«يستخدمونه كمنشط جنسي».. تهريب حيوان «خيار البحر» المجرم صيده والمهدد بالاتقراض
دفع حب الثراء السريع بالبعض إلى تهريب واحدًا من الحيوانات البحرية المهددة بالانقراض، وهو "خيار البحر" داخل مصر وخارجها لاستغلال فوائده المرتفعة لاستخدامه كمنشط جنسي عالي ما يهدد بالنهاية مُستقبل الثروة السمكية في مصر بجميع مخرجاتها.
يعيش فى قاع البحر آلاف من الكائنات البحرية المختلفة، من بين تلك الكائنات، حيوان خيار البحر النادر، الذي يعد من أغلى الكائنات البحرية سعرا لدخوله فى صناعات دوائية وعلاج عدة أمراض مختلفة منها الأورام، وكذلك استخدامه كمنشط جنسى للرجال، وكثرة الطلب عليه وخاصة فى دول شرق آسيا أدى إلى وضعه على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض فأصدرت الدول المختلفة قوانين بحظر صيده، ومنها مصر لحماية تلك الكائنات من الانقراض .
حيث قررت نيابة الغردقة إعدام 116 كيلو جرامًا من هذا الحيوان المهدد بالانقراض "خيار البحر"، وتم ضبطه بحوزة أحد التجار كما تم تشكيل لجنة من عدة جهات للإشراف على عملية الإعدام.
خيار البحر هو كائن بحري يعيش في قاع البحر بين الشعاب المُرجانية، وقد سُمى بذلك الاسم لكونه يُشبه في شكله نبات الخيار، ويتكون هذا الحيوان من مجموعة الشوكيات " القنفديات"، يعمل على فلترة مياه البحر والرمال، ويعيش فى القاع ما بين الشعاب المرجانية، حيث يدفن نفسه فى الرمال، وبين الطحالب.
قال الخبير البيئي الدكتور مجدي علام أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب في حديثه "للدستور" إن هناك اتفاق حماية التنوع البيولوجي، تجرم صيد "حيوان خيار البحر"، وغيره من الكائنات البحرية الأخرى مثل الترسة، مشيرًا إلى أن هناك أكتر من 12 نوعًا دخلوا حديثًا بقائمة الكائنات البحرية ممنوعة الصيد.
وتابع أن الكثيرون يلجأون إلى صيد "خيار البحر" لكونه يحتوي على عناصر غذائية هامة، بالإضافة إلى أنه يحتوي على العديد من العناصر التي تساعد في تنشيط الطاقة الجنسية لدى الرجال، لذا يستخدم بصورة كبيرة كمنشط جنسي لهم.
وأضاف أن دولة الصين كانت من أكثر البُلدان المستوردة له على الرغم من تنافي ذلك مع القوانين الدولية، مشيرًا إلى أنه من الصعب على أي دولة السيطرة الكاملة على كافة أعمال الصيد بمساحات 500 كم من شاطئ البحر الأحمر، ونظيرهما من شاطئ البحر المتوسط.
وأكد أن العديد من الدول مهما فرضت من الحراسات المُشددة لا يمكنها السيطرة على أعمال الصيد المُخالف على تلك المساحات الكبيرة، وهو ما يحدث مع الأسف أحيانًا على شواطئ مصر، مشيرًا إلى أن هذا الحيوان أصبح مهددًا بالانقراض بعد تلك الأعمال غير الشرعية في صيده.
وأردف أن الأزمة في أن أي حيوان بحري مهدد بالانقراض، هو في واقع الأمر، يتسبب في تهديد ما لا يقل عن سبعة أو ثماني أنواع أخرى مرتبطة بوجوده في هذا الوسط المائي، وهو ما يعني تهديدًا كبيرًا على مُستقبل الثروة السمكية، وما ينتج عنها من مُستخرجات.
الموت نتيجة رحلات صيده
وبتحقق "الدستور" تبين بالفعل أن هناك الكثير من وقائع الغرق المتكررة والكثيرة خلال الأعوام الماضية لشباب وصيادين أثناء الغوص بحثًا عن الثراء السريع، من داخل وخارج محافظة البحر الأحمر التي تمتد سواحلها بطول 1080 كم، من خليج السويس، إلى حدود السودان.
