رفضوا المغادرة.. عرب في قلب الحرب على أوكرانيا: «لن نهرب» (معايشة)
وجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعوة إلى رعايا أجانب لحمل السلاح في معركتهم ضد مجرمي الحرب الروس، إذ أصدر دعوة للمواطنين الأجانب، قائلًا إنهم أصدقاء السلام والديمقراطية، وطالبهم بالسفر إلى بلاده لمحاربة الغزو الروسي، ما دفع البعض من دول عربية إلى نشر تعليقات عبر الغرف الأوكرانية الإلكترونية يتساءلون حول كيفية الانضمام.
«الدستور» تواصلت مع عدد من هؤلاء المتطوعين العرب، لمعرفة الأسباب التي دفعتهم لعدم ترك أوكرانيا والبقاء في وسط الحرب.
عماد: «فتحولنا حياة فى بلدهم.. كيف نتركهم ونهرب؟»
قال عماد حسين مهندس مصري يعيش في أوكرانيا منذ 11 عامًا، إنه لن يتخلى عن أسرته، حيث انتقل إلى خاركوف منذ كان شابًا صغيرًا بعدما تعرف على زوجته الأوكرانية بـ«الجيزة»، ثم انتقلا سويًا الى مدينتها في أوكرانيا.
وتابع لـ«الدستور»، أن عائلتها استقبلوه بكل حب واهتمام وراعوا ظروفه في البداية ولم يشعر يومًا منهم إلا بالود والحب، مؤكدًا أنه قرر البقاء مدافعا عن عائلته وأسرته وأطفاله الذين ولدوا وعاشوا فيها وينتمون إليها.
وأشار إلى أنه يمتلك عددًا من المحلات التجارية الخاصة بمعدات البناء ولا يريد أن يهرب ويترك كل شيء خلفه، لافتًا إلى أنه لن يذهب مع المقاومين لكنه سيقف لحماية ممتلكاته ومنزله وأسرته.
وأكد «حسين»، أنهم يجلسون في ملاجئ تقع تحت منازلهم، قائلًا: «على الرغم من أنها قديمة جدًا من زمن الحرب العالمية الثانية ومتهالكها، لكنها لا باس بها حتى الآن، ينقصهم فقط الماء والطعام الذي يكفيهم للأيام القادمة».
أحمد درغام: والدتى أوكرانية.. ولن أترك جدتى وأهرب
وفي ذات السياق، كشف أحمد درغام 28 عامًا، عراقي الأصل من أم أوكرانية، أن والده تعرف على والدته في مصر بالصدفة، حيث كانا قد تقابلا في طائرة واحدة من ألمانيا.
ولفت إلى أنه عاش عمره كله ما بين أوروبا وأوكرانيا، ولم يقم بزيارة العراق سوى مرتين وهو صغير مع والده، مؤكدًا أنه لا يستطيع ترك والدته وجدته والهرب، خاصة أنهم عالقون في مدينة خاركيف التي سيطر عليها الجيش الروسي بشكل كبير.
وأوضح، أن الطيران يقصف المدينة بشكل مستمر وبشدة، ولا مجال للهرب لم يعد هناك مجال سوى المقاومة والدفاع، بحسب قوله.
وأكمل «درغام»، أن جدته هي من قامت براعيته بعد وفاة والده في غارة أمريكية أثناء زيارته للعراق في عام 2017 بمدينة نينوي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة كانت تريد قصف عناصر داعش لكن تم قصف منزل والده وشقيقه في تلك المدينة بالخطأ.
واستطرد، أن جدته قامت بتربيته وتعليمه ورعايته ولم تبخل عليه بأي شيء وبسبب سنها الكبير لا تستطيع أن تهرب من المدينة بسهولة، خاصة أنه لا توجد سيارات أو مواصلات أو أي شيء يساعدهم، لذا لم يبق لهم وسيلة سوى المشاركة في الحرب.
لبيب: عاملونى بلطف فى أوكرانيا
وكشف لبيب أحمد 32 عامًا مغربي الجنسية، عن أن الوضع سيئ للغاية، وأنه لا يستطيع ترك أصدقائه الذين عاش أكثر من 5 أعوام معهم ويهرب.
وقال «لبيب» في حديثه مع «الدستور»، إنه يشعر بالحزن الشديد لما يراه في أوكرانيا، حيث إنه عاش حياة قاسية في دولته المغرب، قبل أن يفكر في الهجرة إلى أي دولة توفر له فرصًا جيدة في الحياة، لافتًا إلى أنه توجه إلى أوكرانيا بعدما عاش في إسبانيا أكثر من عامين، ووجد أن الأوكران عاملوه بلطف عن ما شهده من الإسبان الذين اعتبروه لاجئًا غير مرحب به.
