"العالمي للفتوى" في تقريره نصف السنوي: فتاوى الإخوان تحرض على الحروب الأهلية
استعرض، اليوم الأربعاء، "المؤشر العالمي للفتوى" التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تقريره نصف السنوي لعام 2019، والذي سعى من خلال عمليتي رصد الفتاوى وتحليلها بأحدث وسائل التحليل الاستراتيجي إلى تفكيك الخطاب الإفتائي للوقوف على نقاط القوة والضعف؛ وذلك بهدف المساهمة في تجديد الفتوى، ومن ثم تجديد الخطاب الديني الذي دعت إليه القيادة السياسية مرارًا.
من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار فضيلة المفتي والأمين العام لأمانة الإفتاء في العالم، أن أهمية مثل تلك المؤشرات تكمن في استجابتها لطبيعة عصر المعلومات والسماوات المفتوحة، كما أنها تساعد على تشخيص وفهم الموضوع المدروس وكيفية مواجهته، فضلًا عن أنها توفِّر معلومات لصُنَّاع القرار والمتخصصين عن بروز مواطن الخلل وتقديم سبل العلاج في الخطاب الإفتائي، ومن ثمَّ بناء التصورات والآراء والسيناريوهات المستقبلية.
وأضاف نجم أن المؤشر العالمي للفتوى يقدِّم في تقريره نصف السنوي الأول نماذج جديدة في الشأن الديني ونتائج تستحق التأمل والدراسة والبناء عليها، لا سيما تلك الخاصة باستطلاعات الآراء وفتاوى الأقليات المختلفة، وكذلك الأدوات الخفية التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية لنشر أجنداتها، كالتليجرام وغيرها، مؤكدًا أن المؤشر يسعى دومًا لمطابقة المواصفات الخاصة بالمؤشرات والمعايير العالمية، من حيث تحليل كافة أركان الفتوى وفق أحدث الأدوات الاستراتيجية.
وأكد مستشار المفتي أن المؤشر يضع الصورةَ كاملةً بما تحمل من آمال وآلام وتوصيات ومناشدات أمام المؤسسات المعنية وصُناع القرار، لأخذ ما يرونه مناسبًا في سبيل رفعة وارتقاء الدول، والمحافظة على النشء من مخاطر التطرف والإرهاب.
من جهته، أوضح طارق أبو هشيمة مدير المؤشر العالمي للفتوى ورئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء المصرية، أن المؤشر قدَّم روشتة علاج لكافة القضايا المرتبطة بالشأن الديني بشكل عام والإفتائي على وجه الخصوص، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء وفرت كل الأدوات اللازمة والآليات لتنفيذ مراحل عمل هذا المؤشر، بداية من جمع المادة الإفتائية ثم رصدها بحسب نطاقها الجغرافي، وتحليل كافة أركانها تحليلًا كميًّا وموضوعيًّا للخروج بنتائج وتوصيات تفيد الجميع.
وصرح أبو هشيمة أن أبرز نتائج المؤشر تمثلت في ارتفاع نسب الفتاوى عالميًّا خلال شهر مايو لتزامنه مع قدوم شهر رمضان المبارك وما يشهده من تساؤلات واستفسارات المجتمع المسلم، لافتًا إلى أن الفتاوى المصرية جاءت في مقدمة النطاقات الجغرافية العالمية بنسبة (31%) تلتها فتاوى دول الخليج بنسبة (29%).
فتاوى التنظيمات الإرهابية.. لا يزال التطرف مستمرًّا
وقدَّم أبو هشيمة صورة تفصيلية لما يتضمنه الخطاب الإفتائي للتنظيمات الإرهابية، حيث رصد المؤشر ما يقارب 1000 إصدار لأبرز التنظيمات الإرهابية الفاعلة على الساحة الدولية، وعلى رأسها تنظيم "داعش" الإرهابي في كل أماكن وجوده والتي يطلق عليها التنظيم اسم "الولايات" والتنظيمات التابعة له، وأبرزها "جماعة بوكو حرام"، وتنظيم "القاعدة" سواء التنظيم المركزي أو مختلف التنظيمات التابعة له، وكذلك فتاوى جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير.. وغيرها من التنظيمات ذات الخطاب المتطرف.
