على جمعة: تنحية قضية الألوهية أثر على مجال الطب
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: «لقد أثرت تنحية قضية الألوهية في مجال الطب، فلم يعد الطبيب يدرس المريض دراسة كلية، ولم يعد يعالج أسباب المرض، بل اهتم بالقضاء على أعراضه، ولم يعد يراعي أحوال البيئة، ولكنه نزعه انتزاعًا منها، وأذهبه إلى المعمل، وتقلص الاعتماد على ما خلقه الله في هذه الطبيعة من غذاء ودواء.. ثم اكتشف علماء الطب هذا المعنى، فحاولوا أن يبحثوا عن فنون العلاج في هيئة أخرى سميت بالطب البديل، وشعبت إلى نحو ثلاثين بندًا، وبدأت المدارس والأفكار والآراء تختلف حول ذلك، لأنها لم تنتظم في رؤية كلية واحدة، فكثير ممن دخل إلى فنون العلاج دخلها من باب المادة، وكثير ممن دخل من باب المادة دون أن يسيطر القلب على العقل، ولا العقل على السلوك لم يجد لها فائدة مثلما في الطب الحديث من فوائد مادية مبشرة، وكأن فنون العلاج قد فقدت شرطها.
وتابع «جمعة»، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك قائلًا: «فالمسألة أكبر من أن تحل من غير عودة العقيدة، فترى نظامًا يعتمد الإبر الصينية، وترى نظامًا آخر يتهمها بالدجل، وعلى كل حال، فعندما استعملها الصينيون استعملوها من خلال نظام متكامل، ليس من الحكمة أن ينزع منه، ثم نبحث عن النتائج مع فقدان الشروط».
وأوضح: لقد أثرت هذه الرؤية عندما فقد من منظومة التفكير قضية الألوهية في مجال الاقتصاد الذي أصبح مجالًا للزيادة الكمية، ابتداء من تعريف المشكلة الاقتصادية بأنها كثرة الحاجات بإزاء قلة وسائل الإشباع النسبية، حيث سنرى في مشكلات في تحديد معنى الحاجة، ومعنى الندرة، ومعنى النسبية، ما يترتب عليه جعل علم الاقتصاد قيميًا يحتاج إلى القيم، ويمكن وصفه بالإسلامي أو البروتستاني أو الشيوعي كما فعل بعضهم، وكلما نزعت قضية الألوهية من مجال من المجالات رأيناه يغلق على نفسه، ويسير في اتجاه واحد، ويقطع ما بين الإنسان وتراثه الإيماني، في حين أن الله سبحانه وتعالى قد خلق بعض العلامات حتى يدلنا بها على حقائق بسيطة أغفلها الكثيرون، ومنها الدائرة، فمن سار في اتجاه واحد فإنه يخرج عن حد الدائرة دون أن يشعر.