«نار الحُب ونيران الحَرب».. مهاجرون مصريون فى أوكرانيا: لن نرحل ونترك عائلاتنا.. ونخشى تكرار مشهد مطار كابول
توتر كبير تعيشه الجاليات المصرية فى أوكرانيا، مع الخطوة الأخيرة التى اتخذتها موسكو بالاعتراف باستقلال منطقتين داخل الحدود الأوكرانية، حيث يخشى الجميع مع تفاقم الأوضاع واندلاع حرب قد تؤدى إلى كارثة إنسانية كبرى.
تواصلت «الدستور» مع عدد من المصريين المستقرين فى أوكرانيا منذ سنوات، وتزوجوا من أوكرانيات وأنشأوا مشاريعهم الخاصة وأسسوا أسرًا تعيش بشكل مستقر، حيث تحدثوا عن مشاعرهم فى ظل هذه الأحداث، ورؤيتهم للمستقبل وغيرها من التفاصيل.
على: أهلى يطالبوننى بالعودة من الغربة ولا أعلم كيف سأبدأ عملًا آخر
قال على محمد، ٤٣ عامًا، إنه تلقى مؤخرًا رسائل عدة من والدته وأشقائه، يطالبونه خلالها بالعودة إلى مصر، بعدما استقر فى أوكرانيا منذ ١٤ عامًا، وتزوج من أوكرانية وأنجب منها ولدين.
وذكر «محمد» أنه يسأل نفسه كثيرًا عما إذا كان الأمر يستدعى كل هذا الخوف، وهل يجب عليه أن يعود إلى مصر ويترك عمله فى تجارة الأخشاب التى أنشأها منذ ١٠ سنوات؟ مضيفًا: «ترددت الأفكار والأسئلة إلى خاطرى منذ أن تم الإعلان عن احتمالية اجتياح روسيا أوكرانيا ومطالبة الثانية للناتو بالتقدم».
وأضاف أنه ينظر إلى أفراد أسرته كثيرًا بعد كل يوم يعود فيه من عمله، ويسأل زوجته أولجا زدوروف، ٣٧ عامًا، عما إذا كان يجب عليهم الرحيل إلى مصر الآن؟ لكنها ترفض ترك منزلها وأهلها بشكل مفاجئ، قائلة له: «لقد بدأت المدارس ولا يجب أن نتسرع، لا أظن أن حربًا ستقوم».
وحكى أنه سافر إلى أوكرانيا فى البداية من أجل الدراسة عندما كان طالبًا ثم تركها، وعاد بعد سنوات لينشئ عمله الخاص فى تجارة الأخشاب وتوريدها، مضيفًا أنه يعود إلى مصر كل عام لمدة شهر يزور فيها والدته وأشقاءه، وليتعرف أبناؤه على عائلتهم وبلدهم مصر.
وقال: «أشعر بالحزن.. والغربة قاسية جدًا.. وكنت أشعر بالأمان مع وجود عمل مربح ووجود أبنائى وزوجتى بجوارى»، مضيفًا: «الآن إذا قامت هذه الحرب لا أعلم كيف سأبدأ عملًا آخر فى مصر، لا خبرة لى سوى فى عملى هذا، وتجارتى تعتمد على الأخشاب التى تتوافر بكثرة فى أوكرانيا وروسيا، ويتم استيراد كثير منها فى مصر».
وتابع أنه عرض على زوجته الأوكرانية الذهاب إلى مصر مؤقتًا خوفًا من اندلاع الحرب وفقدان القدرة على السفر، لكنها رفضت وأخبرته بأن مدارس أبنائهما قد بدأت ولا يجب أن ينساقا وراء الأخبار، مرجحة أن الأمر لن يصل إلى حرب.
أحمد: القلق على الوجوه والوضع هادئ لكن الاحداث قد تنفجر فى أى لحظة
اعتبر «أحمد»، شاب مصرى يعمل مترجمًا فى شركة عربية تقع فى العاصمة الأوكرانية «كييف»، أن الضجة الحالية وراءها موجة من الأخبار الزائفة، التى تروج طوال الوقت لتقدم قوات روسيا نحو أوكرانيا.
واعترف «أحمد» بأنه لا يفهم فى السياسة كثيرًا، معتبرًا أن الوضع هادئ فى البلاد، لكن قد تنفجر الأحداث فى أى لحظة، مضيفًا «الناس يشعرون بالقلق قليلًا، يبدو الأمر واضحًا على ملامحهم وكثير منهم لا يريدون خوض هذه التجربة مع روسيا، فثقافة الدولتين تعتبر واحدة ولغتهما متشابهة بشكل كبير، يكاد المرء لا يفرق بينهما، حتى ثقافتهم الغذائية واحدة».
وأضاف أن زوجته أوكرانية ووالدتها روسية الأصل، متابعًا: «نزور حماتى بالقطار من كييف إلى يوغسلافيا كثيرًا»، مردفًا: «انتماء كثير من الناس حول روسيا مختلط، فأوكرانيا كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتى حتى وقت قريب جدًا قبل أن تقرر التقرب من أوروبا».
وقال إن الوضع الاقتصادى فى البلاد ليس الأفضل، وكثير من الناس يعانون من أزمات اقتصادية، وهناك حالة فقر واسعة فى مدن مختلفة بسبب الصراعات الداخلية بين الحكومة والمعارضين.
داليدا:المنطقة الشرقية تعانى أزمة فى الأغذية والأدوية
أشارت داليدا أوسباكوينا، ٣١ عامًا، زوجة شاب مصرى، وهى متطوعة لدى مكتب الأمم المتحدة فى كييف، إنه من الصعب أن تترك بلدها وترحل إلى بلد آخر.
وأضافت: «عائلتى هنا، لا أريد تركهم خلفى.. وأشعر بالحزن على زوجى، لأنه قلق من أننا قد لا نتمكن من السفر فى حالة اندلاع الحرب بالفعل».
وقالت إنها تشعر بالقلق الشديد بشأن الوضع فى أوكرانيا وإمكانية حدوث مزيد من التصعيد، مردفة: «سيحدث ذلك أزمة إنسانية خطيرة وطويلة الأمد فى البلاد التى تعانى بالفعل من وضع إنسانى طارئ فى الشرق، خاصة بالنسبة للأغذية والأدوية والبنية التحتية الأساسية مثل المياه والتدفئة».
وأضافت: «زوجى قال لى ماذا لو أصبح الوضع فى مطار كييف مثل الذى شاهدناه فى كابول، سيندفع الجميع للهرب»، مردفة: «أتفهم موقفه لكنى لا أريد ترك عائلتى فى هذه الأجواء».
وواصلت: «أنا أحب مصر جدًا جدًا، وأحب زيارتها وطعامها، وعائلة زوجى فى مدينة الجيزة طيبيون جدًا معى كلما ذهب لزيارتهم، لكن أمى هنا وإخوتى وبعضهم ذهب للتطوع والتدرب مع الجيش الأوكرانى وذلك يشعرنى بالفزع».
وأكملت: «أخاف أن أفقدهم وأنا بعيدة، وقد لا أتمكن من العودة بسهولة إذا رحلت، سأزور مصر فى رحلة سياحية قريبًا عندما تهدأ الأوضاع».