أما عن أكثر التنظيمات الإرهابية إصدارًا للفتوى، فأوضح مدير المؤشر أن تنظيم "القاعدة" تصدَّر الترتيب مقارنة بما عداه من التنظيمات الإرهابية، لتأتي فتاواه بنسبة 51% متسمة بالتنوع في طبيعة الموضوعات ولتتزايد بصورة ملحوظة مع قدوم شهر رمضان بإصدار فتاوى الصيام والزكاة وقضايا المرأة.
وجاءت فتاوى تنظيم "داعش" الإرهابي ثانية بنسبة 25%، واتسمت بالكثافة مع مطلع العام 2019 وتركزت موضوعاتها حول "الجهاد" والتحريض على الثبات واستمرار العمليات الإرهابية، ولتنخفض بصورة ملحوظة بعد هزيمة التنظيم في الباغوز، سوريا، مارس 2019.
وتابع أبو هشيمة أن فتاوى "حزب التحرير" وأميره "عطاء بن خليل أبو الرشتة" جاءت في المرتبة الثالثة بنسبة 10%.
فتاوى "الإخوان المسلمين".. تحريض على الحروب الأهلية وهدم للثوابت الوطنية
وتناول أبو هشيمة فتاوى تنظيم "الإخوان المسلمين" الإرهابي، مشيرًا إلى أن تلك الجماعة لا تقل خطورة عن خطورة التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل "القاعدة"، و"داعش"، بل عدها البعض أخطر بسبب تغلغل أتباع ومنظري التنظيم في بعض المجتمعات، بل هناك حكومات كاملة تتولى رعايته ودعمه، كما أن هناك مؤسسات إفتائية كاملة تنتهج الفكر "الإخواني" في بعض الدول العربية.
وعن أبرز إحصاءات فتاوى جماعة الإخوان، اعتبر مدير المؤشر أن (55%) من فتاواها تحرِّض على العنف والحروب الأهلية واستهداف الجيوش الوطنية، كما أن (45%) من فتاوى التنظيم "استقطابية" تتسم بالبعد عن التشدد لاستقطاب المتلقي وتهيئته لتقبل الفكر المتطرف.
المؤشر يحذر من خطورة تطبيق "يورو فتوى" المتطرف.. واستجابات أوروبية رسمية بحظره
وتناول أبو هشيمة تطبيق أو أبلكيشن "يورو فتوى" التابع للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، التابع لجماعة الإخوان الإرهابية، حيث حذر المؤشر من خطورة التطبيق وما يبثه من أفكار وفتاوى وآراء متطرفة تنمِّي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، وقد طالبت جهات رسمية في كل من ألمانيا وفرنسا بحظره بين الشباب المسلم في البلدين.
وحول أهم أسباب حذف "يورو فتوى"، بيَّن مدير وحدة الدراسات بدار الإفتاء أنها تمثلت في رئاسة الأب الروحي لجماعة الإخوان الإرهابية "يوسف القرضاوي" للمجلس الأوروبي للإفتاء؛ وهو ما أثار الذعر في نفوس الكثير من الغربيين، لما يصدره من فتاوى تحمل توجهًا وأيديولوجية ذات أهداف ضيقة وبعيدة كل البعد عن مفهوم الوطن والمواطنة والعيش المشترك.
واستدل المؤشر ببعض فتاوى القرضاوي التي ساهمت في اتهام الإسلام بمعاداة غير المسلمين، حيث قال القرضاوي: إن "نشر الإسلام في الغرب واجب على كل المسلمين، وإن احتلال أوروبا وهزيمة المسيحية سيصبحان أمرًا ممكنًا مع انتشار الإسلام داخل أوروبا".
وبعد مهاجمة تنظيم القاعدة للولايات المتحدة، أوضح القرضاوي أن ما وصفها بــ "أسلمة أوروبا" ستكون "بداية عودة الخلافة الراشدة"، كما أعلن أن "الإسلام سيعود مجددًا لأوروبا كقوة فاتحة ومنتصرة بعد طرده من هذه القارة لمرتين".
المؤسسات تتفوق على الشخصيات
وحول مُصدر الفتوى (سواء كان شخصية أم مؤسسة) أشار مدير المؤشر إلى تفوق المؤسسات على الأشخاص في الاستحواذ على إصدار الفتاوى في العالم بنسبة (63%)، في حين شكَّلت الفتاوى الصادرة من قِبل الشخصيات (37%).
