فتنة المداخلة.. نكشف التفاصيل الحقيقية للأزمة وموقف سلفية مصر من الخلاف
امتد الانشقاق الذي بدأ منذ أكثر من مدة طويلة داخل التيار المدخلي إلى رموز التيار في مصر، وظهرت البيانات والبيانات المضادة بين أتباع فريق الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وفريق الشيخ محمد بن هادي، وظهر فريق ثالث يحاول الإصلاح والمواءمة بين الفريقين.
إلا أن مصادر مقربة من الشيخين لم ترغب في ذكر اسمها أكدت في تصريحات خاصة لـ "أمان" أن الفتنة لن تنتهي في ظل وجود تلاعب التيار السروري بالفريقين.
السرورية كلمة السر
وأشارت المصادر إلى أن كلمة السر في الأزمة تكمن في قطر، ووجود الشيخ عبدالواحد المدخلي المقرب من الشيخ ربيع، والذي نجح في اختراق الجبهتين عن طريق تسهيل الأمور أمام السرورية لنشر الفتنة داخل التيار السلفي وإحداث الوقيعة بين الأب وابنه، التي أدت إلى ظهور فتنة كبيرة داخل التيار السلفي المدخلي في جميع أنحاء العالم الإسلامي بلغت ذروتها في ظهور التنابذ بالألقاب، وظهور مصطلح "الصعافقة" الذي بات- رغم ما يحمله من معان قبيحة- علامة مميزة يلصقها أحد الفريقين بالآخر.
وبدأ انتشار الفتنة بين أتباع التيار المدخلي في الجزائر، وامتد إلى مصر، خاصة مع ظهور الشيخ نزار السوداني في الأسكندرية، وكذلك الشيخ ابن صلفيق الظفيري، ومحاولتهما التأثير على سلفية الأسكندرية خاصة أتباع التيار المدخلي الأمر الذي تصدى له عدد من شيوخ التيار ومنهم الشيخ طلعت زهران، والشيخ حسن عبدالوهاب البنا، والشيخ علي الوصيفي.
بيان البنا والوصيفي
أصدر الشيخ حسن عبدالوهاب البنا، والشيخ علي الوصيفي الأسبوع الماضي بيانا حول ما اسموه الفتنة الدائرة بين الشيوخ، خاصة بعد خروج محمد بن هادي بمقاله الشهير: "آن لمحمد بن هادي أن يخرج عن صمته".
وقال البيان: فلقد اجتمعت أنا الشيخ علي بن السيد الوصيفي مع العلامة حسن بن عبدالوهاب البنا في منزله الكائن بمدينة الشيخ زايد بالجيزة، وراجعنا الأمور الرئيسية التي تسببت في تلك الفتنة، التي وقعت بين الشيخ محمد بن هادي وبين إخوانه المشايخ السلفيين، وما نتج عنها من آثار سلبية انتشر صداها في كثير من بلاد العالم..
وأضاف الشيخ عبدالوهاب البنا: فلقد بثثت بالأمس القريب بيانا يخص بعض الإخوة الفضلاء من كبار طلاب العلم الذين حذروا من مشايخ مصر بسبب تقاعسهم عن إظهار موقفهم من تلك الفتنة الدائرة بين الشيخ محمد بن هادي المدخلي وبين بعض السلفيين من المشايخ، وطلبة العلم الذين اشتهروا بالسلفية ودافعوا عنها زمنا طويلا..
وتابع: وبسبب ذيوع تلك الفتنة وانتشار آثارها في بلاد العالم وتأثر كثير من طلاب العلم السلفيين بها كان لزاما علينا أن نوضح موقفنا منها، حتى لا نكون من الفئة التي سكتت أو كتمت ما يجب عليها أن تقوله من الحق وما يجب عليها من نصرة أهله.
من المعلوم أن كثيرا من الدعاة عندنا في مصر لا يعلمون شيئا عن تلك القضية على وجه التفصيل إلا لمامًا كما أنهم يخافون من تشتيت الجهود وتمزيق الصفوف إذا أثاروها، وقد كان هذا عذرهم في السكوت عن الحديث فيها. ولا شك أن هؤلاء المشايخ يثقون تمام الثقة في موقف العلامة الإمام الشيخ ربيع فانحازوا إليه لعلمه ومكانته وصحة اجتهاده وصدق قضائه وعدالته في الانتصاف للمظلوم من الظالم وحسن قصده في إدارة الأمور، وهم ليسوا مقلدين في ذلك له، فقد حكم حكما بناء على ما عرض عليه، وهم راضون بحكمه- وهذه قواعد ضرورية لا يُستغني عنها في معرفة الحق.."
