أندريه شديد وداليدا.. كيف جمع يوسف شاهين بين نجمتين في الأدب والفن؟
في شهر مارس من كل عام يحتفل العالم بأعياد المرأة والربيع والأم، واليوم العالمي للشعر، ومن المبدعات اللاتي يتزامن مولدهن خلال شهر المرأة العالمي، الكاتبة أندريه شديد.
وأندريه شديد، من أصول سورية لبنانية، ولدت في القاهرة في عام 1920، شاعرة وروائية فرنسية، من أهم مؤلفاتها، رواية "اليوم السادس"، والتي قدمها المخرج يوسف شاهين، في فيلم سينمائي يحمل نفس العنوان، وقامت ببطولته المطربة الفرنسية من أصل مصري داليدا.
حازت أندريه شديد على جائزة «الجونكور» الفرنسية وهي أرفع الجوائز الأدبية في فرنسا مرتين، المرة الأولي في العام 1979 عن روايتها "الجسد والزمن"، والمرة الثانية حازت عليها في الشعر عام 2002.
وتعتبر أندريه شديد، من أهم كاتبات الأدب النسوي ومن أبرز الأصوات الإبداعية فيه، كما مزجت في أدبها بين العديد من الثقافات، ففي كتاباتها نجد الثقافة اللبنانية التي تأثرت بها من والدها سليم صعب، والثقافة السورية المتمثلة في الأم أليس خوري، والنشأة والمولد في مصر التي كانت تعتبرها الوطن الأساسي لها.
وتعمقت أندريه شديد وتأثرت بالمجتمع المصري منذ نعومة أظفارها، حتى وأنها بعدما أصبحت كاتبة عالمية مشهورة لم يغب عنها الريف المصري.
تلقت تعليمها الأولي في مدارس الراهبات والقلب المقدس، وتنقلت عدة مرات بصحبة والدتها إلي أوروبا، ثم عادت إلى مصر لدراسة الصحافة والأدب في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
كانت أندريه شديد، شديدة الاعتزاز بمصريتها، وقالت: "عندما أكتب فإنني أكتب نفسي، وحينما أكتب نفسي أجد جزءً فأبحث عن الآخر بداخل المجتمع المصري".
تأثرت أندريه شديد، بكتابات ألبير قصيري، أحمد راسم، المذيعة الشاعرة سلوي حجازي والتي كانت تكتب الشعر بالفرنسية، وحينما كانت تكتب، فإنها تكتب بوعي، ففضلت أن تعيش في المجتمع الريفي من الداخل، وآثرت أن تكتب عن الفقراء في الريف المصري، لا لشيء سوى أن الكاتب العربي عندما يكتب باللغة الفرنسية فإنه يتوغل داخل المجتمع برؤية السائح، لا برؤية المشارك في المصير والواقع، وهو الطريق الذي تحاشت أندريه شديد الخوض فيه، واختارت أن تكتب بمصرية خالصة، فكانت تبحث في عمق المجتمع المصري، عن الحضارة المصرية، فجاءت كتاباتها شديدة الصدق، رغم أنها لم تكن تجيد اللغة العربية، فقد بدأت الكتابة باللغة الإنجليزية، وبعد ذلك انتقلت للكتابة باللغة الفرنسية.
ولاقت كتابات أندريه شديد، استحسان وقبول القراء سواء في مصر أو في فرنسا، حتى صارت أيقونة من أيقونات الأدب الفرنسي، وعندما سُئلت لماذا لا تكتب باللغة العربية قالت: "لأنني عربية الأصل، مصرية النخاع، وليس لدي مشكلة في الكتابة باللغة الفرنسية".
"اليوم السادس" نجمتين مصريتين لمعتا في سماء باريس
في عام 1986، شهدت دور العرض السينمائية المصرية، رواية الكاتبة الفرنسية أندريه شديد "اليوم السادس"، في فيلم سينمائي يحمل العنوان نفسه، وقامت ببطولته النجمة المصرية العالمية الفرنسية، ابنة حي شبرا الشديد المصرية، داليدا، وشاركها البطولة الفنان الشاب وقتها محسن محيي الدين، وأخرج الفيلم المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين.
كان يوسف شاهين قد توغل في قراءة ودراسة أدب أندريه شديد، والتي كتبت في روايتها "اليوم السادس"، عن القرية المصرية الفقيرة في زمن وباء الكوليرا، وجسدت مشاعر الجدة التي تجد حفيدها الطفل الذي ينتظر المجهول جراء الوباء الذي أصاب القرية في ذلك الزمن، فنجحت أندريه شديد في إظهار وتجسيد واقع المجتمع المصري، وواقع القرية المصرية القديمة من خلال الفقر المدقع الذي كانت تعانيه القرية أثناء وباء الكوليرا.
وتعد أندريه شديد قيثارة الفن الأدبي النسوي في القرن العشرين، وهي تمثل مرحلة جديدة من مراحل تطور الفكر الأدبي، وكانت تقول "أن وطني هي حروفي"، وكانت تتخذ من الكتب أيقونتها، وتتخذ من الحروف وطنا لها، كانت تقول إنها تنتمي على عالم بلا حدود، حتى أنها لم تتبع مدرسة أدبية بعينها، فعندما سُئلت إلى أية مدرسة أدبية تنتمي، قالت: «أنا لا انتمي إلى مدرسة معينة، حينما أنتج وأصدر كتابًا يقرأه الآخرون فقد أصبح الكتاب ملكا للآخرين».