وأكد أبو هشيمة أن المؤشر فجَّر مفاجأة خاصة بفتاوى الأقليات، حيث اعتمدت (92%) من فتاوى الأقليات المسلمة في الغرب على المؤسسات والمجالس الإفتائية، مقارنةً باللجوء للمشايخ والدعاة، معتبرًا أن ذلك يؤشر لنقطتين مهمتين: الأولى الاتجاه في الغرب لمأسسة الفتوى بشكل ملحوظ، وعدم ثقة المستفتين في بعض الدعاة والمشايخ لحملهم أجندات بعينها.
فتاوى العبادات الأكثر ظهورًا.. والحكم (جائز) ومفرداته يهيمن على الأحكام
وانتقل مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء المصرية إلى مجالات وموضوعات الفتاوى في العالم والأحكام الشرعية المرتبطة بها، حيث أكد أن فتاوى العبادات كانت الأكثر ظهورًا بنسبة 51%، وذلك تزامنًا مع المواسم الدينية المتمثلة في أشهر: "رجب وشعبان ورمضان" خلال النصف الأول من عام 2019، لا سيما مع تعدد الفتاوى المتعلقة بأحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج.
وحول الأحكام الشرعية الواردة في الفتاوى العالمية خلال النصف الأول من 2019، ذكر أبو هشيمة أن الحكمين: "جائز" و"غير جائز" استحوذا على النسبة الكبرى مقارنة بباقي الأحكام، وجاءت نسبة كل حكم منهما على حِدة على النحو التالي: 45% للحكم "جائز"، 33% للحكم "غير جائز".
95% من فتاوى الدول الأجنبية نُشرت عبر السوشيال ميديا
وواصل أبو هشيمة عرض نتائج المؤشر، حيث أكد أن وسائل الإعلام التقليدي (الصحف والمواقع الإخبارية والقنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية) عرضت الفتاوى نسبة 54%، ويرجع ذلك إلى انتشار عدد من البرامج المتخصصة في الفتوى عبر الإذاعة والتلفزيون، فضلًا عن تخصيص بعض الصحف والمواقع الإلكترونية صفحات وأبوابًا كاملة "للفتوى"، أما مواقع التواصل الاجتماعي فنالت نسبة 46%.
وأوضح مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء أن مواقع التواصل تصدرت في بعض النطاقات دون الأخرى، فقد حصلت المملكة العربية السعودية على النسبة الكبرى من الفتاوى المنشورة على السوشيال ميديا خليجيًّا، واستحوذت مواقع التواصل الاجتماعي على نسبة 95% من إجمالي مصادر نقل الفتوى في النطاق الإقليمي والدولي، حيث لم تهتم وسائل الإعلام التقليدية بنشر الفتوى بصورة كبيرة.
تليجرام.. وسيلة الإرهابيين الآمنة للتواصل وتنفيذ العمليات القتالية
أما حول الآليات التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لنشر أفكارها، فقد أكد أبو هشيمة أن موقع التواصل الاجتماعي "تليجرام" يعد أحد الأدوات التي تستخدمها التنظيمات المتطرفة، لأنه يحتوي على خصائص أمان للمحادثات السرية وكذلك ما يسمى بـ "عداد التدمير الذاتي للرسائل والمحادثات".
وأضاف أن تنظيم "داعش" كان أكثر التنظيمات الإرهابية استخدامًا لهذا الموقع بنسبة 45%، والقاعدة يعيد تدشين حساباته من جديد، كما أن 63 % من محتوى القنوات الإرهابية عبر هذا الموقع جاءت في شكل (صور وصوتيات).
وتابع أبو هشيمة أن تنظيم "القاعدة " جاء كثاني أكثر التنظيمات الإرهابية حضورًا عبر " تليجرام"، لافتًا إلى أن ذلك قد يرجع إلى قيام تنظيم القاعدة بإعادة تدشين قنوات جديدة عبر الموقع، وإعادة بناء نفسه بهدوء، في الوقت الذي كان يهيمن فيه تنظيم "داعش" على عناوين الأخبار.