د. محمد توفيق يفجر القنبلة.. القرآن لم يرد به أى أمر بقتل المرتد والرجم ليس واجبًا (4)
أما الصوم فجميع ما اتَّفَقَ على وجوبه المجتهدون هو واضح فى القرآن وكذلك جميع أركان الحج، وهنا يناسب أن أذكر شيئًا عن تقبيل الحجر الأسود ردًا على أعداء الإسلام فأقول: هذا الحجر موضوع فى أحد أركان الكعبة وأصله علامة وضعها إبراهيم عليه السلام؛ ليعرف به الركن الذى يُبتدأ منه بالطواف، والظاهر أنه قطعة أخذها من جبل هناك يسمى أبا قبيس كما يستخلص من هذه الرواية (إن الله استودع الحجر أبا قبيس حين أغرق الله الأرض زمن نوح عليه السلام، وقال: إذا رأيت خليلى يبنى بيتى فأخرجه له، فلما انتهى إبراهيم لمحل الحجر نادى أبو قبيس إبراهيم فجاء فحفر عنه فجعله فى البيت) فهذه الرواية على ما فيها من الأوهام وكذا غيرها يدلنا على مأخذ هذا الحجر وتاريخه، وقد شوهد أن النبى قبَّل هذا الحجر وكذا الركن اليمانى ولم يقبّل الركنين الآخرين؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، وهذا العمل هو ضرب من ضروب العبادة والتذلل لله تعالى وحده كوضع الساجد وجهه على الأرض خضوعًا لله وانكسارًا مع العلم بأن الحجر والأرض لا قيمة لهما بالمرة، ولولا سقوط منزلتيهما لَمَا كان هناك تعبُّد فى وضع الوجه عليهما، ولم يأت معنى التعبد إلا لوضع أشرف عضو فى الإنسان على هذين الشيئين الحقيرين تعظيمًا لله كمن يُقَبِّلُ أعتاب الملوك أو ذيل ثيابهم؛ ولذلك قال عمر رضى الله عنه: (والله إنى أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلتكَ)، ومع كل ذلك فليس التقبيل ركنًا من أركان الحج، ولم يقل أحد بوجوبه، ولم يَرِدْ للحجر الأسود ذكر فى القرآن الشريف مطلقًا ولا لبئر زمزم ولا للشرب منها فلندع ما يهذى به الأغبياء الجاهلون من الطاعنين فى الإسلام.
بقى علىَّ لإيفاء موضوعنا حقه أن أتكلم عن مسألتين أُخْرَيَيْنِ لوُرود شىء كثير عنهما فى السنة وعدم وُرود شىء فى الكتاب. «المسألة الأولى - قتل المرتد» إنه لم يرد أمر بذلك فى القرآن فلا يجوز لنا قتله لمجرد الارتداد، بل الإنسان حر فى أن يعتقد ما شاء «فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: ٢٩) وأما ما حصل من ذلك فى صدر الإسلام فقد كان لضعف المسلمين وقلة عددهم بالنسبة لأعدائهم والخوف من إفشاء أسرارهم وإعانة العدو عليهم، وتمكينه منهم، وتشكيك ضعاف المسلمين فى دينهم، أو لأن المرتد كان ممن آذاهم وأبيح لهم دمه، فلمَّا تظاهر بالإسلام كفوا أيديهم عنه، ثم لما عاد عادوا إليه فهذه أسباب قتل المرتد فى العصر الأول، أما الآن فإن وُجدت ظروف مثل تلك، وحصل مثل ما كان يحصل جاز لنا قتله؛ لأنه صار ممن حارب الله ورسوله، وسعى فى الأرض بالفساد، قال الله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا» (المائدة: ٣٣) الآية.
وأما قتل المرتد لمجرد ترك العقيدة فهذا مما يخالف القرآن الشريف «لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَىِّ» (البقرة: ٢٥٦)، وورد فى الحديث ما معناه «إذا روى لكم عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق فاقبلوه وإن خالف فرُدُّوه».
«المسألة الثانية - رجم الزانى المحصن» حد الزانى فى القرآن الجلد، وقد أنكر بعض المعتزلة الرجم وكذا جميع الخوارج، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: «فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ» (النساء: ٢٥): أى أن الأَمَةَ إذا زنت بعد الإحصان تُعاقب بنصف عقاب المحصنة من الحرائر: أى تجلد خمسين جلدة، فقالوا: لو كان عقاب المحصنات الرجم لكان حد الإماء نصف الرجم، والرجم لا نصف له، ثم إن القرآن تكلم عن الزنا وحَدِّه وعن رمى المحصنات به وعقوبته، وعن اللعان وكل ذلك بإيضاح تام، فلو كان الرجم واجبًا لذكره الله تعالى فى القرآن، فهذه حجة هؤلاء القوم، والذى نقوله نحن: إن الإمام إذا وجد أن الأمة قاسية غليظة القلوب منتشر فيها الفسق والفجور ولا يردعهم الجلد ولا يؤثر فيهم لخشونتهم وشدتهم، وخاف على الأُمة الضعف والانحلال والفساد جاز له والحالة هذه أن يقرر الرجم عقوبة للزنا، وأن يَعتبر مَنْ أقدم عليه وهو محصن مفسدًا فى الأرض عاصيًا لله ومحاربًا له ولدينه عملًا بالآية السابقة.
وعَذَرَ مَنْ لم يكن محصنًا، أو إن تكرر منه الذنب ولم يردعه الجلد جاز للإمام أن يقدر الرجم على غير المحصن أيضًا بعد عدد مخصوص من وقوعه فى الإثم، والخلاصة أن المسألة تركت ليتصرف فيها أولو الأمر وليتشاوروا فيها، فإن كان الفساد فى الأُمَّة قليلًا ويردعها الجلد فبه، وإن كان المفسدون كثيرين ولا يبالون بالجلد ولا بالدين أوجبوا تقتيلهم. وكذلك ترك القرآن كثيرًا من الحدود وأطلق الكلام فى قطع يد السارق، والظاهر منه أن القطع لا يجب لأول مرة بل يستتاب السارق فإن تاب وأصلح وإلا قطعت يده.
فهذه أفكارى فى هذه المواضيع أعرضها على عقلاء المسلمين وعلمائهم، وأرجو ممن يعتقد أننى فى ضلال أن يرشدنى إلى الحق وإلا كان عند الله آثمًا، فإذا تقرر ذلك المذهب فما على المسلم إلا أن يطالع كتاب الله تعالى مطالعة إمعان وتدقيق وعمل فكر، وأن يستنتج جميع ما يجب عليه فى دينه ودنياه من اعتقادات وعبادات وأخلاق ومعاملات، فإن فى هذا الكتاب الهداية والكفاية وسعادة الدنيا والآخرة.
ومن اقتصر عليه عَلِمَ سخافة مَنْ عاب الإسلام بأشياء ألصقت به وليست منه، فاللهم اهدنا بكتابك، وأفهمنا من أسرارك، وافتح أعيننا وأَنِرْ بصائرنا، إنك هادى الضالين مرشد الحائرين آمين.
أوراق
ووثائق معركة "الإسلام هو القرآن وحده"
د. محمد
توفيق يفجر القنبلة: ليس على المسلم إلا أن يطالع كتاب الله(1)
د. محمد
توفيق يفجر القنبلة.. للمسلم ان يصلى ركعتين على الأقل(2)
د. محمد
توفيق يفجر القنبلة.. أدعو أولياء الأمور لوضع نظام للزكاة يصلح للزمان والمكان (3)