السبعينية التى تدرب الأوكرانيين على القتال لـ«الدستور»: أعي ما يشعر به بوتين.. لكننا سنقاتل
العجوز الأوكرانية التى تُدرب الأوكرانيين على القتال تتحدث لـ«الدستور»
◄السبعينية إلينا ماكاروفا: أعي ما يشعر به بوتين وأتفهم قراره.. لكننا سنقاتل الروس لنرفض اعتداءهم على استقلالنا بهذا الشكل
◄ماكاروفا: لا أؤيد انضمام "كييف" لحلف أوروبا الذي سعى أجدادهم ولا زالوا للسيطرة على أوكرانيا
◄ ابنة بطل الاتحاد السوفيتي سابقًا: لا يجب على أولادنا أن يقفوا ضعفاء في وجه روسيا التي يتشاركون معها كثيرًا من الذكريات الصادقة
رغم وصول محطة عمرها إلى الـ79 عامًا، وبدت عليها ملامح العجز والكبر، إلا أنها ما أن سمعت وشاهدت الأنباء تشير إلى أتون الحرب بين روسيا وأوكرانيا بسبب محاولات حلف الناتو لتوسيع نطاق نفوذه وضم "كييف" لهم- فسارعت لتقف فى طابور من يقفوا لتدريب الشباب مع الجيش الأوكراني على الملاحة وحمل السلاح وأهمية الحفاظ على أرواحهم.
إلينا ماكاروفا تروي لـ«الدستور» بعدما توصلنا لها خلال جمعية خاصة لرعاية المسنين، أنها رغم عدم استطاعتها القتال الآن لتقدمها فى العمر إلا أنها نزلت للتدرب مع قوات الجيش الأوكراني لتعليمهم أهمية الدفاع عن أرض الوطن وأنه لا يجب عليهم أن يقفوا ضعفاء حتى وإن كانوا في وجه روسيا التي يتشاركون معها كثيرًا من الذكريات الصادقة، بحسب قولها.
«ماكاروفا» أوضحت أنها تعي ما يشعر به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتتفهم قراره، لافتة إلى أنها ليست ممن يؤيد الانضمام إلى حلف أوروبا، مشيرة إلى أنهم فى النهاية يظلون أبناء أجدادهم الذين سعوا كثيرًا للسيطرة على بلادها ولازالوا، مشددة على أنها اليوم تدافع عن أبنائها أيضا ولا تريدهم أن يُقتلوا بسبب تعنت الحكومة الزرقاء في عدم اتخاذ قرارات صائبة، وفي ذات الوقت فإنها ترفض اعتداء روسيا على استقلالية أوكرانيا بهذا الشكل المحزن والمؤسف.
حياتها العسكرية
«إلينا» لم تكن سيدة عادية، حسبما قالت لـ«الدستور» لافتة إلى أنها ممن التحقوا بالأكاديمية العسكرية السوفيتية في عام ١٩٥٧، والتحقت بكلية الطيران وتخرجت فى المدرسة المهنية، مشيرة إلى أنها في ذلك العام أكملت دورات الطيران الخاصة بها، وحصلت على رتبة رقيب وأصبحت معلمة طيران في نادي الطيران الذي كانت قد تدربت فيه، حتى أصبحت عضوة في الحزب الشيوعي السوفيتي حتى سقوطه في عام ١٩٩١.
وتابعت ماكاروفا أنها كانت واحدة ممن انضممن إلى وحدة الطيران النسائية التي أسستها مارينا راسكوفا، وهي طيارة روسية أنشأت دروس التدريب على الملاحة والطيران للنساء في مدرسة إنجلز للطيران العسكري في موسكو، والتي عملت مع الأوكرانية تاتيانا ماكاروفا سويًا لتعليم الفتيات الطيران والملاحة، وعندما تم رفع رتبتها طلبت ماكاروفا العودة لرتبة قائد الرحلة واختارت خفض رتبتها من أجل البقاء مع صديقتها آنذاك، وحلقتا سويًا في طلعات جوية صعبة فوق أوكرانيا ومنطقة كوبان في شمال القوقاز والقرم وبيلاروسيا وبولندا، وقامتا معًا بمهمة قصف الألمان فوق بروسيا الشرقية، لتصبحا أول طاقم جوي من الفوج يقاتل فوق الأراضي التي احتلتها القوات الألمانية وقتلتا بقصف في ذات الوقت.
