مسجد الحسين.. قِبلة زوار العالم
بين جدران القاهرة التاريخية، يقع أهم مزار لدى المصريين منذ مئات السنين، إنه مسجد الحسين، حملت المنطقة نفس اللقب فيما بعد، وأكثر المناطق التاريخية شهرة، حيث أصبح قِبلة زوار العالم، وأحد أهم المساجد في العالم الإسلامي.
◄ إنشاؤه
تم إنشاء مشهد الإمام الحسين في خلافة الخليفة الفاطمي، الفائز بنصر الله، سنة 1154م، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع، ليدفن فيه رأس الإمام الحسين بن على بن أبي طالب، بعد نقله من عسقلان بفلسطين إلى القاهرة.
◄ سبب التسمية
سمي المسجد بهذا الاسم نظرًا لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام الحسين مدفونًا به، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق بها في مكانها الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر، وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن في مكانه الحالي وأقيم المسجد عليه.
◄ مراحل تطويره
في سنة 1171م أنشأ صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح، عُرفت باسم المشهد، وهي المدرسة التي هُدمت فيما بعد، وبني في مكانها الجامع الحالي.
في أواخر العصر الأيوبي، وفي سنة 1235م، شرع الشيخ أبوالقاسم بن يحيى بن ناصر السّكري، المشهور باسم الزرزور، في بناء مئذنة فوق باب المشهد المعروف حاليًّا باسم الباب الأخضر، وتوفي أبوالقاسم بن يحيى قبل أن يتم بناء المئذنة، فأتمها ابنه سنة 1236م، وهي مئذنة حافلة بالزخارف، وتبقى من هذه المئذنة قاعدتها المربعة، وعليها لوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمنان تاريخ بناء المئذنة واسم المنشئ.
في سنة 1862 أمر الخديوِ إسماعيل بتجديد المشهد وتوسيعه وبناء الجامع الحالي، وتم بناء الجامع سنة 1873، وبناء مئذنته الحالية على طراز المآذن العثمانية سنة 1878م، وأورد على مبارك وصفًا كاملاً لجامع الحسين، وقال إن الخديوِ إسماعيل أمر بتجديده وتوسعته وتوسعة رحابه وطرقه.
في سنة 1893، أمر الخديوِي عباس حلمي الثاني ببناء غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد، خُصِّصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة التي تشمل قطعة من قميص النبي محمد، ومكحلة ومرودين وقطعة من عصاه وشعرتين من اللحية الشريفة، بالإضافة إلى مصحفين شريفين نُسِب أحدهما إلى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ونسب الثاني إلى الخليفة الراشد الرابع على بن أبي طالب، ولفت إلى أن أول ما عُرف عن الآثار النبوية بمصر أنها كانت ملك بنى إبراهيم في مدينة ينبع بالحجاز، ثم اشتراها الوزير الصاحب تاج الدين محمد بن حنا خضر الدين، ونقلها إلى مصر، وبنى لها مسجدا عُرف باسم "رباط الآثار" في حي أثر النبي في مصر القديمة حاليًّا، وذلك في أوائل القرن 14م.
تم توسيع ساحة الصلاة حتى بلغت 3340م2، وإنشاء مبنى إداري للمشهد والجامع، وأيضًا مكتبة في الجهة الشرقية على امتداد القبة ومصلى للسيدات، وفي السنوات الأولى من ثمانينيات القرن العشرين قامت هيئة الآثار المصرية بإجراء أعمال ترميم وتجديد للمشهد الشريف والجامع الحسيني، وهو التجديد الذي تم فيه تغيير قبة المشهد التي ترجع إلى أعمال الأمير عبدالرحمن كتخدا، التي أجراها بالمشهد سنة 1761.
والمسجد مبني بالحجر الأحمر على الطراز الغوطي، أما منارته التي تقع في الركن الغربي القبلي فقد بنيت على نمط المآذن العثمانية، فهي أسطوانية الشكل، ولها دورتان وتنتهي بمخروط، وللمسجد 3 أبواب من الجهة الغربية، وباب من الجهة القبلية، وباب من الجهة البحرية، يؤدي إلى صحن به مكان الوضوء.
◄ حقيقة موضع رأس الإمام "الحسين"
موضع الرأس بالقاهرة، وهو أيضا امتداد للرأي السابق، حيث يروي المقريزي أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة وبنوا له مشهدا كبيرا وهو المشهد القائم الآن في حي الحسين في القاهرة، وهو ما حققه المؤرخ "أيمن فؤاد سيد"، أستاذ الدراسات الفاطمية في جامعة القاهرة في كتابه "الدولة الفاطمية في مصر"، استنادا إلى منهج البحث العلمي.