«سترات ناسفة.. وانتحاري».. تفاصيل تُروى لأول مرة عن نسف الكنيسة البطرسية وقتل 29 مواطنًا (2)
«في ساعة محددة وصل المنتحر محمود حسن مبارك للكنيسة المرقسية بالعباسية، حاول دخولها فاستوقفته قوة تأمينها، ففجّر السترة الناسفة وخلّف وراءه 18 قتيلًا والعديد من المصابين والتلفيات بالكنيسة ومبناها والحوانيت والمباني المجاورة والمحيطة بها».. هكذا وصف ضباط الأمن الوطني تحرياتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«تفجير الكنائس».
وقال ضابط قطاع الأمن الوطني إن معلومات وردت إليه على أثر الملاحقات الأمنية واستهداف خلايا الجماعة الإرهابية المسماة «داعش»، التي تعتنق أفكارا تكفيرية متطرفة تقوم على تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه وقتاله وأفراد القوات المسلحة والشرطة بدعوى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، واستهداف منشآتهم العامة، واستباحة دماء المسيحيين واستحلال أموالهم وممتلكاتهم ودور عبادتهم بغرض إسقاط الدولة والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.. وصدرت تكليفات من قيادات تلك الجماعة بالبلاد لكوادرها بإعادة تشكيل خلاياها العنقودية وإنشاء وتأسيس أخرى بالمحافظات المختلفة، والتي تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى تلافيًا للرصد الأمني، عن طريق ضم عناصر للجماعة من معتنقي ذات الأفكار وممن تلقوا تدريبات عسكرية واستقطاب آخرين، وأعدوا لذلك برنامجًا لهم ارتكن لثلاثة محاور، أولها فكري يقوم على عقد لقاءات تنظيمية لتدارس الأفكار والتوجهات التكفيرية ومطالعتها عبر المواقع الإلكترونية، ومتابعة إصدارات الجماعة عبر شبكة المعلومات الدولية، ودراسة كتيبات ترسخ أفكارها.
- أسماء حركية واتصال «تليجرام»
وأوضح ضابط قطاع الأمن الوطني أنه يتم انتقاء العناصر التكفيرية وتأهيلهم نفسيًا لتنفيذ عمليات انتحارية، وفكريًا بإقناعم بشرعية تلك العمليات.. والمحور الثاني أمني، تمثل في كشف المراقبة وكيفية التخفي باتخاذ أسماء حركية والتسمي بها فيما بينهم، وإسقاط لحاهم وقطع صلتهم بمحيطيهم، وتغيير أرقام هواتفهم النقالة واستخدام أخرى جديدة، والتواصل فيما بينهم عبر برامج اتصال مؤمّنة، مثل «تليجرام».
والمحور الثالث عسكري، لإعداد عناصر الجماعة بدنيًا وعسكريًا بعقد دورات داخل البلاد بمعسكرات الجماعة وخارجها؛ لتأهيلهم ورفع قدراتهم القتالية بتدريبهم على كيفية استخدام الأسلحة النارية وحرب العصابات والمدن والشوارع، وإعداد وتصنيع العبوات المفرقعة وكيفية استعمالها تمهيدًا لتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد.
- دعم لوجستي وتأهيل عسكري
وفي سبيل ذلك استعان قادة تلك الجماعة بالمتهمين عزت محمد، وشهرته «عزت الأحمر» حركي «منصور الدولي»، ومهاب مصطفى السيد قاسم، حركي «الدكتور»، ونفاذًا لما صدر من تكليفات تمكن المتهم الأول من تأسيس خلية لها بمحافظة قنا، واستعان بالمتهم الثالث عمرو سعد عباس إبراهيم، حركي «بدر وأسعد» مكني «أبوعبد الله وأبوأحمد»، في إدارتها وتشكيلها وانتقاء أعضائها.
