ننشر اعترافات خطيرة لشقيقة «البغدادي» المحكوم عليها بالإعدام
أصدرت محكمة الجنايات المركزية العراقية، اليوم الخميس، حكمًا بالإعدام شنقًا حتى الموت بحق «نجلاء داود محمد»، شقيقة زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي السابق، أبوعمر البغدادي، على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب.
أبوعمر البغدادي، هو حامد داود محمد خليل الزاوي، أمير ما عُرف بـ"دولة العراق الإسلامية" حتى مقتله في مدينة تكريت، بمحافظة صلاح الدين عام 2010، وخلفه أبوبكر البغدادي، فى زعامة التنظيم، وشكّل فيما بعد «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).
هذا وكان قد نشرت "صحيفة القضاء"، التابعة للمجلس الأعلى للقضاء العراقي، في 5 ديسمبر العام الماضي 2017، اعترافات مهمة وخطيرة لـ"نجلاء داود" عن تفاصيل نشأة تنظيم القاعدة في العراق بزعامة شقيقها "أبو عمر" حتى مقتله، فضلًا عن كواليس نشأة تنظيم "داعش" وسيطرة البغدادي على الموصل حتى فرار أعضائه، وذلك بعد القبض عليها في منطقة أبو غريب، بعد متابعة تنقلاتها بين مدن الموصل وبغداد وقضاء القائم غربي الأنبار.
يعاود «أمان» نشر الاعترافات كالتالي:
"نجلاء" بحسب اعترافاتها لجهاز المخابرات الوطني العراقي، هي نجلاء داود محمد، المعروفة بـ(أم أحمد) أو أخت الشيخ أو الأمير كما يسميها أفراد تنظيم داعش، البالغة من العمر 41 عامًا، تنحدر من قضاء حديثة في محافظة الأنبار، وهي أخت لأربعة أشقاء أحدهم حامد الزاوي (أبو عمر البغدادي)، ثاني زعيم للتنظيمات السلفية الجهادية في العراق بعد الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في العام 2006 وزوجة (عبد محمد حسن)، المعتقل الذي كان يشغل منصب ما يسميه التنظيم الإرهابي بالناقل العام، وهو أخ جاسم محمد حسن (أبو إبراهيم) وزير نفط دولة التنظيم، ووالدة مسؤول تجهيز التنظيم في نينوى فضلا عن ولديها الذين قتلا في معارك تحرير مدينة الموصل".
وتقول نجلاء عن نشأة تنظيم القاعدة في العراق: "ما أعرفه أن الموضوع بدأ قديما منذ عام 1994 يوم داهمت قوات أمنية خاصة بيتنا؛ واعتقلت أخي حامد "أبو عمر البغدادي" برغم أنه كان وقتها ضابطا في الشرطة بإحدى نواحي قضاء حديثة، لم نكن نعرف يومها سبب الاعتقال الذي دام ستة أشهر".
وأضافت: "بعد أن أفرج عن أخي كان بصحة سيئة وأخبرنا أنه تعرض لتعذيب قاهر، وبعدها جاء قرار بفصله عن وظيفته الأمنية، عرفت بعد ذلك أن سبب الاعتقال والفصل مرتبط بتوجه أخي الديني وارتباطه بجماعة دينية لم أكن أعرف عنها شيئًا".
وتابعت "تفرغ أخي بعد خروجه من السجن لقراءة الكتب الدينية وكان يقصد العاصمة بغداد ويعود مع صناديق مملوءة بالكتب التي يعكف أغلب الوقت على قراءتها، فيما اعتمد بمعيشته على محل صغير في الحي الذي نسكنه لتصليح الأدوات المنزلية". وأشارت (أم أحمد) إلى أنه "بعد أشهر عدة من خروجه من السجن قام بتشكيل مجموعة في أحد الجوامع الذي قاموا بتغيير اسمه إلى جامع التوحيد، وصار يلقي أخي الدروس الدينية والخطب حتى صار إماما للجامع، واستمر به هذا الحال حتى كون له مجموعة من الرجال ممن ّيهتمون بشؤون الوعظ والإرشاد الديني".
