«وول ستريت جورنال»: واشنطن تكثف شحناتها من الغاز الطبيعي لأوروبا
تكثف الولايات المتحدة شحناتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا هذا العام في خضم محاولات أوروبا للبحث في جميع أنحاء العالم عن إمدادات جديدة للتخلص التدريجي من اعتمادها على الطاقة الروسية بعد غزو أوكرانيا.
وقالت صحيفة (وول ستريت جورنال الأمريكية) اليوم السبت إن الجهود المبذولة في جميع أنحاء العالم حتى تجد أوروبا إمدادات طاقة بديلة عن روسيا كان محور قمة الرئيس جو بايدن مع قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع في بروكسل.
وأفاد مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة تهدف إلى شحن 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا سنويا حتى عام 2030 على الأقل، وهو ما يمثل نحو ثلث الغاز الذي يتلقاه الاتحاد الأوروبي من روسيا.
ولقد استورد الاتحاد الأوروبي 22 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة العام الماضي.
ويتسابق المسؤولون في جميع أنحاء القارة لتوقيع عقود جديدة مع المنتجين في الشرق الأوسط وأفريقيا قبل الشتاء المقبل؛ كما قرر زعماء الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة أن يتحدوا سويا عند التفاوض على اتفاقيات التوريد، مستخدمين الثقل الاقتصادي الجماعي للكتلة للحصول على أسعار أقل.
وأشار مسؤولو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى أنهم يهدفون إلى زيادة الصادرات الأمريكية إلى الكتلة المكونة من 27 دولة هذا العام بما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال مقارنة بعام 2021.
وتريد الدول الغربية إنهاء النفوذ الذي تتمتع به روسيا على أوروبا باعتبارها أهم مورد للطاقة في القارة وبذلك تقطع شريان الحياة للاقتصاد الروسي. ويمثل الغاز الطبيعي أكبر مشكلة بالنسبة لأوروبا، لأن استيراد الغاز أصعب بكثير من استيراد النفط والفحم - صادرات الطاقة الرئيسية الأخرى لروسيا إلى أوروبا- عن طريق القوارب من موردين آخرين وذلك لأنه يجب تبريد الغاز إلى سائل وشحنه على ناقلة ثم إعادة تحويله إلى غاز في منشآت خاصة.
وقال بايدن أمس إن "وقف استيراد الغاز الروسي سيثقل أوروبا بتكاليف. لكنه ليس فقط الشيء الصحيح الذي يجب القيام به من وجهة نظر أخلاقية، بل إن ذلك سيضعنا على أساس استراتيجي أقوى بكثير".
وأفادت الصحيفة الأمريكية أن خطة إنهاء استهلاك أوروبا للغاز الروسي ستستغرق عدة سنوات على الأقل. وتدير البلدان التي تنتج الغاز الطبيعي المسال محطات التصدير الخاصة بها بكامل طاقتها، ويحتاج بناء محطات جديدة إلى وقت. ومن المتوقع أن يؤدي التحول عن الغاز الذي تنتجه روسيا إلى زيادة الضغط على فاتورة الطاقة في أوروبا، على الأقل على المدى القصير، قبل ظهور مصادر جديدة للطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية.
وقالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إنها تريد خفض واردات الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام.
وتعد الولايات المتحدة أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وفي ديسمبر ويناير الماضيين، كانت أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، وذهب ما يقرب من 70٪ من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى 27 دولة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وتركيا.
وتنوه الصحيفة بأن وعد إدارة بايدن بتوفير غاز إضافي إلى أوروبا يزيل بعض عدم اليقين السياسي حول مستقبل الغاز الطبيعي، ومن المرجح أن يشجع الاستثمار بمرور الوقت في الحفر والبنية التحتية الجديدة، لا سيما إذا كان بإمكان الحكومة تسريع السماح بخطوط الأنابيب ومنشآت الغاز الطبيعي المسال.
وللمساعدة في سد الفجوة، تقوم أوروبا بتخزين الغاز الطبيعي من منتجين آخرين مثل الجزائر وقطر. كما أنها تتحرك لتقليص الطلب على الوقود، من خلال خفض الدعم عن سخانات الغاز وربما إعادة تشغيل محطات حرق الفحم التي تم إغلاقها لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في أوروبا. ودفع السعر المرتفع للغاز الطبيعي ألمانيا ودول أخرى بالفعل إلى تشغيل محطات حرق الفحم.
وتسعى ألمانيا، أكبر مستورد للغاز الروسي في العالم، جاهدة لإيجاد إمدادات جديدة. ووقعت السلطات هذا الشهر اتفاقية لبناء أول منشأة للغاز الطبيعي المسال في البلاد، وأعلنت عن خطط لبناء منشأة ثانية. وتوصلت ألمانيا هذا الأسبوع إلى اتفاق في مجال الطاقة مع قطر، دون الكشف عن حجم الإمدادات.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أمس الجمعة إن خطط ألمانيا لبناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وخيارات التسليم من موردين غير روس ستسمح لها بإنهاء واردات الغاز الروسي بحلول عام 2024.
وتنهي فرنسا، التي تعتمد بشكل أقل على الغاز الروسي بسبب صناعتها الكبيرة للطاقة النووية، دعمها لسخانات الغاز الجديدة في المنازل وستدعم بدلاً من ذلك مضخات التدفئة الكهربائية. وتفكر إيطاليا، ثاني أكبر مستهلك للغاز الروسي بعد ألمانيا، في حرق الفحم في بعض محطات الطاقة بدلاً من الغاز الطبيعي.
وتخطط بولندا، وهي مستهلك كبير للغاز الطبيعي، للتوقف عن شراء الوقود بالكامل من روسيا نهاية هذا العام مع انتهاء عقدها مع شركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم.
وستعوض الغاز الروسي بالأمريكي ومن أماكن أخرى، بما في ذلك خط من النرويج من المقرر أن يبدأ تشغيله في وقت لاحق من هذا العام.