وصدرت تكليفات من قيادات الجماعة للمتهم التاسع والثلاثين حسام نبيل بدوي، حركي «شريف»، بالعمل كحلقة وصل لنقل التكليفات بينهم ومسئولي الخلايا علاوة على تقديم الدعم اللوجستي لهم لتحقيق أغراض الجماعة.
وأضافت تحرياته بإصدار المتهم الثاني المتواجد بشمال سيناء تكليفًا للمتهم الثالث بتسفير عناصر من خليته لمحافظة شمال سيناء ليتولى تأهيلهم عسكريًا تمهيدًا لتنفيذ عملياتهم العدائية، حيث سافر المتهمون وتلقوا تدريبات بدنية بمعسكرات الجماعة بها وأخرى على كيفية استخدام الأسلحة النارية وتصنيع المفرقعات والأحزمة الناسفة.
- عبوات مفرقعة وتكليفات عسكرية
كما اضطلع المتهم الثالث بتكليف من الثاني بإعداد ذات البرنامج الفكري والحركي والعسكري لعناصر الخلية، فتولى مسئولية الجانب الفكري لها وترسيخ أفكار الجماعة لديهم، كما أصدر تكليفًا للمتهم مصطفى سيد علي بتولي مسئولية تصنيع العبوات المفرقعة وإعداد دورات لعناصر المجموعة.
وأضافت تحرياته أن تلك الجماعة اعتمدت في تحقيق أغراضها على ما أمدها به المتهمون من أموال وأسلحة ومفرقعات، وما أمدها بها المتهم محمد مبارك عبدالسلام وآخرون من مفرقعات وأماكن لإيواء أعضائها، علاوة على أسلحة نارية تم تهريبها بواسطة عناصر بالجماعة من دولة ليبيا عبر الحدود الغربية للبلاد.
واعتمدت الجماعة في تنفيذ عملياتها العدائية على ما يمدها به المتهمون من معلومات وبيانات، وقف منها على رصدهم كمين النقب، علاوة على ما أمدها به المتهمون من معلومات عن دير الأنبا مكاريوس، بطريق وادي الريان بمحافظة الفيوم، ومداخله ومخارجه.
- تفجير الكنيسة البطرسية
واستمرارًا في تنفيذ تلك الجماعة مخططها لإسقاط الدولة، اضطلع عناصرها بارتكاب العديد من العمليات الإرهابية، منها واقعة تفجير الكنيسة البطرسية بحي العباسية، بقصد قتل مرتاديها وتخريبها، بأن أصدر المتهمان الأول والثاني تكليفًا للمتهمين الثالث والرابع، والمتوفي محمود حسن مبارك، بنقل الانتحاري محمود شفيق مصطفى، إلى الوحدة السكنية لإيوائه بها حتى يوم الواقعة، ونقل المتهمان الأول والتاسع والثلاثون حسان نبيل بدوي، بسيارة «رينو سانديروا رمادية»، وحقيبة تحوي ثلاث سترات ناسفة، سبق تجهيزها من محافظة قنا، سلمها للمتهمين الثالث والرابع، بمحيط منطقة الزيتون، واللذين التقيا الانتحاري محمود شفيق مصطفى، وأقاموا بالوحدة السكنية حتى توجهوا ورصدوا الكنيسة البطرسية بالعباسية ووقفوا على مداخلها وقوام تأمينها.
- تجهيز الانتحاري وسترة ناسفة
وتوجهوا مستقلين سيارة المتهم الرابع عقب تجهيز الانتحاري محمود شفيق مصطفى بالسترة الناسفة، وإعداد وصلات تفجيرها حتى وصلوا على مقربة من الكنيسة، فترجل الانتحاري صوب الكنيسة مقتحمًا مبناها، وما أن وصل لقاعة النساء فيها حتى فجّر السترة الناسفة فأحدث الانفجار، بينما ظل المتهمان الثالث والرابع بمحيط الواقعة يراقبان وقوعه، فخلفوا وراءهم 29 قتيلًا، وأصابوا 37 آخرين وتلفيات بالكنيسة ومبانيها وملحقاتها.