الأمريكان يراقبون
ذكرت نجلاء، أن "أول الأحداث التي حصلت في العام 2003 عندما أخبرهم (أبو عمر) بأنه مراقب من الأمريكان، وبعدها بشهور قذفت في بيته (قنبلة صوتية) وأخبرهم أن أفرادًا من الحزب الإسلامي هم من فعلوها بسبب كرههم له، وقبل أن ينتهي العام داهمت قوة من الجيش الأميركي بيته واعتقلته"، متابعة: "بعد 15 يومًا أفرج عنه وصار يجمع الناس حوله ويحثهم من جامع التوحيد على الجهاد والسيطرة على المدينة وكانت أولى العمليات عندما أشرف "حامد" مطلع عام 2004 على عملية إسقاط مراكز الشرطة في قضاء حديثة عبر هجمات بالصواريخ والأسلحة الخفيفة، بعد هذه العملية بدأت ملاحقة (حامد) من قبل الأجهزة الأمنية العراقية والقوات الأميركية، عرفت بعدها أنه ترك الأنبار وقصد بغداد، وكانت زوجته تأتي لزيارتنا بين فترة وأخرى، وعند سؤالي إياها أخبرتني أنهم يسكنون منطقة الحسينية لكنها لم تكن تخبرني عن أي شيء آخر وفهمت أنه من كان يمنعها من الإدلاء بأي معلومات كما كان يرفض أن يزوره أي أحد في بغداد".
وزير النفط في داعش
وذكرت أن مقتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم التنظيم الإرهابي- في ذلك الوقت- بدأت الأحداث تتغير بشكل كبير، وتغيرت الأمور بترك شقيق زوجها (جاسم محمد حسن) المكنى بأبي إبراهيم والذي شغل منصب وزير النفط لاحقا في دولة داعش ترك عمله في الحرس الوطني، وصار يجمع في بيته المقاتلين الأجانب بأمر من شقيقها أبو عمر البغدادي".
وأكملت نجلاء: "أنضم زوجي فعليا في العام 2009 للتنظيم وكان دوره نقل البريد الخاص بالتنظيم في محافظات الشمال والغرب من وإلى بغداد ويتضمن البريد خطب الجمعة والجماعة والتعليمات فضلًا عما يرتبط بالجانب الإداري والمالي، وكان في بعض الأحيان يصطحبني معه من أجل التمويه وتخبئة البريد في ملابسي، وبهذا العام عرفت عن طريق زوجي ان أخي (حامد) هو زعيم التنظيم وصار يعرف بأبي عمر البغدادي، وبرغم أن هذه المعلومة كانت رائجة الا اننا كنا ممنوعين من ين من رائجة إلا أننا كنا ممنوع الاختلاط مع الناس ولا يوجد في بيتنا تلفزيون او مذياع".
واسترسلت شقيقة أبو عمر البغدادي: "بعد اجتماعنا في بيت كبير في الموصل أضاف شقيق زوجي بناء إضافيا إلى البيت وكنا نجهل لماذا يفعل هذا، وبعد اكتمال البناء فوجئنا بسيدة جاءت برفقة أبو إبراهيم طلب منا أن تسكن معنا في الطابق الإضافي وكانت يمنية الجنسية عرفنا أنها زوجة (أبو أيوب المصري) وزير الحرب في التنظيم، وكانت زوجة المصري منعزلة عنا، وكانت تقضي أغلب الوقت بقراءة القران والعبادة، ولم تكن على منوالنا في قضاء الوقت فقد أخذت بتعليم صغار البيت التعاليم الدينية الخاصة بالتنظيم، بل كنا عندما نزورها في غرفتها تطلب منا أن ننشغل بالتعليم الديني".
