خلاصات أولية من المؤتمر السادس لحركة التوحيد والإصلاح المغربية
الأصوات التي حصل عليها عبد الرحيم الشيخي وأوس الرمال وأحمد
الحمداوي وأحمد الريسوني وعبد الإله بنكيران المرشحون لرئاسة حركة التوحيد
والإصلاح وبلغت على الترتيب 457 و 321 و279 و265 و110 ، لا تعكس فقط القراءة المباشرة التي ذهبت إلى أن التوجه الإخواني في الحركة والذي يمثله خصوصا السادة الريسوني وبنكيران والحمداوي قد انتهى.
إن قراءة كهذه لا تفهم جيدا طريقة عمل العقل الديني، إذ رغم سعيه إلى تأميم السلطة وإزاحة الخصوم وهو ما تصطلح عليه أدبياتهم بالتمكين.
فإن هذا العقل على مستوى الداخل التنظيمي يحرص على معطيين اثنين الانضباط للنتائج والانضباط لتوازن الأجنحة حتى لا يتم التحول إلى ديكتاتورية الزعيم الواحد.
حدث هذا مع الريسوني في الحركة وحدث مع بنكيران في الحزب.
ورغم ما قد يكون من عوامل أخرى تؤثر في النتائج والمخرجات فإن قواعد داخلية لا يتم تجاوزها أبدا ومنها مسألة الحفاظ على توازن التيارات والأجنحة وعدم إقصائها أو طردها من التنظيم سواء كان دعويا أو سياسيا.
على العكس من الداخل الحزبي اليساري الذي تجره أدواته الديمقراطية أو رغبات الهيمنة فيه في بعض الحالات إلى خسارة عدد كبير من الأفكار والفواعل والطاقات.
معطى آخر مهم تكشفه الأرقام فعدد المؤتمرين هو 1400 ممثلين عن حوالي 76 فرعا أي يمثلون حوالي 15000 عضو وعضوة.
هذا رقم كبير من المشتغلين في الدعوة. إنه حزب قائم الذات.
ثم إن عدد المؤتمرين الذين صوتوا على التوجه الإخواني يفوق 80% من عدد الأصوات إذا اعتبرنا أن تصورات الرمال هي امتداد للريسوني وبنكيران خصوصا.
كما يجب التذكير بأن السيد عبد الإله بنكيران وهو رئيس حكومة دافع عن السيد عبد الرحيم الشيخي رئيسا للحركة.
ذهبت قراءات كثيرة إلى أن في عدم فوز بنكيران والريسوني هزيمة للتوجه الاخواني في الحركة، ولم يتم الانتباه ربما إلى الخلفية وراء تعدد ترشيحات هذا الصف والغالب لو تم توحيد الترشيحات فإن معطيات أخرى كانت ستكون.
فالمؤتمر السادس للحركة وقياسا على الهدوء الذي ميزه يظهر أن هذه الحركة قوية وأنها ستؤثر في الذراع السياسي فكريا وانتخابيا، ولا يجب قراءة غياب الوزراء والمسئولين الاعضاء في الحركة على أنه مؤشر على ضعف في العلاقة أو بداية ترسيم لتمييز بين الدعوي والسياسي، تقديري أنه دليل على وصول الحركة درجة من القوة استعادت فيها سلطتها من السياسي.
وتقديري أنها في هذا الوضع الجديد ستقوم بأدوار أكبر مما سيقوي الخلفية الفكرية للحزب ويجددها.
لقد كشف المخطط الاستراتيجي 2006-2020 عن هذا التوجه، وبتوفر موارد مالية أكبر واستقلالية أكبر سيتطور إنتاجها الفكري وهو ما سيزعج الخطاطات الفكرية الأخرى خصوصا بالنسبة للدولة وسيضعف الخطاطات اليسارية والليبرالية أكثر.
تمثل إرشادات الشيوخ المؤسسين خارطة طريق لأعضاء وعضوات الحركة، ورغم أن أرضية المؤتمر كشفت عن توجه لتجاوز مفاهيم الجهاد ودولة الخلافة، فإن روح الورقة المذهبية المنبثقة عن المؤتمر كشفت عن حرص على مد أواصر العلاقة مع إخواننا في الشرق والغرب وفي الدول الإسلامية، وأن الحركة ستسعى لإقامة الدين في الدولة والمجتمع.
إن هذين التعهدين يكشفان كل شيء، ويكشفان أن قراءة توجه الحركة نحو التمييز أو الفصل بين السياسي والديني غير ممكن وهو ما سينعكس بدون شك على ذراعها السياسي الذي يقود الحكومة.
*باحث في سوسيولوجيا الدين