فك شفرة فرع"القاعدة" في سوريا بين الظواهرى والجولاني
كشفنا في الحلقة السابقة "3"، الإتهامات المتبادلة بين قادة"القاعدة" في سوريا، بعد بيع الصحفي الأمريكي "بيتر"، وإعادته إلي بلاده بعد تسليمه للحكومة التركية، ثم تخلص "الجولاني" من أهم معاونيه في التنظيم بعد مقتلهم علي ايدي الأمريكان في أحدي غاراتهم.. وأخيرا.. سوف نشاهد دور"الجولاني" بالتخلص من شرعي "القاعدة" أهم الشهود علي مخالفته للقواعد الجهادية، وعلي رأسهم "أبو جليبيب" الذي اكتشف خداع "الجولاني" له.
بعد أن شعر "أبو جليبيب" أنه تم خداعه من قبل الجولاني، قدم استقالته بعد أسبوعين من تكليفه بولايته لإمارة الساحل، لعدم أهميته بعد أن فقدت "جبهة النصرة" معظمه، وجلس في بيته.
مع ضغوط "مجلس القاعدة" على الجولاني، ووصول تحذيرات جدّية إلى الجولاني من "دول معينة" عبر وسطاء، تؤكد نية التحالف بضرب مواقع جبهة النصرة، بشكل مكثف، بدأت تنضج فكرة "فك الارتباط عن القاعدة" في عقل الجولاني.
عرض الجولاني المقترح على قادة القاعدة في سوريا الذين أبدوا تحفظهم على الأمر، فبدأ الجولاني بالضغط على "أبو الخير المصري" الذي أرسل رسائل أيضًا إلى كل من "سيف العدل وأبو محمد المصري" واللذان ابديا تحفظا على هذه الخطوة، وأشارا لضرورة موافقة الظواهري شخصيًا على هذا المقترح.
استمر الجولاني بالضغط على "أبي الخير المصري" مستغلًا انقطاع التواصل بين قادة القاعدة والظواهري لأكثر من سنتين أبو الخير أخبر الجولاني، أنه ليس من صلاحياته اتخاذ هذه الخطوة، فأكد الأخير،لأبي الفرج المصري، أنه إذا رفض "الظواهري" هذه الخطوة سوف يتراجع عنها نهائيًا.
تمكن الجولاني، بعد شهور من المحاولات والضغوط من انتزاع موافقة مبدأية من "أبو الخير المصري"
إصرار"الجولاني"على أخذ موافقة "المصري" في خطوة فك الارتباط، مرده إلى علم الجولاني، أن فك الارتباط دون موافقة قادة القاعدة سيؤدي إلى انشقاقات كبيرة داخل جبهة النصرة، وأن فك الارتباط حين يصدر من أبي الخير شخصيًا سيخفف من حدة الاعتراضات داخل جبهة النصرة.
أمر الجولاني قبيل إعلان فك الإرتباط، سحب السلاح الثقيل من كافة قواطع جبهة النصرة في الشمال، ووضع يده عليه، خشية من حدوث انشقاقات داخل تلك القطاعات.
خطوة فك الارتباط لاقت معارضة كبيرة من " الجناح الأردني" الذي يتزعمه"أبو القسام" داخل جبهة النصرة، بحكم تواصله مع قيادات القاعدة في إيران، فأعلن مع أبي جليبيب وعدد من القادة الأردنيين ترك العمل في جبهة النصرة.
بعد خطوة فك الارتباط،عاد التواصل بين قيادات القاعدة والظواهري، الذي ابدى رفضه الشديد لهذه لخطوة، وأمر الجولاني العودة بجبهة النصرة إلى ماكانت عليه.
الجولاني حاول التملص من ضغوط الظواهري بالقول إن خطوة فك الارتباط "إعلامية تكتيكية" فقط، وإنه مايزال يدين ببيعة سرية للظواهري والقاعدة الأم تطمينات الجولاني لم تلقَ آذان صاغية عند الظواهري وبقية مجلس شورى التنظيم في إيران، فطالبوا الجولاني بشريط فيديو يؤكد فيه الجولاني بيعته للقاعدة، حتى لا تقع القاعدة فيما وقعت فيه سابقًا من تنصل البغدادي من بيعتها مطالب الظواهري وضعت الجولاني في موقف محرج، فقرر الهروب إلى الأمام عبر تشكيل هيئة تحرير الشام وقطع ارتباطه بشكل كامل بالقاعدة.
خطوة الجولاني تلك زادت التوتر بين الجولاني والظواهري، خاصة أن تشكيل"هيئة تحريرالشام" لم يستشر بها الجولاني قادة تنظيم القاعدة في سوريا أو إيران، وسمعوا بها من الاعلام فقط، فقررت القاعدة التصعيد ضد الجولاني عبر مسارين:
أولًا: مسارإعلامي:
حيث خرجت عدة تسجيلات للظواهري أكدت بطلان خطوة الجولاني بفك الارتباط عن القاعدة، وأنه ناكث للبيعة، وعبر خطب ومحاضرات ومقالات من منظري وشيوخ القاعدة كالمقدسي وغيره هاجمت فيها الجولاني.
ثانيًا: مسار ميادني:
قام عدد من قادة القاعدة في سوريا ك"أبي القسام الأردني والعريدي" بجولات على مقرات ومواقع هيئة تحرير الشام، محرضين عناصرها على الانشقاق عن الجولاني والرجوع إلى بيعة القاعدة،أصبحت شرعية "الجولاني" في خطر بعد بفك الارتباط عن القاعدة - والتي اضفاها كل من"المصري وأبي الفرج " بعد عودة التواصل مع الظواهري، وتأكيد التزامهما بأوامر الظواهري كليًان فتم اغتيال كل من أبو الخير المصري، وأبو الفرج المصري، "غارة جوية-عبوة ناسفة"، وتخلص الجولاني، من الشاهدين الوحيدين على مراسلاته، ووعوده للظواهري بالعودة إليه.
تصعيد القاعدة ضد الجولاني، رد عليه الأخير بتصعيد إعلامي مماثل عبرعدد من شيوخ وقادة الهيئة، فقد أتهم الغزي - أحد شرعيي الهيئة - فرع القاعدة في الصومال بالإنحراف وإرتكاب الجرائم، كما وصف أبو الحارث المصري - أحد شرعيي الهيئة - الظواهري في مقال له "بالأمير المسردب"!
كما شكك عبدالرحيم عطون - حبر الجولاني الأعظم - بحكمة توجيهات الظواهري، وأتهم مسؤولي الإرتباط في القاعدة بخيانة الأمانة وتحريف الرسائل. فتحول الظواهري بين ليلة وضحاها لدى الجولاني والنصرة من "حكيم الأمة" إلى " سفيه وأمير مسردب ".
وتحول الجولاني،في نظر القاعدة من "الشيخ الفاضل" و" القائد المظفر" والحكيم إلى ناكث للعهد وغادر، كما وصفه البغدادي سابقًا ! ولا عجب من ذلك في جماعات يكون الولاء والبراء فيها على التنظيم.
تصعيد الجولاني و"كهنته" ضد القاعدة لم يقتصر على الإعلام فقط،بعدأن أمرباعتقال رموز القاعدة في سوريا، ممن يشكلون خطرًا على تماسك هيئة تحرير الشام، كما أراد الجولاني إيصال رسالة للخارج أنه يحارب التطرف وقد خلع ثوب الجهاد العالمي، ويمكن التفاهم معه.