كيف يمكن نقل «القوة الناعمة» للأزهر إلى أوروبا؟.. أزهريون يجيبون
أبهرت إندونيسيا العالم باستقبالها للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والوفد المرافق له، وتساءل البعض عن سبب قوة الأزهر الشريف في أندونيسيا وحضوره القوي بها بهذا الشكل، كما تطرق البعض إلى كيفية نقل هذه القوة إلى أوروبا.
البداية كانت مع الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، وأحد المقربين من الإمام الأكبر، الذي قال إن الأزهر يمتلك قوة كبيرة على مستوى العالم وليس إندونيسيا فحسب، وذلك لأن الأزهر الشريف كعبة العلم، ومعهد الوسطية، ومن هنا نجد أبناء العالم الإسلامي منذ القدم لا يأتمنون أحدًا على الأبناء فكريًا وعقائديًا إلا مؤسسة الأزهر.
وأوضح «العواري»، أننا نرى خريجي أبناء الأزهر في شتى بقاع الأرض من أبناء العالم الإسلامي قد تولوا مناصب مرموقة، منها رؤساء دول ووزراء، وسفراء ورؤساء جامعات وقضاة، وغير ذلك من المناصب المرموقة، مشيرًا إلى أن إندونيسيا التي تستقبل زيارة شيخ الأزهر الآن كان رئيس دولتها السابق خريج كلية أصول الدين، وكان الإمام الأكبر أستاذا في هذه الكلية التي تخرج فيها رئيس إندونيسيا الأسبق الدكتور وحيد.
وكشف عميد كلية أصول الدين، عن زيارة سابقة له مع الدكتور أحمد الطيب إلى إندونيسيا، قائلًا: «كنا موجودين في القاعة التي وقع فيها الاحتفال الرسمي للدولة، كان يوجد فيها أكثر من 17 محافظا، و12 وزيرا، هؤلاء جميعًا خريجو الكليات الشرعية بالأزهر الشريف»، مؤكدًا أن في كلمة المسئول الإندونيسي في القاعة وجه كلامه لشيخ الأزهر قائلًا: «هؤلاء أبناؤكم أبناء الأزهر، يعملون على شتى المستويات، وهم ركن في تقدم وتطور المجتمع الإندونيسي الذي يعد الآن نمرًا من نمور آسيا، لهذا كله تفعل إندونيسيا كل ذلك بزيارة شيخ الأزهر لها، وإنه رأس المؤسسة وشيخها، وهم يؤمنون بمكانة الأزهر والجهد الذي يبذله الأزهر منذ ألف وسبعين عاما في خدمة العالم الإسلامي أجمع، مؤكدًا أن رئيس دولة العراق الحالي الدكتور فؤاد معصوم خريج كلية أصول الدين، وهو ما يدل على مكانة الأزهر في العالم، حسب قول العوارى.
وعن قوة الأزهر لأوروبا قال العواري، إن نقل هذه القوة تتجلى لنا فيما يقوم به شيخ الأزهر من زيارات وجولات خارجية متعددة لأوروبا، كي يصحح فيها مفاهيم الإسلام ويعرض الصورة الصحيحة للإسلام التي تتضمنها تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستدلًا بقوله تعالى:« يا أيها الناس إن جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فلم يقل القرآن لتعاركوا أو لتتنافروا أو تتكارهوا، مشيرًا إلى أن هذا هو ما يقوم به ويطبقة الإمام الأكبر في زيارته.
من جانبه قال الدكتور جمال فاروق، عميد كلية الدعوة بالقاهرة، إن الأزهر معروف له مكانته العالمية وقدسيته الدينية، وتنبع من تعليم الناس للإسلام، موضحًا أن طريقة الاستقبال الرهيب للإمام الأكبر بأندونيسيا جاءت بناء على أن إندونيسيا دولة إسلامية كبيرة وتعرف قيمة الإمام الأكبر والأزهر الشريف.
وتابع: الناس الآن متعطشة للمراجع الدينية الحقيقية، وذلك أن العالم يتجه نحو الوسطية الدينية، والمرجعية الأزهرية بما يمتلكه الأزهر من تاريخ مشرف، وأن قوة الأزهر الحقيقية تكمن في الوسطية والاعتدال، وأن الأزهر الآن أصبح لا ملجأ للعالم من التطرف إلا هو.
وأشار فاروق إلى نقل قوة ومكانة الأزهر لأوروبا لن تكون بالمهمة السهلة، بسبب التيارات العلمانية الكبيرة الموجودة في أوروبا، وأن دول أوروبا لا تميل إلى الجانب الديني، مؤكدًا أن لأوربا ذات طبيعة مختلفة.
وعن طريقة دخول الأزهر لأوربا، قال وزير الثقافة الأسبق الدكتور عبدالواحد النبوي، إن زيارة شيخ الأزهر لإندونيسيا زيارة معروفة أهميتها، وأن دول شرق آسيا على وجه العموم تبعث أبناءها إلى الأزهر دون غيره من جامعات.
أما عن كيفية نقل تلك القوة الأزهرية لأوروبا، أشار «النبوي» إلى أن الإمام الأكبر عقد حوار الإسلام المسيحي بين بابا الكنيسة الكاثولوكية وبين رأس أكبر أمام للمسلمين على مستوى العالم وهو شيخ الأزهر، وبالتالي عملية اللقاءات والحوارات المستمرة ما بين الكنيسة والأزهر، له أثرها الكبير على المجتمع الأوروبي، كما أنه يعطي انطباعات بشكل جيد عن الأزهر لدى العالم.
وأوضح وزير الثقافة الأسبق، أنه من المعروف أن شيخ الأزهر قام في السنوات الماضية بزيارات متعددة إلى بعض دول أوروبا منها، ألمانيا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا، وهذه الزيارات المتعددة تكشف عن وجه الأزهر الحقيقي الوسطي.
وأضاف «النبوي» أن الأمر المهم هو أن هناك نوعا من الممكن أن نطلق عليه الصلات العلمية ما بين الأزهر وما بين الجاماعات الأوروبية، وكانت هناك منذ شهرين لقاءات وورش عمل علمية بين أساتذة كبار من بلجيكا وهولاندا، وما بين علماء جامعة الأزهر، قائلًا: «استمرينا على هذا الوضع فده شيء سيكون له آثار مستقبلية جيدة».
ورحب وزير الثقافة الأسبق ببعث بعثات أزهرية متعددة إلى أوروبا للاطلاع على ثقافة العالم وطريقة تفكيره، مطالبًا ببعث بعثات قصيرة المدة لمدة عام أو 6 أشهر لشيوع فكرة الوسطية التي يتولاها الأزهر.
بدوره قال الكاتب الصحفي شريف الشوباشي، مدير مكتب الأهرام الأسبق في فرنسا، إنه من الممكن أن يكون للأزهر قوة حضور كبيرة في أوروبا، ولكن ذلك بشرط أن يكون الأزهر زعيما للاعتدال في العالم، وليس كما هو الحال الآن.
وأكد الشوباشي أن أوروبا كحكومات أو شعوب تتمنى أن يكون هناك سلطة دينية معتدلة، قادرة على كبح التطرف والتشدد الذي يضرب العالم، موضحًا أن عدم تكفير الأزهر لداعش أعطى عن الأزهر صورة غير جيدة في أوروبا.