنسبة 13% و4% على التوالي خلال الأسبوع الممتد من 21 إلى 25 مارس.
من ناحية أخرى، حقّقت البلدان العربية المصدّرة للطاقة مكاسب غير متوقعة نتيجة للزيادة في أسعار الطاقة، ومن المرجّح أن تستمرّ هذه الحالة لا سيما إذا طالت العقوبات على هذا القطاع الاتحاد الروسي وإذا بقيت مفروضة في الأجلين المتوسط والطويل. وتشير الدراسة إلى أنه يمكن استثمار هذه العائدات الجديدة في تعزيز صناديق الثروة السيادية.
وأضافت دشتي أنه كما أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع التحوّل الرقمي، فإن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تحوّلات في سلاسل التوريد، وإن بوتيرة أبطأ، وذلك بفعل رسم تحالفات اقتصادية واعتماد طرق تجارية جديدة، لافتة إلى أنّ هذا الوضع يفسح المجال لتعزيز التجارة بين البلدان العربية.
وتوصي الدراسة بضرورة خفض الحواجز التجارية والإجراءات والرسوم الجمركية لتسهيل تجارة الأغذية والحبوب والمواد الغذائية الأساسية في ما بين الدول العربية، وتدعو إلى دعم إنشاء صندوق عربي لطوارئ الأمن الغذائي لمواجهة الأزمة الحالية والأزمات المستقبلية.