بين مسيرتي «الأرض والكاوتشوك».. ثورة الفلسطينيين في وجه الاحتلال
ظن البعض أنهم قد هدأوا، ورضوا ورضخوا لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الداعم للاحتلال بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلا أن سرعان ما اجتمع الفلسطينيون ليردوا بكل قوة أنهم موجودون، وأن "مسيرات العودة" لحماية الأرض لا يمكنها أن تقف.
خرج الآلاف قبل 7 أيام ثائرين في جمعة الأرض ففقدوا 22 شهيدًا ومئات الجرحى، لم يخافوا من رصاص الاحتلال، فقرروا الاعتصام، والعودة مجددًا في مسيرة أشد قوة، وأكثر ثائرًا، متخذين "الكاوشوك" لها رمزًا.
بين الجمعة 30 مارس، والسابقة 6 أبريل، عزم الفلسطينيون على مواصلة المشوار، والخروج في عشرات المظاهرات لاحقًا حتى يؤرقون الاحتلال، ويثبتون أنه "لا يضيع حقًا وراءه مُطالب".
ارتكب جيش الاحتلال، جرائم خلال المسيرتين الأولى والثانية، رغم حث الأمم المتحدة، إسرائيل، على عدم استخدام "القوة المفرطة" ضد المتظاهرين السلميين في قطاع غزة، إلا أن الأخيرة أفرطت باستخدام القوة المسلحة المُميتة ضد المشاركين في المظاهرات السلمية التي جرى تنظيمها.
شهدت المسيرة الأولى السلمية يومًا دمويًا أكثر عنفًا عن عدوان 2014م، حيث قُتل 13 مدنيًا، بينهم طفل، في يوم واحد، وأصيب (1067) آخرون، بينهم (208) أطفال، و(40) امرأة بجراح، وصفت العديد منها بالخطرة، وأن من المقرر تنظيم حفل تأبين شهداء المسيرات والذي بلغ عددهم 20 شهيد حسب وزارة الصحة بغزة.
ولن يتوقف نزيف الدم خلال هذا اليوم، بل استمر فعالياته على مدار الأسبوع، فواصلت قوات الاحتلال استهداف المدنيين الذين يتوافدون بشكل يومي على المنطقة الحدودية للقطاع، حيث ارتفع عدد القتلى خلال الأسبوع (15) مدنيًا فلسطينيًا، بينهم طفل، وعدد المصابين إلى (1143) مدنيًا، بينهم (218) طفلًا.
وفقًا لما صرحت به المصادر الطبية في مستشفيات القطاع من خلال تعاملهم مع المصابين، بان معظم من اصيبوا بالرصاص الحي كان لديهم تهتك كبير في الانسجة، وفتحات كبيرة مكان الإصابة، ويتضح أن الرصاص المستخدم هو من الرصاص الحي المتفجر.
وليس غريب عن قوات الاحتلال أن تستهدف بشكل مباشر عددًا من النشطاء الميدانيين، ليتواجدهم باستمرار على الشريط الحدودي في أي فعالية سلمية، حيث قتل ثلاثة منهم في شمال القطاع، واستهدافت القوات مناطق الحدودية، وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 29مارس، ثلاث قذائف مدفعية تجاه منطقة مفتوحة شرق حي الأمل، شمال شرقي بلدة بيت حانون، شمال القطاع، دون أن وقوع إصابات في الأرواح.
أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي 30 مارس، قذيفة مدفعية تجاه قطعة أرض زراعية في قرية وادي غزة، وتسلسل الأحداث الدموية مع مرور الأيام، في 31 مارس، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي قذيفة مدفعية تجاه قطعة أرض زراعية في قرية وادي غزة، وبعد ساعات، أطلقت تلك القوات قذيفة مدفعية ثانية تجاه قطعة أرض زراعية في القرية المذكورة، ولم يبلغ خبرعن إصابات في الأرواح.
بلا رحمة استهدفت القوات الجيش الإسرائلي بقتل صيادي الأسماك الفلسطينيين في عرض البحر، استمرت بوتيرة اعتداءاتها ضد صيادي الأسماك الفلسطينيين، وبلغ العدد لـ (4) منها (3) اعتداءات شمال غرب بلدة بيت لاهيا، واعتداء واحد غرب منطقة السودانية، غرب جباليا، وكذلك قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مزارعًا فلسطينيًا خلال تأدية عمله، كما أصيب آخر بجروح، بعد استهدافهما بقذيفتين مدفعيتين، خلال تواجدهما في أرض زراعية تبعد أكثر من كيلومتر عن الشريط الحدودي مع إسرائيل.