وأضافت ماكاروفا، لـ«الدستور»، أن التاريخ الروسي الأوكراني متصل بالدم وأنها لا تستطيع نزع هذه الهوية والذكريات المتأصلة بداخلها بسهولة، ولكنها اليوم لا تريد أن ترى حفيدها ضعيفًا أمام جندي روسي لا يعي شيئًا عن التاريخ، وأن جنود اليوم ليسوا كجيش السوفيت.
وتستعيد ماكاروفا ذكرياتها القديمة عن والدها الذي كان جزءًا ممن حاربوا في الجيش السوفيتي، فدفعها ذلك للانضمام إلى الأكاديمية العسكرية السوفيتية حتى سقوطه، لافتة إلى أنها كانت طفلة في عمر الثالثة عندما شارك والدها في حرب السوفيت على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٥، موضحة أنها من مواليد ٢٥ نوفمبر ١٩٤٢ لعائلة أوكرانية من الطبقة الرفيعة في كييف، وكان والدها طيارًا حربيًا من الطراز الرفيع شارك في الحرب العالمية الثانية، وكانت والدتها معلمة تقوم بتعليم السيدات حرفًا يدوية لمساعدتهن على إقامة مشروعات تساعدهن على الحياة في ظل الحرب.
ولفتت إلينا، فى حديثها لـ«الدستور»، أنها لم تكن طفلة عادية لا سيما أنها كانت شديدة الاهتمام بزي والدها ونياشينه وكتبه، تقول: لقد كنت دائمًا أريد ارتداء البوريه «القبعة العسكرية»، واطلب منه أن يحضر لي مجسمات الطائرات للعب بها، كنت أقول له خذني معك إلى القاعدة الجوية، متى سوف أركب الطائرة يا أبي، وكان يبتسم ويقول لها، عليكي ألا تتمنى أشياء خطيرة.
وكشفت، في حديثها لـ«الدستور»، عن تفاصيل مقتله وهو يحارب مع الجيش السوفيتي الذي كان يضم الآلاف من الضباط والجنود الأوكرانيين، قائلة: «لقد قصفت طائرة والدها في أواخر الحرب السوفيتية مع ألمانيا في هجوم فيستولا أودر الهجومية والتي كانت تمثل الهجوم الاستراتيجي للقوات السوفيتية في الجانب الأيمن للجبهة السوفيتية الألمانية في عام 1945».
وأضافت أن والدها كان جزءًا من نصر الاتحاد السوفيتي فقد شارك في العملية قوات الجبهة البيلاروسية الأولى بقيادة المارشال جوكوف، والجبهة الأوكرانية الأولى بقيادة المارشال كونيف مع قادة موسكو، وأسفرت العملية عن تحرير أراضي بولندا من القوات الألمانية غربي نهر فيسلا والاستيلاء على رءوس الجسور على ضفة نهر أودر الألماني والتي انطلق منها فيما بعد الهجوم السوفيتي على برلين.
وأشارت إلى أن العملية كان لها فضل كبير في تقدم القوات السوفيتية نحو قوات ألمانية، واجتازت القوات السوفيتية خلال العملية 7 خطوط دفاع ألمانية، لافتة إلى أنه في القصف الجوي السوفيتي حينها كان والدها جزءًا منه وكان أحد أسباب الضرر الفادح بالاقتصاد الألماني، واستنفدت عمليا القوى البشرية في ألمانيا، وقصفت فيها طائرة والد إلينا وهو يحارب بجوار أصدقائه من دول الاتحاد السوفيتي وعلى رأسهم الروس.
وأكدت إلينا، أنه حصل بعد مقتله على وسام الراية الحمراء وهو وسام رفيع كان يقدم لأسر الأبطال فقط من الاتحاد السوفيتي من ستالين، وذلك بسبب أنه تمكن من تشتيت انتباه القوات الألمانية بضرب قنابل في أماكن متفرقة، مما أتاح للقوات السوفيتية وقتًا كافيًا لإتمام عملية النصر، بالإضافة إلى أنه شارك في حملات القصف ضد القوات الألمانية في بيلاروسيا، روسيا الشرقية، القوقاز، القرم، شبه جزيرة تامان وكوبان، حتى قصفت طائرته تاركًا لها تاريخه المشرف في سبيل الاتحاد السوفيتي.