ظهور خليفة داعش
تشير شقيقة "أبو عمر"، إلى أنه في العام نفسه داهمت القوات الأميركية بيتهم في الموصل واعتقلت جميع الرجال الذين يشكلون شبكة بمن فيهم أبو إبراهيم، وقاموا بالتحقيق مع الجميع، وكانت أسئلتهم تدور حول مكان أبو عمر، وبسبب المداهمة والاعتقال اضطربت زوجة المصري وطلبت أن تترك البيت، وبالفعل تم استأجرت سيارة أجرة وذهبت بها إلى بغداد، متابعة: "بعد اعتقال جميع رجالنا أفرج فقط عن ولدي أحمد والباقون تم تسليمهم إلى الجهات الأمنية، جاءنا شخص في التنظيم يدعى (أبو حسن) وطلب منا أن نترك البيت خشية أن نعتقل نحن كذلك وقام بنقلنا إلى بيت في حي آخر من الموصل وطلب منا ان لا نخبر أي أحد بمكانه ولا نختلط بأحد وصار ينقلنا من بيت لآخر في كل عشرة أيام تقريبا".
وتستطرد: "في هذا الوقت صرنا نعرف عن طريق أبي حسن أن كثيرين ممن كانوا يرتبطون بالتنظيم تم اعتقالهم في بغداد ومحافظات أخرى، حتى وصلنا العام 2010، فطلب مني (أبو حسن) أن أختلي به ليخبرني أن أخي أبو عمر البغدادي قد تم قتله مع أبو أيوب المصري وتم اعتقال النساء اللاتي كن في البيت الذي قتلا فيه وهما زوجة المصري وزوجة أبو عمر وبناتهما في منطقة الثرثار، وزارني صالح الفهداوي (أبو مصطفى) وهو من قيادات التنظيم وقال لي: أنت من العائلة التي ضحت من إعلاء وتكوين دولة الإسلام ولا ينبغي أن يثنيك قتل أخيك البغدادي وصهره المهاجر واعتقال زوجك وأخيه عن الاستمرار بالجهاد في سبيل دولتنا، قال لي هذا وأضاف: سأتركك لتفكري وتتخذي قرارك؛ وبعد ثلاثة أشهر التقيته فأخبرته بأنني ماضية في طريق أخي وزوجي وسأقوم بكل ما يمليه عليه التنظيم".
وتابعت نجلاء "في هذا الوقت كان زوجي في السجن وقام بعمل وكالة عن طريق الصليب الأحمر لأتقاضى نصف مرتبه فضلًا عن حصولي على مرتب من دائرة الرعاية الاجتماعية قيمته 700 الف دينار وكفالة من التنظيم وكذلك إيجار البيت الذي صرنا نسكنه بحي صدام في الموصل، وبقينا على هذا الحال إلى أن سيطر تنظيم داعش على مدينة الموصل فبادر الكثير من الشباب للانضمام للتنظيم ومنه أبنائي أحمد ومقداد ووضاح، أما عني فقد طلب مني (محمد أحمد العساف) المكنى بأبي هاجر، وهو من كان على طول المدة الماضية يوصل لنا الكفالة المالية وإيجار البيت، أن أعمل على حث نساء المدينة على مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادي ودفعهن لتحريض أبنائهن على القتال في صفوف التنظيم".
مسؤولة نساء التنظيم
تستطرد شقيقة أبو عمر: "بعد ذلك كلفني المهاجر بأن أكون مسؤولة عن نساء قادة التنظيم وتوجيههن بما تقتضيه أوامر التنظيم والإشراف على توزيع الكفالات المالية، وتشكيل شبكة ترتبط بشورى التنظيم تعنى بالترويج لفكر الجهاد والدولة لامية وحث الأبناء على الانضمام للتنظيم، وعُين ولدي أحمد المجهز العام لما يسميه التنظيم بولاية نينوى، وهي مهمة إيصال الاسلحة والذخيرة لمجموع التنظيم، وفي هذا الوقت عرفت عن طريق إحدى نساء الشبكة بمكان (مروة) بنت أخي أبو عمر البغدادي وزوجة أبو أيوب المصري، وبالفعل استطعت الاتصال بها وأخبرتني برغبتها بالمجيء الى نينوى بسبب اعتقال زوجها الثاني (أكرم حسين فرحان) وهو الآخر من أفراد التنظيم وتم تزويجها منه بطلب من أبي بكر البغدادي، ونجحنا بإيصال (مروة) الى الموصل عبر أطراف في التنظيم في بغداد، وقمت عبر شبكتنا باستئجار بيت خاص لها وصرف كفالة مالية، بعدها أخبرني العسافي بأن هنالك توصية خاصة من أبي بكر البغدادي بها وينبغي الاهتمام بها بشكل خاص.
