عبد الشكور عامر يكتب: أوروبا تحت رحمة داعش
أصدق ما يمكن أن ينطبق على الحالة الأوربية حاليا المثل العربى القائل « على نفسها جنت براقش » فأوربا التى هاجمت الكثير من الأنظمة العربية بحجة قمعها للحريات وتجاهل الديمقراطية كأحد وسائل الوصول لسدة الحكم بتلك البلاد، ودعمت تحت غطاء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان تنظيمات متشددة وجماعات متطرفة وكيانات إرهابية بحجة دعمها لحقوق لإنسان ونشرها لقيم الديمقراطية والمساواة وهى ليست كما تدعى.
لكنها كانت تسعى بقصد تارة وبدون قصد تارة أخرى الى زعزعة إستقرار تلك الأنظمة الحاكمة، والتحكم فى مصائر الدولة والشعوب، فمولت الكثير من جماعات العنف ودعمتها ماليا وسياسيا وأمنيا وبكل السبل حتى تتمكن تلك الجماعات والتنظيمات من مفاصل الدول المستهدفة وتنتشر افكارها التكفيرية بين طبقات النسيج الإجتماعى.
وعلى غير المامول وخلاف المتوقع نجد اوربا اليوم تعانى من ويلات داعش وإخوانها، لتجنى بذلك ثمار ما غرسته بيدها فى الجسد العربى والإسلامى وانقلب السحر على الساحر ونالها نصيبا وافرا من إرهاب تلك التنظيمات، وفى مقدمتها داعش التى انشاتها اجهزة مخابراتها بهدف إسقاط ممالك وتقسيم عروش وهدم جيوش.
ولكن تعالوا بنا لنرى ما الخطر الذى يمكن ان تمثله داعش على إستقرار اوربا وكيف وصلت أوربا الى ما وصلت اليه الآن من مواجهة مباشرة مع داعش وأخواتها وذلك بسبب سياستها الخاطئة وإستراتيجيتها الفاشلة فى التعامل مع اخطر ملفات الشرق الأوسط تعقيدا وهو ملف الإرهاب والجماعات السياسية المعارضة.
نعم هناك خطر تمثله داعش على اوربا بصفة عامة حيث انضم الى داعش من أسبانيا وحدها اكثر من 1400 من مواطنيها وقاتلوا فى صفوفها بسوريا والعراق مؤخرا، وانضمت بريطانيا الى القائمة السوداء حيث انضم الى داعش من مواطنيها 1000 مقاتل أيضا تلقوا تدريبات على كل أشكال وأنواع القتال واعمال التفجير والتفخيخ وكذلك فرنسا انضم الى صفوف داعش عددا لا بأس به من مواطنيها
كما تشير كل المؤشرات الى عودة أكثر من 20% ممن انضموا الى صفوف تنظيم داعش الإرهابى
عادوا الى مواطنهم الأصلية فى أوربا بعد هزيمة داعش فى سوريا والعراق، مما يمثل تهديدا كبيرا لهذه العناصر على دولها الأوربية وظهور جيل جديد من عناصره أشد خطرا وفتكا.
وأهم اسباب ظهور داعش مرة أخرى فى أوربا وقيامها بتنفيذ عمليات إرهابية خاصة فى فرنسا هو وجود تنظيم جماعة الإخوان فى اوربا وإنتشار كوادرها فى بعض العواصم الأوربية مثل بريطانيا التى ترعى جماعة الإخوان سياسيا ولوجستيا وتمنحهم حق اللجوء السياسي، إذ تعد جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات المتشددة أحد أهم مصادر الفكر الداعشى المتطرف فى أوروبا خاصة بعد هزيمتها وفشلها فى الحفاظ على السلطة فى بعض بلدان المنشأ كمصر وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية.
كما يمثل تنظيم القاعدة فى جنوب شرق اسيا وأفغانستان والمغرب العربى أيضا أهم روافد ومنابع الفكر الداعشى الى أوربا بسبب الهجرة غير الشرعية ومنح بعض الفارين من جحيم الحروب الأهلية فى بعض بلدان ما يسمى بالربيع العربى أحد أهم منابع ومصادر الفكر الداعشى الى اوربا حق اللجوء، حيث تندس وتنضم فلول وعناصر داعش المنهزمة الى قوافل اللاجئين الى اوربا بغية تنفيذ بعض عملياتها الإرهابية ضد المصالح الأوربية حال تهديدها لوجود داعش او تعاونها مع الأنظمة العربية الحاكمة التى لا ترغب فى وجود داعش على أراضيها.
كل هذا وغيره ينبغى ان تضعه اوربا فى حسبانها ويجب عليها ان تعيد النظر فى سياستها الداعمة لما يسمى ملف الأقليات وحقوق الإنسان وبعض الجماعات السياسية المعارضة بالشرق الاوسط والوقوف والتأكد من حقيقة تلك الجماعات والكيانات المناوئة لسياسات الإنفتاح ومتطلبات الأمن القومى العربى التى تنتهجها دول ما يسمى بالربيع العربى.