شرع اليهود لإقامة الطقوس الدينية وصلواتهم التلمودية بمناسبة الاحتفالات اليهودية 4إبرايل، أصيب مدنيان فلسطينيان عندما نظم مئات المستوطنين، وبحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة ضخمة في أراضي بلدة بيتا، جنوب مدينة نابلس؛ فأطلقت تلك القوات قنابل الغاز والأعيرة المعدنية تجاههم.
بالمسيرة الثانية.. جلب الاحتلال مراوح ضخمة لتبديد دخان الكوشوك عن قناصته المتمركزة خلف السلك الفاصل، بالإضافة إلى عشرات سيارات الإطفاء، حاولت قوات الاحتلال إطفاء الإطارات المشتعلة على الحدود الشرقية بالمياه العادمة عبر الإطفائيات.
سنرد بكل ما يلزم ولن نسمح بالمس بالسياج الأمني على الحدود، هكذا ما قاله جيش الإسرائيلي بصحف إسرائلية، بينما موقف الفلسطنيين يتضح بقول أبو مجاهد الناطق باسم لجان المقاومة الفلسطينية: إن "الفلسطينيون يقدمون الدماء مقابل تصريحات عربية مطبعة مع العدو".
ومن قبل الفلسطينيين لن يصل السيأس إليهم، حيث أشعل شبان النيران بمجمع كوابل كاميرات المراقبة التابعة لقوات الاحتلال بالقدس المحتلة، كما نجح شبان بقص جزءًا من السياج الفاصل جنوب قطاع غزة، وحرق عشرات الآلاف من الإطارات المطاطية، لحماية أنفسهم من قناصة الاحتلال شرق قطاع غزة.
أعلنت الصحة بغزة إحصائية أحداث مسيرة العودة الكبرى حتى اللحظة: شهيدان متأثر بجراحه شرق جباليا و252 اصابة بجراح مختلفة منها 5 خطيرة في الرأس والمناطق العلوية من الجسم وعلاج عشرات المواطنين ميدانيًا من خلال النقاط الطبية والطواقم الاسعافية المنتشرة شرق قطاع غزة.
كشقت الصحة بغزة، أن ارتفاع عدد الشهداء إلى 8 واصابة 1070 مواطن منها 551 تم معالجتها ميدانيًا و442 في المستشفيات و77 في المستشفيات الأهلية، ومن الإصابات 12 سيدة و48 طفل، ووصفت 25 إصابة بالخطيرة و239 بالمتوسطة، و156 بالطفيفة، ومن مجمل الإصابات 293 بالرصاص الحي.
وذكرت الصحة اسماء بعض الشهداء، احمد نزار اسامة خميس قديح 38عام برصاص الاحتلال شرق خان يونس، استشهاد مجدي رمضان شبات برصاص الاحتلال شرق مدينة غزة، يبلغ من العمر 38 سنة غزة. والثالث ثائر محمد رابعة 30 سنة شمال غزة، 38 سنة غزة، وإبراهيم العر 20 عام، استشهاد الطفل في مجمع الشفاء الطبي وهو الشهيد حسين محمد ماضي (16 عامًا).
إن قوات الاحتلال الإسرائيلي، تستخدم أسلحة محرّمة ضد التجمعات السلمية للمتظاهرين، قرب حدود قطاع غزة، ما قالته هيئة حقوقية فلسطينية،
وفي نفس السياق، قال المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عصام يونس، خلال مؤتمر صحفي في غزة، إن: " تشير المعلومات إلى استخدام قوات الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا كالرصاص المتفجّر بهدف إحداث أكبر قدر من الإعاقات لدى المتظاهرين المشاركين بمسيرات العودة".
يونس يؤكد أن قوات الجيش الإسرائيلي "تعمّدت قتل المواطنين من خلال استهدافهم بشكل مباشر، حيث يتضح ذلك من خلال الإصابات في الجزء العلوي من الجسد، وتحديدًا الرأس والرقبة والصدر، محذرًا أن مواصلة جيش الاحتلال استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين قرب حدود غزة.
طالب يونس "مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية، لتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية ومنع الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين، مشددًا على أن المشاركة في المسيرات السلمية هو أمر مشروع.
والجدير بالذكر، أن تلك المسيرات في إطار الاحتجاجات التي ينظمها المدنيون الفلسطينيون، احتجاجا على قرار الرئيس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، واستمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في جرائم الاستيطان ومصادرة الأراضي، وبمناسبة الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض.
توصل استشهاد 21 فلسطينيًا، وإصابة 1500 آخرين برصاص قوات الاحتلال، منذ الجمعة الماضي، بينما ارتفاع عدد الشهداء إلى 8 واصابة 1070 مواطن بالجمعة الثانية على التوالي.