وأشار إلى أنه عندما وصل إلى أوكرانيا قرر العمل في مجال التجميل، كونه يمتلك خبرة جيدة في هذا المجال، ووجد أنه نجح بشدة ليس فقط بفضل خبرته، وإنما لأن الأوكران أتاحوا له الفرص، مؤكدًا أنه وجد عبر وسائل التواصل مناشدة من الرئيس الأوكراني انضمام الأجانب للمقاومة مع الجيش الأوكراني فتقدم لها.
وشرح «لبيب»، أنه ذهب نحو أحد الأكمنة العسكرية، وقال لهم إنه يرغب بالتطوع معهم والمحاربة لكنهم وجهوه للذهاب مع المقاومين المدنيين، لأن تواجده بالقرب منهم قد يعرض حياته للخطر.
وأكد أن القوات البرية الروسية لا يبدو أنها تتقدم بالسرعة التي كان يُخشى منها، لكن القتال الشرس في الشوارع والقصف الجوي مستمران في كييف وخاركيف وأماكن أخرى.
وذكر «لبيب» في حديثه لـ«الدستور»، أن خاركيف تعتبر ثاني أكبر مدينة في البلاد، مضيفًا: «سأكمل حياتي هنا وما يحدث الآن من فوضى عشته عمري كله عندما كنت شابًا وطفلًا من أسرة شديدة الفقر لا نجد رغيف خبز لعدة أيام، كنا نقوم بالبحث عن الطعام أحيانًا في أكياس ملقاة، لذا ما أعيشه في أوكرانيا ليس بهذا السوء لقد واجهت الموت عدة مرات في السابق».
منتصر الأميرى: بعت سيارتى من أجل السفر.. ولكننى سأبقى
بينما أردف منتصر الأميري 36 عامًا، لبناني يعمل في مجال الأخشاب بأوكرانيا في كييف، أنه باع سيارته منذ عدة أيام وكان متوجهًا للعمل في ألمانيا، لكن الآن سأبقى وأحاول المساعدة بتوفير الطعام والماء والتدفئة.
وقال منتصر، إنه يمتلك مصنعًا للأخشاب في كييف، وقام بنقل عدد كبير من الأخشاب لعدد من الملاجئ من أجل إشعال النيران وتوفير التدفئة للناس المختبئين في الملاجئ، متابعًا أنه أراد بيع سيارته والحصول على الأموال لشراء معدات تزيد من إمكانية إنتاجه، بالإضافة إلى تذكرة طائرة لكراكوف، لكن الآن سأبقى وأساعد وأرى ما يمكنني فعله من أجل الأصدقاء.
مرسوم يحق للأجانب الالتحاق بالجيش الأوكرانى
وقال بيان زيلينسكي، إنه وفقًا لمرسوم صدر عام 2016، يحق للأجانب الالتحاق بالجيش الأوكراني لأداء الخدمة العسكرية على أساس تطوعي.
مشيرًا إلى أن نداءه هو من أجل تعزيزات أجنبية شبيهة بالمشاركة الدولية التي حدثت في الحرب الأهلية الإسبانية في الثلاثينيات، والتي لم يسبق لها مثيل في الحرب الحديثة.
وذكرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس عبر «تويتر»، أن البريطانيين الذين اختاروا الذهاب إلى أوكرانيا للقتال سيحظون بدعمها "بشكل مطلق"، ما دفع للصحف المعارضة انتقادها، حيث قالوا إن هذه التصريحات تتعارض مع موقف المملكة المتحدة بشأن الحرب في سوريا، حيث واجه مواطنو المملكة المتحدة الذين سافروا للقتال إما مع أو ضد تنظيم داعش المحاكمة عند عودتهم إلى بلادهم معارضة.
وبينما انضم عدد من هؤلاء للمقاومة الأوكرانية ندد عدد كبير من الناس عبر وسائل التواصل بالتطوع مع جيش أوكرانيا، ووصفوه بأنه شارك في حرب العراق وتسبب في قتل العراقيين.
ورفض آخرون هذه المشاركة، مطالبين هؤلاء بالتطوع لتحرير فلسطين التي هي أولى بهم من الجيش الأوكراني الذي يسانده الأوروبيون والأمريكان الذين حاربوا عددًا من الدول العربية والإسلامية.