ويُعد الحادث الأكبر بالنسبة إليهم، هو غرق وإصابات العجز والشلل لأكثر من 34 شابًا في شهري يناير وفبراير من عام 2002، أثناء غوصهم في مياه البحر الأحمر fpeWh لصيد ذلك الحيوان البحري، والمعروف علميًا باسم Stichopus horrens"".
وقد تسببت ممارسات الصيد الجائر لهؤلاء الصيادين وغيرهم في تدمير مجمعات خيار البحر الأحمر، فحسب دراسة نُشرت في مجلة علم الحيوان الأساسي والتطبيقي ومجلة سبرنجر نيتشر عام 2019، للباحث محمد حمزة حسن بكلية الثروة السمكية بجامعة السويس، أكدت أن تلك الممارسات تسببت في تدمير أعداد خيار البحر، من خلال التطبيق في دراسته على منطقة أبو غصون بالبحر الأحمر، جنوب مدينة مرسى علم.
كما ذكرت الدراسة كذلك أنه تم استغلال تجمعات خيار البحر في البحر الأحمر المصري من خلال الصيد غير الخاضع للرقابة مع عدم وجود إدارة، وتم إجراء مسح لتجمعاته في منطقة أبو غصون البحر الأحمر، خلال ثلاث فترات في 2000 و 2006 و 2016، حيث كانت هذه الفترة وما بعدها هي الأكثر بحثا عن هذا الحيوان، وأشارت الدراسة إلى أنه في عامي 2000 و 2006، كان العدد الإجمالي للأنواع المسجلة 13 نوعًا، وانخفض إلى 7 أنواع فقط في عام 2016، كما تم اختفاء 82.6% من أنواع حيوان خيار البحر الأصلية خلال 16 عامًا.
وقد أكدت الدكتورة نهلة سمير أستشاري التغذية في حديثها لـ"الدستور" أن خيار البحر يعد مصدراً مرتفعاً بالبروتين، كما أنه قد يساعد على تقليل كمية الطعام المُتناولة، وتنظيم مستويات السكر في الدم، ويساعد مرضى السكري على التحكُّم بمستويات سكر الدم لديهم، كما يُعد مصدرًا غنيًا بالكولاجين الذي يدخل في صناعة الأدوية، والأغذية، ومستحضرات التجميل
وأوضحت أن الدراسة مخبرية نُشرت في مجلّة Science أشارت إلى احتواء خيار البحر على مادة تكافح الفطريات تُسمّى بـ Steroid glycoside، وهي مُسببّات الأمراض الموجودة في الخضراوات.
وتابعت أن مسحوق خيار البحر المجفف المجمد يقلّل من زيادة الوزن، كما يقلل من مستويات الدهون في الجسم، مما يساهم في التخفيف من السمنة وغيرها من الاضطرابات وتحسين الحالة الصحية لذا يستخدمه البعض
وفي تقرير رسمي صادر عن هيئة الثروة السمكية بوزارة الزراعة، كُشف أن خيار البحر له أهمية اقتصادية كبيرة في دول جنوب شرق أسيا وخاصة الصين، هونج كونج، ماليزيا وسنغافورة، إذ أنه يُستخدم كطعام احتفالي في وكذا يدخل في تصنيع الأدوية والعلاجات المختلفة كتدعيم الكلى والقلب وتقوية العظام وعلاج آلام الظهر وثالث لتقوية الرغبة الجنسية وعلاج العقم.
وذكر التقرير أن هذا الحيوان بدأ في الانقراض من بحر الصين والمحيطات المجاورة نتيجة لهوسهم ما جعلها تستورد من مصر هذا الحيوان رغم تجريم ذلك، وهو ما أدى أيضًا إلى ارتفاع سعره بصورة فلكية فأصبحت القطعة الواحدة من بعض أنواعه تباع بأكثر من 200 جنيهًا، مما نتج عنه التجاه الكثير من العمالة في مدن سواحل البحر الأحمر إلى الغوص بحثا عن هذا الخيار.