فيلم "الممر" وتحية واجبة للشئون المعنوية وصناع الفيلم وأبطاله
من المؤكد أن فيلم "الممر" هو أفضل دعاية لقواتنا المسلحة وأبطالها البواسل، كما أن الفيلم أعاد إلينا الثقة فى قدرتنا على إنتاج أفلام سينمائية هادفة، وعلى مستوى عالٍ فى كافة أطراف عملية الإنتاج.
الجدير بالذكر أيضا أن فيلم "الممر" سيكون علامة فارقة فى تاريخ هذه النوعية من الأفلام، وسيكون خطوة مشجعة لكل صناع الأفلام فى الاتجاه إلى إنتاج الأفلام الحربية والتاريخية بعد غياب طويل.
وسيبقي فيلم "الممر" عملًا مهمًا في تاريخ السينما المصرية في الألفية الجديدة وفي صناعة أفلام الحرب، حيث لا يخفي على أحد أن الفن الجيد يفرض نفسه، ويكفي أنه بعد تاريخ سلسلة الأفلام الشهيرة التي صدرت في السبعينيات من القرن الماضي لم يخرج علينا عمل متكامل نفخر بوجوده وبالمجهود المبذول من ناحية إنتاجه وصناعه خلف الكاميرا، وأبطاله الذين لا تسع مثل هذه السطور للحديث عنهم.
ومن هذه الزاوية يجب أن نشير إلى أن فيلم "الممر" يعيد للأجيال الجديدة الروح المعنوية لأنها لم تعش هذه المراحل، حيث يجسد الفيلم ملحمة بطولية من وقائع حقيقية لبطولات الصاعقة المصرية، من تأليف وإخراج شريف عرفة، وشارك في كتابة حوار الفيلم، وقام بتأليف الأغانى الشاعر أمير طعيمة، والفيلم بطولة: أحمد عز وأحمد رزق وإياد نصار وأحمد فلوكس ومحمد فراج وأحمد صلاح حسنى ومحمد الشرنوبى ومحمد جمعة ومحمود حافظ وأمير صلاح الدين وأسماء أبواليزيد.
ويذكر لأبطال فيلم «الممر» أنهم قدموا ملحمة سينمائية مبهرة عن بطولات وتضحيات وبسالة وعظمة وقوة الجيش المصرى في حربه الشرسة ضد العدو الإسرائيلى، وهو من أفضل الأفلام خلال الـ50 سنة الماضية، لذلك فإن "الممر" ليس مجرد فيلم ولكنه وثيقة سينمائية صادقة وواقعية عن حرب الاستنزاف التي خاضها خير أجناد الأرض بعد نكسة 67، واستردوا من خلالها عزيمتهم وإصرارهم وكبرياءهم وكرامتهم للانتقام من العدو الإسرائيلى.
والملفت هنا أن الفيلم يقدم رسالة قوية لكل من يهوون تسميم أبداننا في ذكرى النكسة من كل عام، ويتجاهل هؤلاء أن هذه الهزيمة المروعة لم تنجح فى كسر إرادة شعب واجه عدوه بعد أيام قليلة من الانكسار، ليخوض حرب الاستنزاف التى لم تنل القدر الكافى من التقدير والاهتمام، وهو ما حاول فيلم «الممر» لفت الانتباه إليها.
ويكفى صناع الفيلم نجاحهم فى جذب جمهور الشباب بشكل أساسى لمشاهدة نوعية من الأفلام التى غابت طويلا عن الشاشة الفضية لصالح أعمال رديئة نعانى آثارها السلبية فى بعض السلوكيات.
والفيلم رغم تركيزه على المعارك الحربية التى وفرت لها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة الإمكانيات اللائقة لصنعها، إلا أنه لم يتجاهل حالة الإحباط التى انتابت الجبهة الداخلية فى أعقاب الهزيمة، قبل أن يلملم المصريون جراحهم، ولعل الدور الذى جسدته هند صبرى زوجة الضابط نور (أحمد عز) عبّر بشكل واضح عن قدرة المرأة المصرية على مساندة زوجها ليستعيد ثقته فى ذاته
كما يعطى الفيلم إخواننا من أبناء قبائل سيناء جزءا من حقهم فى الإشادة بتضحياتهم دفاعا عن الأرض.
وهناك الكثير من المشاهد التي تبرز مدى الجهد المبذول والدقيق في صناعة مشاهد الانفجارات والمطاردة التي صنعت باحترافية كبيرة دون افتعال أو مبالغة.
ويذكر لفيلم "الممر" أنه الأجرأ من بين سلسلة الأفلام التي خرجت متناولة أحداث الحرب وما قبلها، فحتى هذا التاريخ لم نجد فيلمًا وجّه انتقادًا مباشرًا للأوضاع التي أدت للهزيمة، وهو أمر يحسب لصناع العمل، فمثلًا نحن نجد هنا في مقدمة الفيلم اعتراض الضابط "نور" على استلام مجموعات بشرية بعد وصولها معسكره بسيناء في إطار التعبئة للحرب، وهم مرتدون الجلاليب ويبدو عليهم كونهم عمالًا، لا علاقة لهم بالحرب.
ومن هنا لا يمكننا إلا أن نوجه التحية الكبيرة لكل من ساهم في إخراج هذا الفيلم للنور، وعلى رأسهم الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، التى قدمت دعما كبيرا خصوصا اللوجسيتى، وأشرفت على المحتوى العسكرى، مما ساعد فى توفير تكلفة الإنتاج بصورة كبيرة.
ختامًا، فإن فيلم "الممر" دخل تاريخ السينما من أوسع الأبواب، لأنه سجّل لحظات غالية ومهمة وصعبة في عمر الوطن، ومع الأسف فإن جيلًا كبيرًا من الشباب لا يعرف بطولات الجيش المصرى، وعندما حدثت اضطرابات في مصر بعد الثورة رأينا من يهاجم الجيش.
ولكن ردود الأفعال الإيجابية والسعادة الكبيرة والتفاف الجماهير حول فيلم "الممر" هو مؤشر جيد على وعى الناس وعشقهم لوطنهم.
حفظ الله مصر والمصريين
[email protected]