رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحكيم».. كيف ينقذ فيريرا «الأبيض» من السقوط فى الدوامة؟

فيريرا
فيريرا

«لا أعرف أين مشكلة الزمالك، لكنى أعرف أنها ليست وليدة اليوم».. بهذه الكلمات علق البرتغالى جوسفالدو فيريرا، المدير الفنى الجديد لفريق الكرة بـ«القلعة البيضاء»، على هزيمته الأولى فى انطلاق مبارياته مع الفريق أمام الوداد المغربى.

ورغم أنه أراد القول مبكرًا: «أنا لست ولن أكون جزءًا من الأزمة الحاصلة وما سيترتب عليها»، لكنه طرح فى بقية تصريحاته استعداده ليكون سببًا رئيسيًا فى حل المعضلة، داخل وخارج أرض الملعب، وذلك عندما قال فى المؤتمر الصحفى: «أنا على استعداد لأقدم أى مساعدة لإدارة الزمالك، بعيدًا عن العمل الفنى، للمساهمة فى حل المشكلة».

تلك المبادرة والرؤية الرائعة نرى فيها كثيرًا من الحكمة، وتعد حلًا إصلاحيًا لأزمة الزمالك، ربما يختلف كثيرًا عن القرارات الثورية الانفعالية التى تلت المباراة، فى وقت لا يتحمل معه الفريق أى ثورة أو هدم المعبد، كما يصيح البعض متأثرًا بالهزيمة.

منذ انطلاقة هذه الألفية، غرق الزمالك فى أزمات إدارية وصراعات لم تنته بعد، لكن الغريب والعجيب أن نفس الأفكار والحلول وسيناريوهات المعالجة واحدة، وجميعها يبحث عن الطريق الأسهل: «اهدموا المعبد بمن فيه!».

لنفترض أن بعض اللاعبين سيئون، وأن بعض النجوم لا يريدون التجديد بما يتناسب مع القدرات المادية للزمالك فى الآونة الحالية، لكن هل يكون الحل بوقفهم جميعًا، واللجوء إلى الناشئين؟

الإجابة عن هذا التساؤل وجدتها فى كلام «فيريرا» الحكيم- وحكيم هنا توصيف لشخص هذا الرجل المحنك ورؤيته معًا- حينما قال إنه رغم صعوبة الصعود فى دورى أبطال إفريقيا، يستطيع الفوز بالدورى العام والكأس معًا.

نحن الآن أمام مسارين وتيارين، الأول يقودك إلى المقامرة باستبدال فريق كامل، والخروج كليًا من حسابات موسم ما زال الفريق يخوض بداياته، علمًا بأن النتائج غير مضمونة وربما يكون لها أثر أكثر سلبية من مجرد خسارة بطولات هذا الموسم فحسب.

أما المسار الثانى فهو إصلاحى يميل إلى تحقيق أكثر استفادة من الإمكانات المتاحة، بمن فيها اللاعبون غير الراغبين فى التجديد، وتهيئة الفريق معنويًا لما هو قادم، فإذا صلح حال بعض من نراهم مقصرين، سيعود بالنفع عليك الآن وغدًا، وإن لم ينصلح فافعل ما شئت واستبدل ما تريد حينما تكون لديك فرصة فى «الميركاتو».

ربما يرفض أشرف بن شرقى وطارق حامد ومحمد أبوجبل وغيرهم التجديد للزمالك، لكن إقصاءهم تمامًا من المشاركة ربما يكلف أكبر من مغادرة دورى الأبطال، بل من الوارد أن يحرمك أساسًا من العودة للمشاركة فى البطولة ذاتها خلال الموسم المقبل، لذا فإن عداء النجوم ليس حلًا، ومبادرة «فيريرا» هى الحل المثالى ونقطة الانطلاق، التى ربما تمثل تعديلًا جذريًا يمكن أن يحدثه فى الفريق.

قبل وصول تشافى هيرنانديز إلى برشلونة لقيادة الفريق، كان عثمان ديمبلى متمردًا ورافضًا فكرة التجديد تمامًا. الجمهور لم يكن يريد مشاركته، وكلما دخل الملعب حاصرته صافرات الاستهجان وصيحات النقد فى كل مرة تقترب منه الكرة.

«تشافى» حينما سُئل فى المؤتمر الصحفى عن تلك الصافرات وعن عدم رغبة اللاعب فى التجديد، دافع عنه بكلمات تبدو واثقة تمامًا، وبعبارات مدح فى موهبته ومدى احترافيته، فساعده هذا فى تجاوز تلك الصيحات، وعاد للتألق وبات من أفضل اللاعبين، ومعها تحولت الصيحات والانتقادات إلى تصفيق حار وإشادة بالغة، والأهم من كل ذلك تقول التقارير الإسبانية إن «ديمبلى» بدّل وجهة نظره، والآن يريد التجديد والاستمرار مع الفريق.

فليحصل «فيريرا» على فرصة مماثلة لتلك التى نالها «تشافى»، وليلعب دوره فى تهيئة وإقناع لاعبيه بأهمية أن يكونوا محترفين يقاتلون بشرف على كل كرة وكل مباراة وكل بطولة. لا شك فى أنك مع رجل حكيم خبير لديه كل المقومات الشخصية التى تجعلك تثق فى قدرته على تهيئة اللاعبين نفسيًا واستخراج أفضل ما لديهم، ومع تحسن النتائج وإزالة الشكوك واستعادة الثقة وترتيب البيت، فإن كل الأزمات العالقة قد تجد حلولًا، بما فيها ملف التجديد، فهل نعى حكمة المُصلح البرتغالى ونمنحه الوقت، أم يغرق الزمالك فى دوامته التى لا تنتهى؟!