أما عن واقعة استهداف أفراد شرطة كمين النقب بطريق الخارجة- أسيوط، بالوادي الجديد، والتي نتج عنها وفاة 8 من أفراد الكمين وإصابة 3 آخرين، فقد أصدر المتهمان الأول والثالث تكليفًا بارتكابها، ونفاذًا لذلك انتقلا والحركي «شبل» من معسكرهم بالطريق الصحراوي الغربي لمكان الكمين، ورصدوه على مدار عدة أيام حتى وقفوا على طرق دخوله والخروج منه والمناطق المحيطة به وأوجه تأمينه والقائمين عليه من القوات وعدتهم وعتادهم.
وعلى أثر ذلك اجتمع المتهم الأول بهم ووضع مخططًا حدد به وقت تنفيذها ومنفذيها ودور كل منهم وتدربوا بمنطقة الصحراء على كيفية تنفيذها، وبيوم التنفيذ انطلقوا صوب الكمين مستقلين سيارات دفع رباعي، ومحرزين أسلحة نارية: بنادق آلية ومدافع رشاشة وعبوات مفرقعة، وقاذفات آربي جي، وقسمهم المتهم الأول لأربع مجموعات، كل مجموعة بسيارة، الأولى بها المتهمان الخامس مصطفى عمر أبوبكر، والمتوفى ممدوح أمين بغدادي، والحركيان «عبدالله التونسي»، «حارث».
وكان هناك آخرون بيوم الواقعة انتقلوا إلى بقعة حدودها بالدروب الصحراوية المتاخمة لطريق الخارجة، انطلقوا منها محرزين أسلحتهم والمفرقعات صوب الكمين عقب إعداد أسلحتهم، قاصدين الكمين، وما أن وصلوا حتى باغتوا الأفراد القائمين عليه وأمطروهم بوابل من الأعيرة النارية من أسلحتهم الآلية واستهدفوا أبراج مراقبته، فقتلوا القائمين عليه من أفراد الشرطة، وزرعوا عبوات مفرقعة بالكمين ومبانيه، وحال هروبهم سرقوا الأسلحة والمهمات عهدة أفراد الكمين وهواتفهم المحمولة.
بينما واقعتا استهداف كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا، بمحافظة الغربية، والكنيسة المرقسية بمحافظة الإسكندرية، بقصد قتل مرتاديهما تخريبهما، بأن أصدر المتهمان الأول والثالث تكليفًا للمتوفيين ممدوح أمين محمد بغدادي، ومحمود حسن مبارك باستهدافهما بسترتين ناسفيتين، الأولى يفجرها الانتحاري ممدوح أمين بغدادي، ومحمود حسن مبارك يفجر الكنيسة المرقسية، ونفاذًا لذلك تم رصد الكنيستين ووقفا على مداخلهما ومخارجهما وقوة تأمينهما، وما أن تيقنا من إمكانية استهدافهما حتى كلفا المتهم التاسع والثلاثين حسام نبيل بدوي حامد باصطحابهما ونقلهما حيث الكنيستين.
فأقلهما بسيارته «رينو سانديرو رمادية»، وأوصل كل منهما على مقربة من مكان الكنيسة المكلف بتفجيرها، عقب تجهيز كل منهما بسترة من المفرقعتين، وما أن وصل المنتحر ممدوح أمين بغداداي إلى كنيسة مار جرجس حتى دخل مكان تعبد المسيحيين بها وفجّر السترة المفرقعة، فخلف وراءه 28 قتيلًا والعديد من المصابين وتلفيات بالكنيسة ومبانيها وملحقاتها.
ولما وصل المنتحر محمود حسن مبارك للكنيسة المرقسية بالعباسية حاول دخولها، فاستوقفته قوة تأمينها، ففجّر السترة الناسفة، وخلف وراءة 18 قتيلًا والعديد من المصابين والتلفيات بالكنيسة ومبناها والحوانيت والمباني المجاورة والمحيطة بها.