أحبها الرحالة الأوروبيون.. التاريخ السرى لأشهر حلويات رمضان
رغم أن رمضان هو شهر الصيام إلا أنه أحفل شهور السنة بالولائم والموائد التى تزخر بأنواع الطعام والحلوى، وقد عرف منذ القدم بأنه شهر له طقوس في مختلف الدول العربية، فكل دولة لها مظاهر احتفال مختلفة عن الأخرى، ولعل ما يميز مصر عن غيرها من الدول المسحراتي والكنافة والقطائف والعرقسوس وغيرها من المظاهر التى لا توجد في بلد آخر.
"الدستور" يبحر في الكتب ليأتي بكل ما هو جديد في تاريخ طقوس شهر رمضان الكريم والذي من أبرز ملامحه الحلويات التي لا تخلو مائدة طعام من وجودها خلال شهر رمضان الكريم.
الكنافة والقطائف
ومن أنواع الحلويات التي اشتهرت وارتبط بالشهر الكريم "الكنافة والقطائف" ولا يرد اسم رمضان أمام المصريين مثلا إلا وتمثلت فى مخيلاتهم الكنافة والقطايف.
وقد بلغ شهرتهما أن جلال الدين السيوطى الفقيه والمؤرخ المصري الذي عاش فى العصر المملوكى جمع ما قيل فيهما نثرًا وشعرًا فى كتاب أسماه" منهل اللطائف فى الكنافة والقطائف"، بحسب ما جاء في كتاب "رمضان زمان" للكاتب الدكتور أحمد الصاوي.
وأما عن أصل الكنافة فيذكر أن ابن فضل الله العمري أول من اتخذ الكنافة من العرب هو معاوية بن أبي سفيان، وكان يأكلها في السحور، وذلك أنه شكا إلى طبيبه الجوع فوصفها له، بينما ذكر بعض المؤرخين أنها صنعت خصيصا لسليمان بن عبد الملك.
ومهما يكن من أمر الروايات فإن الكنافة والقطايف انتشرت وارتبطت بشهر رمضان في جميع أرجاء مصر، وقد لاقت رواجًا ملحوظًا فى كل مصر والشام ثم في بقية الأقطار العربية والإسلامية بدرجات متفاوتة، وبلغ من اهتمام أهل مصر بها حدًا أثار انتباه الرحالة الأوروبيين الذين زاروا مصر في القرنين 18 و19، فاسهبوا فى وصف طرق عملها وأطلقوا على الكنافة اسم" المكرونة المصرية".
وحتى اليوم تنتشر صناعة الكنافة والقطائف فى أرجاء مصر ريفًا وحضرًا فى المناطق شبه الصحراوية مثل البحر الأحمر، ولعل ذلك الانتشار الواسع هو الذي حدا بأحد المحتبسين الأتراك فى عصر محمد على أن يتخذ من الآنية التحاسية المستديرة التي تنضج الكنافة عليها، أداة لتعذيب الكنفانية الذين يرفعون أسعارها بدلًا من الذهاب بهم إلى ساحة القاضي، ويحوى الأدب العربي سجلًا حافلًا بالقصائد التى نظمها أصحابها فى الكنافة والقطائف.
ويرجع تسمية القطائف بهذا الاسم إلى العرب فقد اطلقوه نسبة إلى قماش القطيفة ذات الخمل، ويعد أبو الحسين الجزار المصري الذي عاش في عصر المماليك أكثر الشعراء وصفًا للكنافة والقطائف.
الزلابية
كما أن هناك أنواعًا أخرى اشتهرت بجانب الكنافة والقطائف في شهر رمضان في مصر وهى "الزلابية" ولكنها كانت أقل حظًا، ولكن كان يكثر عملها خلال الشهر الكريم، وكتب عنها ابن الرومى قصائد.
وكان ارتفاع أسعار هذه الأصناف يثير سخط الشعب وشكواه فى بلد مثل مصر، ففى عام 917 ارتفعت أسعار الكنافة والقطائف وغيرها من الحلوى التي تصنع في رمضان، فرفعت شكوى منظومة إلى المحتسب حوت أنواعًا من الحلواء وقتئذ.
الفالوذج
وكان من أصناف الحلوى أيضا التى كانت شهيرة فى رمضان ويألفها العرب " الفالوذج" وهى كانت تصنع من الماء والعسل والدقيق، واختلفت الروايات حول ظهورها، فقيل أول من صنع الفالوذ فى بلاد العرب عبدالله بن جدعان، وكان سيدًا شريفًا من مطعمى قريش كهشام بن عبد مناف فقد وفد هذا القرشي على كسري وأكل لديه الفالوذ، فابتاع من عنده غلامًا يصنعه وقدم به مكة فضع الفالوذ ووضع موائده بالأبطح إلى باب الكعبة ثم نادى: من أراد أن يأكل الفالوذ فليحضر.
واتفق أن حضر هذه الواقعة التاريخية الشاعر المعروف أمية بن أبي الصلت، وكثر حولها تنظيم الأبيات الشعرية.
اللوزينج
وكان ينافس الفالوذج نوع آخر من الحلويات فى شهر رمضان وهو " اللوزنبيج" وهو يشبه القطائف يؤوم بدهن اللوز، وكان العرب يسمونه قاضي قضاة الحلاوات، وقد قال البعض أن التمر" يسبح" في البطن فرد عليه آخر على هذا التقدير اللوزينج يصلى فيها التراويح.
ويبدو أن المنافسة كانت شديدة بين الفالوذج واللوزبينج شديدة وحادة، فكان يدخل الغرب على أثرهما منافسات ومسابقات ومن يفوز يأتي له بطبق منهما مثل ما يحدث مع الرشيد وأم جعفر.