مطالب أممية بدعم قدرات القضاء الليبى لدعم الديمقراطية ومواجهة الانتهاكات
أكدت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، اليوم الإثنين، أن إعاقة قدرة القضاء في ليبيا بالترهيب والعنف تشكل عقبة أمام انتقال الضحايا الليبيين إلى نظام ديمقراطي.
وأوضحت البعثة، في تقرير نشرته الأمم المتحدة، أن ليبيا تمر بمرحلة حرجة تشهد انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد، مما يعوق قدرة الشعب الليبي على الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون.
وقالت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا ضمن تقريرها الثاني بشأن ليبيا، إن هناك انتهاكات تؤثر على الانتقال الديمقراطي، ونزاهة العملية الانتخابية، وتخويف الناشطين ومضايقتهم، والاعتداءات على السلطة القضائية باعتبارها الجهة الضامنة لحقوق الإنسان، فضلًا عن الانتهاكات الجماعية ضدّ الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين، والنساء، والناشطين السلميين، والمحتجزين.
أوضاع السجون
توصلت البعثة إلى أسباب معقولة للاعتقاد بانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية في ليبيا.
وتحقق البعثة في تقارير تفيد بانتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون التي أُعلن عن إغلاقها، لكن يُزعم أنها لا تزال تعمل سرًا، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية يُزعم أنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة ووجدت البعثة أيضًا أنّ السلطات لم تنفّذ الأوامر القاضية بإطلاق سراح المحتجزين في حالات عدّة.
وخلُصت البعثة، في تقريرها الصادر في أكتوبر الماضي، إلى أن أعمال القتل، والتعذيب، والسجن، والاغتصاب، والاختفاء القسري التي ارتكبت في سجون ليبيا قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية.
انتخابات ديسمبر
تتزامن تحقيقات بعثة تقصي الحقائق الأخيرة مع تزايد الاضطرابات السياسية في ليبيا، ولا سيما في المرحلة الأخيرة قبل تأجيل انتخابات ديسمبر 2021، والفترة اللاحقة. ويوضح الخبراء في التقرير أن هذا الوضع أوعز البعثة بتقصي الحقائق إزاء الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي يمكن أن تعرقل على نحو خاصّ الانتقال إلى سيادة القانون والانتخابات الديمقراطية.
ويشير الخبراء إلى أنّ عدّة أحداث مقلقة حصلت في الفترة التي سبقت ديسمبر 2021، وأدتْ إلى التشكيك في قدرة الحكومة وسلطات الأمر الواقع على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بضمان حريتيْ التعبير والتجمع للشعب الليبي. وتتضمن هذه الأحداث ما ورد من أنباء عن اعتقال الجماعات المسلحة لأفراد من سرت واحتجازهم، بسبب إبداء آرائهم حول الانتخابات أو دعمهم مرشحين محددين.
وتصف بعثة تقصي الحقائق أيضًا الإفلات المستمر من العقاب على الهجمات ضد النساء المنخرطات في السياسة ممّا يقوّض المشاركة السياسية الهادفة للمرأة، وتشير إلى محاولة مسلحين منع محكمة استئناف سبها من النظر في أهلية مرشحين للانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2021. وتعتبر البعثة أنّ السلطة القضائية تشكل ركيزة أساسية لدعم سيادة القانون، والانتقال الديمقراطي، وحماية حقوق جميع المتواجدين في ليبيا.
أوضاع المهاجرين
تشدّد البعثة التي تضمّ ثلاثة خبراء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة بحقّ المهاجرين، واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا. ووجدت البعثة في تقريرها السابق أن انتهاكات عدّة ضد هذه الفئات المستضعفة قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. ومنذ ذلك الحين، استمرت البعثة في توثيق أنماط متّسقة من القتل والتعذيب والأفعال غير الإنسانية، والاغتصاب والاضطهاد والاسترقاق.
وتشمل الأحداث الموثَّقة في التقرير الذي صدر اليوم مداهمة منطقة قرقارش في طرابلس في أوائل أكتوبر 2021، التي استهدفت الأجانب والمهاجرين، وما نتج عنها من استخدام مفرط للقوة في مراكز الاحتجاز الخاضعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وحققت البعثة أيضًا في الانتهاكات المستمرة على أيدي المُتاجرين بالبشر. وفي إحدى الحالات، أفاد عامل في صيانة القوارب عن اختطافه وتعذيبه على يد جماعة مسلحة ضالعة في الاتجار بالبشر.
تهديد الناشطين على الإنترنت
يذكر التقرير، الذي يصدر اليوم، أيضًا إفادات مقلقة عن شنّ هجمات على منظمات المجتمع المدني والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا. ويشير الخبراء إلى عدد من القوانين والأنظمة التقييدية، بما في ذلك قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، الذي تمت المصادقة عليه في 26 أكتوبر 2021. ويُذكر أنّ هذه القوانين تسهم في إسكات المجتمع المدني والصحفيين.
ويقول الخبراء وفق التقرير إنّ تهديد الناشطين على الإنترنت يتكرر بشكل روتينيّ. وساهمت حملةٌ مناهضةٌ للمساواة بين الجنسين إلى إطلاق خطابٍ للتحريض على الكراهية والعنف ضد النساء الناشطات، حسب ما ورد في التقرير.
ويقرّ التقرير بحسن تعاون السلطات الليبية مع البعثة، بما في ذلك تعاونها لتسهيل إجراء البعثة زيارة أولية مثمرة إلى بنغازي في مارس 2022، حيث تشارك المدّعون العامون بمعلومات عن تحقيقاتهم حيال بعض الأحداث. ولكنّ التقرير يحذّر أيضًا من التحديات العميقة والقائمة التي تحول دون ضمان المساءلة.
واختتم التقرير بتوصيات لإنهاء الانتهاكات، والسعي إلى المساءلة، وتعزيز المؤسسات الليبية المعنية بسيادة القانون من خلال توفير الدعم التقني لتحقيق الديمقراطية وسيادة القانون. وتوصي بعثة تقصي الحقائق بتمديد عملها إلى ما بعد تاريخ انتهاء ولايتها الحالية في 30 يونيو.