وأضاف البيان: "بناء على ذلك نقول إن سكوتنا عن الرد على الشيخ محمد بن هادي المدخلي لا يعني رضانا عن طريقته ولا أسلوبه في تلك الخصومة، وقد سبق لي أنا حسن عبدالوهاب أن بينت أن محمد بن هادي مخطئ في سلوكه هذا في اتهامه لإخوانه السلفيين بغير حجة ولا دليل، وأن الحق مع الشيخ ربيع وذلك على وجه الإجمال"...
فطريقة ابن هادي لم نعهدها من أئمة السلف السابقين في تعاملهم مع أهل السنة إذا أخطأوا في مسألة أو خرجوا عن الجادة في قضية، فكثير من مجتهدي السلف والخلف كما قال شيخ الإسلام قد وقعوا في بدع لعلل معروفة، ومع ذلك كان الرد عليهم ينحصر في مجال العلم وتوضيح الحقائق، ولا يدخل في مجال الأحكام والأوصاف والتنابذ بالألقاب كما يفعل أهل البدع في رمي أهل السنة بالتجسيم والحشو- لما يترتب علي ذلك من خطر عظيم على الأمة.
وقد فوجئنا أن الشيخ محمد بن هادي المدخلي انتزع وصفا أنزله الإمام الشعبي على أهل البدع الأصليين الذين اثبتوا ما نفاه الرسول ونفوا ما أثبته الرسول بتأويلات شاذة، فأسماهم "الصعافقة" الجهال- ذهبوا إلى السوق وليس معهم مال ولا متاع- فأنزل الشيخ ابن هادي على كبار المشايخ السلفيين فجردهم من العلم بالكلية بزعم أن عندهم أخطاء، وهذا أيضا خطر عظيم وغلو فاضح، قد يقضي على جميع رموز الدعوة السنية السلفية في جميع أنحاء العالم لأنه لا يخلو أحد من خطأ، لا محمد بن هادي ولا أحد من السلفيين في العالم، ولا يمكن أن ينزع خطأ واحد أو عدة أخطاء نتجت من اجتهاد عالم من العلماء المشهود لهم بالدين والدراية العلم بالكلية ويطلق عليه لفظ الصعفوق الذي لا علم له كما يطلف علي المتكلمة وأهل البدع الأصليين ولذلك لم يصف أحد الشيخ محمد بن هادي بهذا الوصف- الصعافقة- مع علمهم بأخطائه وقاية لأنفسهم في الوقوع والتردي في هذا المنزلق الخطير.
فهناك فرق في التعامل بين أهل البدع الأصليين وبين أهل السنة إذا أخطأوا ولذلك صبرنا عليه ليرجع فلم يرجع ونصحناه فلم ينتصح فلم ينتصح وأصر على عدم الاجتماع وقد ترتب على أفعاله هذه فتنة عظيمة وشر كبير انتشر صداه في جميع أنحاء العالم الإسلامي وأوغر الصدور وشتت الشمل وحزب الشباب تحزبا أعمى على حساب الولاء والبراء لله تعالى وظهر جهل كثير من طلاب العلم المبتدئين بضوابط الرد على المخالفين فضا عن جهلهم المطبق بآداب الخلاف وأخلاقياته".
ثم سرد البنا 9 نقاط يرد فيها على توجه الشيخ محمد بن هادي مؤكدا أنه خالف نهج أبيه مما أدى لزيادة الفتنة بين السلفيين.
موقف طلعت زهران
"موقفنا من ذلك معروف وهو اننا مع المشايخ الكبار ونعتبر أن المختلفين كلاهما من الذين اتوا العلم والإيمان وفي نفس الوقت ندعو الجميع إلى تحكيم شرع الله تبارك وتعالى والعمل على التآلف ونبذ الفرقة والاختلاف وندعو كذلك ألا تكون هذه الفتنة سببا في التحزب وعقد الولاء والبراء عليها نظرا لأن كل بلد تنوء بمشاكلها الدعوية وأخص الدعوة في بلادنا العزيزة مصر- حفظها الله وسائر بلاد المسلمين..
بداية الخلاف
وأشارت بعض المصادر المقربة من الشيخ ربيع- ولم ترغب في ذكر اسمها- في تصريحات خاصة لـ "أمان" أن الشيخ عبدالواحد يعتبر همزة الوصل بين الشيخ ربيع والعالم الخارجي، نظرا لإقامته الكاملة معه، وهو الذي ينقل إليه- بحسب رؤيته- الخاصة ما يحدث حوله من خلافات، الأمر الذي بث الوقيعة بين الشيخ ربيع والشيخ محمد بن هادي وتحولت هذه الخلافات إلى معارك كلامية وتلاسن بين أتباع الشيخين في كل أنحاء العالم الإسلامي خاصة في الجزائر وليبيا ومصر.