هل يصب توتر العلاقات بين أمريكا وإيران في مصلحة دول الخليج؟
جاء تهديد الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه الرئيس الأمريكي السابق أوباما في آخر فترة حكمه بمثابة نقله في العلاقة الأمريكية الإيرانية من حالة شبه الاستقرار إلى شبه التوتر، حيث وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق المبرم بين الدول العظمى وإيران حول برنامجها النووي بأنه (اتفاق سيء للغاية) وذلك قبل بضعة أيام من قراره المنتظر بشأن ما إذا كانت إدارته ستواصل احترام هذا الاتفاق أم لا.
وعلى الرغم من معارضة حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوربي من قرار الانسحاب إلا أن معظم الدلائل والمؤشرات ترجح صدور القرار من ترامب بالانسحاب في أي وقت لما يعرف عن ترامب بأنه صاحب القرارات الجرئية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل توتر العلاقة بين أمريكا وإيران سيصب بالإيجاب على دول الخليج.
واذا عدنا بالذاكرة الى الوراء وبالتحديد الى عام 1979 حيث اندلاع الثورة الإيرانية أو قل الثورة الخمينية لوجدنا بكل المقاييس أن نجاح الثورة الإيرانية كان وبالا على دول منطقة الشرق الأوسط بأثرها في القلب منها دول الخليج.. وبعد مرور ما يقارب 40 عاما على ثورة الخميني تأكد أن سقوط نظام الملالي في إيران سيؤدي إلى استقرار المنطقة بأثرها لعدد من الأسباب أكد عليها الباحثون في الشأن الإيراني منها أن سقوط نظام الملالي سيفقد حزب الله فى لبنان الداعم الإستراتيجي القوي مما يؤدي في نهاية الأمر إلى ضعف الحزب بل وتفككه وعدم تدخله فى الحكم فى لبنان ومن ثم تحوله إلى حزب سياسي صرف ويخسر جناحه العسكري الذي طالما نفذ عمليات إرهابية سواء داخل لبنان أو خارجها.
علاوة على أن سقوط نظام الملالي في إيران سيؤدي إلى انتهاء الحوثيين فى اليمن مما يسهل سيطرة أهل اليمن بعيدا عن الشيعة على أرضهم وإرادتهم السيادية على تراب اليمن ويعمل على استقراره ووحدته وهذا الوضع بدوره سيؤدي أيضا إلى انتهاء الخطر الداهم على دول الخليج وفي القلب منها السعودية.
وبسقوط نظام الملالي سيعجل من سقوط بشار فى سوريا كما يحد من النفوذ الروسي فى منطقة الشرق الأوسط.
كما أن سقوط نظام الملالي الايراني سيؤدي إلى سقوط النظام الشيعي وجناحه العسكري المتمثل في الحشد الشعبي فى العراق ومنح أهل السنة فرصتهم فى المشاركة الفعلية في حكم العراق.
قولا واحد سقوط نظام الملالي فى إيران كله منافع ومصالح لاستقرار دول الخليج والمنطقة ويرتاح الجميع من الحكم التوسعي المذهبي في إيران.
أقول ذلك لأن النظام الملالي في ايران مبني أساسا على نشر الثورة الخمينية فى المنطقة فمنذ أن عاد الخميني من منفاه إلى طهران بعد نجاح ثورته لم يعد ليكون حاكما يخلف الشاه فقط، بل عاد حاكما يحمل مشروعا ذا مضمون طائفي ( المذهب الشيعي ) وثقافي ( الحضارة الفارسية ) ولم يكن سياسيا في المقام الأول.. كما جاء نظام الخميني من أجل تحقيق أهداف متعددة أهمها المشروع الخميني.
واتضح أن أبرز ملامح هذا المشروع هو أن قيادته دينية تمثلت في (ملالي إيران) وأنها سخرت كل إمكانيات إيران الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والبشرية والإعلامية من أجل تحقيق هذا المشروع وأن المشروع جعل أول أهدافه نشر التشيّع وتحويل الأمة العربية إلى (أمة شيعية).
وقد اتضح هذا من إصرار الخميني على جعل إيران تلتزم المذهب الجعفري الاثني عشري رغم أن وفودا كثيرة من أحزاب العالمين العربي والإسلامي وجماعاتهم ومفكريهم وقادتهم الذي رحبوا بالثورة الخمينية ونظموا لها المظاهرات في أوطانهم تأييد لها جاءته وطلبت منه ألا يحول إيران إلى دولة طائفية بل يجعلها دولة (الأمة الإسلامية) لكنه أصر على ذلك وجعل المادة الثانية عشرة من الدستور الإيراني تنص على ما يلي (الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثنا عشري وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير) وكانت هذه الجماعات والاحزاب تظن أن ثورة الخميني وقتها هي المنقذ لهم من الحكام المستبدين على حد زعمهم.
وقد استخدم المشروع الخميني الذي قاده (ملالي إيران) عدة أدوات كما جاء ذلك فى عدة تقارير صحفية مهتمة بالشان الايراني وهذه الادوات هي كما ذكرت التقارير تتلخص في عدد من النقاط منها:
تواصل إيران مع الطوائف الشيعية في بعض البلدان العربية والإسلامية وإمدادها بالمال والإعلام والتوجيه والخبرات والدعاة. وتحريضها على الدعوة إلى التشيع في محيطها السني مما ولد تصادما بين طرفين كبيرين من الأمة في مختلف المجالات.
التواصل مع الطوائف الشيعية الموجودة في بعض البلدان العربية والإسلامية وإمدادها بالمال والإعلام والتوجيه والخبرات والدعاة.. وتحريضها على الدعوة إلى التشيع في محيطها السني مما ولد تصادما بين طرفين كبيرين من الأمة في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية. وقد أدى هذا إلى الاقتتال وإسالة الدماء في بعض الأماكن كما حدث في العراق وسوريا واليمن مع أن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى الوحدة لمواجهة الخطر الأكبر الذي يقوده المشروع الغربي الصهيوني.
كما عمل المشروع الخميني على نشر التشيع في البلاد ذات الطابع السني التي لا يوجد فيها طوائف شيعية عن طريق إرسال الدعاة لها وفتح المراكز الثقافية فيها وتوزيع الكتب والمنشورات على أهلها وتوجيه الإذاعات لها واستقبال البعثات التعليمية منها.. مما ولد صراعا بين أبناء البلد الواحد وأحدث فتنا ومشاكل، كما حدث في مصر ودول المغرب العربي.
وفي النهاية أخلص إلى أن الثورة الخمينية كانت وبالا على استقرار المنطقة العربية بأثرها كما كانت معول هدام لأي عمل سياسي أو اقتصادي في العالم العربي.