مصير عائلة «نجلاء»
تقول نجلاء: "بمطلع 2016 لم يبقى أحد معي في الموصل إلا ابنتي زهراء زوجة مسؤول الإدارية في التنظيم فابنتي الكبيرة سمر تزوجت من وزير المال في التنظيم عثمان نعمان وانتقلت إلى حي الرقة في سوريا وأحمد أنتقل إلى قضاء القائم ومقداد ووضاح هما الآخران كانا ضمن التنظيم، الأول قتل بعملية انتحارية قام بها ضد القوات الأمنية ووضاح قتل بقصف للطائرات، وعند اقتراب القوات العراقية من أيسر الموصل طلب منا التنظيم الانتقال إلى الضفة اليمنى للمدينة، وبالفعل انتقلت أنا وأم هاجر (مروة) الى منطقة حي الموصل الجديدة وصرنا ننتقل من حي الى حي مع تقدم القوات الأمنية في المدينة، وفي هذا الوقت طلب منا (أبو يحيى) وهو ما يعرف بالتنظيم بوالي الولاة أنا وابنتي ومروة وزوجة أبو عمر البغدادي الثانية "أم بصير" البقاء بالقرب من بيته خشية أن نعتقل من قبل القوات العراقية".
وتضيف: "كنا مجموعة من عائلات قادة التنظيم نسكن بجوار بعضنا في بيوت كبيرة تشتمل على مخابئ تحت الأرض، وتتولى مجموعة خاصة حمايتنا؛ وعند اشتداد المعارك في أيمن الموصل سقط صاروخ على الدار الذي نسكنه قتلت به ابنتي وأصيبت (مروة) وكذلك أنا".
رحلة الفرار نحو «البوكمال»
تشير نجلاء إلى أنه بعد إصابة "مروة" استطعت الاتصال بنجلها "أحمد" بعد أن فر كل قيادات التنظيم، حيث كان وقتها في قضاء القائم وطلبت منه تدبير خروج لها في الموصل، وعبر وسطاء متعددين استطاع تأمين سيارة أخرجتهم من الموصل إلى بغداد. ضيف: "قصدنا أنا ومروة وابنتي زهراء منزل أقرباء لنا بمنطقة حي الجامعة، مكثنا عندهم 15 يوما انشغلنا بها بعلاج الحروق التي اصابت جسد مروة، بعدها انتقلنا إلى حي الدورة حيث بيت أخي المتوفى "ياسين" وقضينا فيه كذلك 15 يوما قبل أن ننتقل إلى قضاء القائم".
تستكمل: "طلب منا ولدي أحمد الذي صار يعرف بأبي عمار أن نلتحق به إلى قضاء البو كمال حيث يجتمع هناك أبرز قيادات التنظيم وعائلاتهم بعد تحرير مدينة الموصل، وبالفعل عبر أكثر من وسيط وطريق وصلنا إلى البوكمال، ومكثت هناك شهرين وكنا نحظى بعناية خاصة بسبب توصية من أبي بكر البغدادي كما أخبرت بذلك، بعدها طلبت من ولدي أحمد أن أعود لبغداد لزيارة زوجي في المعتقل، وعبر سيارة وطرق خاصة استطعت الوصول إلى منطقة أبو غريب حيث بيت أحد أقاربي وهو الآخر من أفراد التنظيم المعتقلين، وبعد مكوثي خمسة أيام داهمت القوات الأمنية العراقية البيت وجرى القبض علي".