شيخ الأزهر: مزيفو تاريخ صلاح الدين لا يستحقون الرد لأنهم كاذبون
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الصليبيين استولوا على مدن فلسطين كلها، خاصة الساحلية، لأهميتها بالنسبة للإمدادات التي كانت تأتيهم من الغرب عن طريق البحر، مبينا أن هناك ثلاث شخصيات إسلامية كان لها الفضل في التصدي للصليبيين وطردهم من المنطقة إلى الأبد، وهم عماد الدين زنكي، حاكم الموصل، الذي كان أول من فطن أنه ما لم يتحد العرب والمسلمون فلا أمل في إخراج هؤلاء، وعمل على ضم شمال الشام إلى العراق ليطوق الصليبيين، فاستولى على إمارة الرها من أيدي الصليبيين عام 1144.
وأضاف، في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية: وجاء بعده ابنه نور الدين محمود بن زنكي، الذي حلم بوحدة إسلامية من النيل إلى الفرات، وكان يراها الحل الوحيد لإنهاء الحروب الصليبية، واستطاع أن يضم دمشق عام 1154 بعد عشر سنوات من ضم الرها، كما أصبح حاكما لمصر، التي كان يتنافس مع الصليبيين على حكمها؛ لأن مصر كانت تحت حكم الدولة الفاطمية التي كانت في أواخر عهدها في مرحلة ضعف شديد جدا، فطمع الصليبيون في ضمها إلى مملكتهم في الشام أو إلى مدينة القدس، لكن سبقهم نور الدين محمود واستولى على مصر سنة 1169.
وتابع الإمام الأكبر: وكان معه شريكوه، وهو عم صلاح الدين الأيوبي، البطل المشهور بموقعة حطين وهي المسمار الأكبر في نعش الحروب الصليبية، وتقدم صلاح الدين الأيوبي بجيوشه وطوق الصليبيين بخطة ذكية، حيث استولى على المدن البحرية، وبهذا ضمن عدم وصول الإمدادات للصليبيين، وهذا القائد كان معروفًا عنه التواضع وكان يتقدم الجيوش بنفسه، والغربيون أنفسهم اعترفوا بأخلاقه في كتبهم.
وأوضح أن القس الغربي، كولن تشابمان، يقول في كتابه «القدس لمن؟»: «صلاح الدين استطاع أن يلقِّن البرابرة الغربيين درسًا في الأخلاق لن ينسوه، كانوا في أشد الحاجة إليه»، مشيرا إلى أنه يركز على ما قاله الغربيون في امتداح هذا القائد التاريخي البطل، وما يقال الآن من كلام كاذب لا يصح أن نتوقف عنده، لأنه كلام يصدم الحقيقة، فهؤلاء يكذبون على الناس ويدركون أنهم يكذبون، فهناك مؤرخ مصري حديث اسمه أ.د سعيد عبدالفتاح عاشور، رحمه الله، وكان أستاذًا في كلية الآداب، وهو شيخ وسيد مؤرخي الحملات الصليبية، ترك لنا تراثًا كبيرًا جدًا، للأسف الشديد لا ينشر ولا يسلط الضوء عليه، حيث كتب كتابًا عن صلاح الدين في سلسلة اسمها «أعلام العرب»، وهو يدحض ويكشف زيف ما يقوله هؤلاء ضد صلاح الدين الأيوبي، وكل ما يقولونه يحقق خطط سياسات أجنبية.
وبيّن الإمام الأكبر أن أخلاق هذا البطل ظهرت بعد أن سيطر على حطين وبيت المقدس من الصليبيين، ووقع الملك وكبار قادته أسرى في يده، ثم أكرم هؤلاء الأسرى، لأنه اعتمد على دين يكره سفك الدماء ولا يحلها إلا بحقها، في حين أن الصليبيين كانوا يذبحون المسلمين وينهبون ممتلكاتهم، فقتلوا 30 ألفًا في ثلاثة أيام، والمحزن أن ذلك تم باسم الصليب، وباسم سيدنا عيسى والإنجيل، وهم ذاهبون للاحتفال بعيد القيامة، في الوقت الذي أكرم فيه صلاح الدين الأسرى، ومنحهم الحرية مقابل فدية تضمن الخروج الآمن، ورفع هذه الفدية عن الفقراء منهم، واستمرت المعارك، وأرسل الغرب حملات لقتال صلاح الدين الأيوبي وإنقاذ الصليبيين، فأرسلوا ثلاثة قادة كبار، كان من بينهم ريتشارد قلب الأسد، الذي لم يُهزم في أي معركة، إلا أنه لم يستطع التغلب على صلاح الدين، واتجه للصلح معه، وقضى الصلح بأن يرحلوا، لينهي بذلك صلاح الدين أسطورة الغرب، ثم توفي رحمه الله سنة 1193.
وأكد أن القدس في العهد الإسلامي، سواء قبل أو بعد الصليبيين، لم تشهد قتيلًا واحدًا باسم الإسلام، لا من المسيحيين ولا من اليهود ولا من غيرهم، وأن القدس إسلامية وفلسطين كلها إسلامية منذ عهد سيدنا عمر إلى الحملة الصليبية، ثم بعد الحملة الصليبية، وظلت في أمن وأمان وسلام حتى 1917 حين دخلها الإنجليز، ثم ذهب قائد فرنسي إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ووقف عليه وقال: «الآن انتهت الحرب الصليبية»، ومنذ 1917 وهي تراق فيها الدماء، ولا حل ولا سلام في المنطقة إلا بوحدة العرب ومن ورائهم المسلمون، منوهًا إلى أن السطوة الصهيونية الإعلامية هي التي تشوه الإسلام في الشرق والغرب، وباستخدام بعض المنتسبين لهذا الدين الذين يرهنون أقلامهم وألسنتهم لمن يدفع.