علي الشريف.. مؤسس الجماعة الإسلامية الذى ذبح مدير أمن أسيوط بيده
فرق كبير بين صورته التى كنا نسمع عنها، وصورته التى رأيناه عليها، حينما جاء فى أول ندوة من ندوات مبادرة وقف العنف. توالى ما سمعناه من القيادى على الشريف، أحد مؤسسى الجماعة الإسلامية المصرية، حتى ظننا أنه الشيخ عطية صقر، أو الشيخ عبدالله شحاتة، فهو يتكلم بنفس طريقتهما، ويستنكر كل أفعاله وأفعالنا السابقة، لكنه فى أغلب الأحوال، كان يتهمنا جميعًا بأننا نحن المجرمون، ونحن من دفعناهم لاتخاذ قرارات مصيرية صعبة فى اتجاه استخدام العنف.
جلس على المنصة فى سجن الوادى الجديد، وقال: معقول تضربوا دبابة برصاصة.. هتعمل إيه الرصاصة؟.. معقولة تضربوا واحد بالقلم بحجة تغيير المنكر فيسجن ١٠ أفراد؟.. لقد أجرتم.. وأخطأتم.
نسى الشريف أو تناسى، أنه أول من بدأ رحلة العنف، وأول من ارتكب جرائم فى حق الأقباط، وأنه لا يستطيع أحد كائنًا من كان من الجماعة أن يقوم بأى أمر دون إذنه هو ورفاقه فى سجن ليمان طرة.
على الشريف هو قيادى تاريخى، مؤسس للجماعة الإسلامية المصرية، ولد فى مدينة نجع حمادى، بمحافظة قنا، عام ١٩٥٦، يقول فى مذكراته: إنه دخل السجن مرتين، وطلق زوجته الأولى بعد منع الخلوة الشرعية فى السجون، وحصل على الليسانس من كلية دار العلوم، وقبلها فصل من تجارة جامعة أسيوط، وتزوج الثانية بعد المراجعات الفكرية.
بدأ على الشريف رحلته مع الجماعة، حينما رأى مجموعة من الشباب والشابات يقفون معًا فى جامعة أسيوط، فأخرج مطواة كانت فى يده، وهددهم، لكنهم أعطوه علقة ساخنة، فضرب بعضهم بالمطواة وأصابهم بجروح، فتم منعه من الامتحانات، وأخرج مطواته للمرة الثانية فى تجارة أسيوط، عقب مشاهدته لطالب وطالبة فى وضع مخل، وفق قوله، ففصلوه من الكلية، وهذه الأمور كانت السبب فى ذيوع صيته، ونيل ثقة الجماعة، واختياره عضوًا بمجلس الشورى.
تم القبض على «الشريف»، فخطط كرم زهدى لتهريبه من حجز قسم شرطة نجع حمادى، ونجحوا بالفعل، بعد أن قيدوا أفراد القوة الأمنية.
حينما أفتى عمر عبدالرحمن بجواز أخذ أموال الأقباط لتمويل العمليات المسلحة، تم تكليفه بالتنفيذ فاختار مجموعة من ستة أفراد، وقام باقتحام ثلاثة محلات ذهب للأقباط فى نجع حمادى، واختار صلاة الجمعة «ساعة صفر»، ونفذها بأربع مجموعات بالأسلحة الآلية والمطاوى، بعد رسم كروكى، وعمل بروفة لضمان النجاح، وخلفت العملية ثمانية قتلى من الأقباط، وبعد نجاح العملية وخروجها بجوال ذهب غنيمة، تم إبلاغ الشيخ عمر عبدالرحمن وتوصيل جوال الذهب إلى كرم زهدى، فاشترى به سيارات وموتوسيكلات وبنادق وطبنجات، استخدمت فى أحداث مدينة أسيوط فيما بعد.
شارك على الشريف فى قتل الرئيس الراحل أنور السادات، وكان هو من أمد خالد الإسلامبولى بالأسلحة التى استخدمت فى العملية، كما شارك فى أحداث مدينة أسيوط، وكان هو قائد العملية بالكامل، حيث قسم المجموعات إلى ٤، إحداها يقودها كرم زهدى، والثانية حمدى عبدالرحمن، والثالثة ناجح إبراهيم، والرابعة يقودها بنفسه، وهى التى ستسيطر على مديرية أمن أسيوط، وبالفعل اقتحم المديرية، ودخل إلى مكتب مدير الأمن وذبحه بيده، ووضع رأسه على المكتب.
اعترف على الشريف فيما بعد، بأنه عقب القبض عليه بعد أحداث ٨١، قرر قتل أربعة قساوسة، كانوا موجودين بمستشفى المنيل الجامعى، وادعى المرض لنقله من سجن الاستقبال لتحقيق غرضه، وبالفعل نقل إلى مكانهم، وقرر تنفيذ المهمة فى صلاة الفجر، لكن ترحيله فى عصر نفس اليوم حال دون ذلك.
عقب مبادرة وقف العنف وخروجه من السجن، ثم الانقلاب الذى قاده رفيق عمره عصام دربالة عليه، وعلى ناجح إبراهيم وكرم زهدى، وحمدى عبدالرحمن، وفؤاد الدواليبى، انزوى عن الأضواء، لكننى التقيت به، فأكد لى أن اتجاه الإسلاميين إلى العمل السياسى كان خطأً، وأن الظروف التى شارك فى إطلاق مبادرة وقف العنف فيها تشابهت الآن، وأنه عقب ٢٥ يناير رأى كثيرًا من الشباب يخلط ما بين الحكم والفتوى، فوقع فى المحظور والعنف من حيث لا يدرى.
«الشريف»، قال: إننى لم أترك الجماعة الإسلامية، لكنهم من تركونى، وأنا لا أحب الإمارة والسياسة، ولن أعود إلى مجلس شورى الجماعة، لأننى لا أستطيع الذهاب لأناس تكرهنى، مضيفًا أن خطأ قيادة الجماعة الحالية أنهم كانوا محرومين من السياسة، فلما فتحت لهم الأمور انكبوا عليها وقصّروا فى الدعوة إلى الله، ولا بد على القادة أن يفكروا فيما ينبغى أن يكون، بدلًا من أن يذهبوا بأفرادهم إلى التهلكة.
فى الآونة الأخيرة، علمت أن الشريف أصابه مرض عضال فى القلب، يستوجب إجراء عملية جراحية له، لكنه لم يجد أحدًا من الجماعة يعينه، فالتجأ إلى أجهزة الأمن، التى ساعدته بخصوص هذا الشأن، وبعدها اعتزل فى مدينة نجع حمادى، خاصة عقب منعه من خطبة الجمعة، التى تعود عليها أسبوعيًا عقب الإفراج عنه.
