في ذكراها الـ77.. حلم «القوة العربية المشتركة» يتجدد على طاولة الجامعة العربية
مع احتفال جامعة الدول العربية، اليوم بالذكرى الـ 77 لتأسيسها، ما زالت تطمح إلى المزيد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون العربي في ظل التحديات الدولية التي فرضت نفسها على دول المنطقة خاصة منذ عام 2011 وانتشار الجماعات الإرهابية والتدخلات الدولية، ليعيد إحياء الجانب العسكري بالجامعة وتشكيل قوة تحمي أمن الدول الأعضاء.
بعد دعوات عربية عدة لإنشاء قوة عسكرية مشتركة، اقترحت الأمانة العامة للجامعة قد على وزراء الخارجية العرب، في يناير 2015، بحث إمكانية "تشكيل قوة تدخل عربية مشتركة لدحر الإرهاب"، بناء على ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع المشترك العائدة لعام 1950.
ومع استمرار اللقاءات بين أعضاء الجامعة طرحت الأمانة العامة في أغسطس 2015 بروتوكول لتشكيل القوة العربية المشتركة، انطلاقا من الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وأحكام وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وبميثاق جامعة الدول العربية والوثائق العربية ذات الصلة بما فيها معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون.
الإعلان عن البروتوكول جاء تنفيذا لقرار مجلس الجامعة على مستوى القمة في التاسع والعشرين من مارس 2015، بإنشاء قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومي العربي.
أهداف وتشكيل القوة العربية المشتركة
البرتوكول أكد أن الدعوة لتأسيس لهذه القوة جاء انطلاقاً من المسؤولية الوطنية والقومية في الحفاظ على أمن واستقرار الدول الأعضاء والمنطق العربية وعلى سيادة هذه الدول وسلامتها الإقليمية وإدراكاً لخطورة ما يواجه الأوطان والأمة العربية من تهديدات لكيانهم وحاضرهم ومستقبلم.
وبموجب البروتوكول تم اقتراح تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة للتدخل السريع، تشارك فيها الدول الأطراف اختياريا، لمواجهة التهديدات والتحديات بما في ذلك تهديدات التنظيمات الإرهابية، والتي تمس أمن وسلامة واستقرار أي من الدول الأطراف وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي.
وحظيت القوة الجديدة بمهام عدة تؤهبها لمجابهة التحديات التي تواجه المنطقة، من بينها مهمة التدخل العسكري السريع لمواجهة التحديات والتهديدات الإرهابية التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والمشاركة في عمليات حفظ السلم والأمن في الدول الأطراف، سواء لمنع نشوب النزاعات المسلحة أو لتثبيت سريان وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام أو لمساعدة هذه الدول علي استعادة وبناء وتجهيز قدراتها العسكرية والأمنية.
كذلك تختص القوة بحماية وتأمين خطوط المواصلات البحرية والبرية والجوية بغرض صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة أعمال القرصنة والإرهاب.
ومن أجل دعم تنفيذ قرارات القوة وتفعليها نص البروتوكول على أن إنشاء مجلس الدفاع ويتشكل مجلس الدفاع من وزراء دفاع وخارجية الدول الأطراف للاضطلاع بجميع الشئون العسكرية والسياسية المتعلقة بتنفيذ البروتوكول على أن تتخذ القرارات بأغلبية ثلثي الدول الحاضرة والمشاركة.
كما نص البرتوكول على تشكيل مجلس رؤساء الأركان ويضم رؤساء أركان الدول الأطراف لإعداد تقدير الموقف السياسي العسكري وإعداد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة أو أي تهديدات أو تحديات يمكن أن تنال من دولة أو أكثر من الدول الأطراف.
وإلى جانب ذلك اشتمل البرتوكول على تشكيل هيئة التخطيط المشترك تضم كل الدول الأطراف للإشراف علي تخطيط وتنفيذ التدريبات المشتركة والسيطرة علي إجراءات تجميع وإعادة تمركز القوة المكلفة بالمهمة.
أما فيما يتعلق بتشكيل القوة، نص البرتوكول على مساهمة كل دولة طرف بعناصر عسكرية برية وجوية وبحرية وإدارية وطبية، طبقا لإمكانياتها وبما لايخل بمهام قواتها المسلحة.
تعذر تنفيذ البروتوكول
لكن حتى الآن لم يدخل البروتوكول حيز النفاذ وما زالت المشاورات مستمرة بين الدول الأعضاء، فقد نص البرتوكول على إيداع الدول الموقعة وثائق تصديقها وفقا لإجراءاتها الدستورية لدى الأمين العام، ويسري لمدة خمس سنوات، ويجدد تلقائيا إلا إذا قرر مجلس الدفاع بتوافق الآراء إنهاء العمل به.
وتخرج من وقت لآخر دعوات من بعض الدول الأعضاء لضرورة تفعيل القوة خاصة مع تزايد خطر التنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم داعش على أمن الدول الأعضاء.
ويأمل كثيرون من تفعيل ومصادقة الدول الأعضاء على البرتوكول، فسبق أن قررت قمة 2007 تفعيل النشاطات العسكرية وإنشاء قوات طوارئ لحماية المناطق الساخنة التي يقل فيها الأمن، ما تعد سابقة قوية يمكن البناء عليها وتفعليها.
الأزمة الروسية الأوكرانية تسلط الضوء على التهديدات الدولية
وأمام التحديات الدولية التي طرأت مؤخرا آخرها الغزو الروسي لأوكرانيا، تزداد الدعوات لدعم وجود قوة عربية مشتركة تحمي أعضائها وتمنع تحويل دولهم إلى أراضي حرب بالوكالة، وفي الثامن والعشرين من فبراير الماضي وعقب أربعة أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا عقدت الجامعة اجتماعا طارئا وشكلت مجموعة اتصال لمتابعة تداعيات الحرب في أوكرانيا والمساهمة في حلحلة الصراع المحتدم هناك.
كما استعرض المجلس تطورات الموقف وآثاره على السلم والأمن الدوليين وأثره المباشر على الدول العربية.