مصريون في أوكرانيا عالقون بين «نار الحب» و«نيران الحرب» (خاص)
بدأت أصوات الحرب تعلو، اجتاحت عناوينها قنوات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، وارتفعت المؤشرات التي تؤكد أن الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا وأوروبا قد تشتعل، فبعد قرار فلاديمير بوتين الرئيس الروسي تقدم قواته نحو أوكرانيا واعترافه بجمهوريتين جديدتين، لم يعد الأمر مجرد مناوشات فارغة، الأمر الذي استدعى الخوف في قلوب المغتربين في أكرانيا ومنهم الجالية المصرية التي انشأ كثيراً منهم أسراً هناك.
فى هذا التقرير تواصلت "الدستور" مع مصريين تزوجوا من أوكرانيات وأنشأوا مشاريعهم الخاصة وأسسوا أسرًا تعيش مستقرة، لسؤالهم حول خططهم خلال الفترة المقبلة وكيف تتعامل زوجاتهم مع الأوضاع الحالية؟ هل يعودون إلى مصر؟ في أى شىء يفكرون الآن، لا سيما أن وأشار إلى أن عدد أعضاء الجالية المصرية في أوكرانيا يمثل 6 آلاف مصري.
تلقى علي محمد 43 عاما رسائل عدة من والدته وأشقائه، يطالبونه بالعودة إلى مصر، فمنذ 14 عاما يعيش علي في أوكرانيا ومتزوج من أوكرانية وله منها ولدان، هل يستدعي الأمر هذا الحد من الخوف، هل يجب العودة إلى مصر الآن وترك عمله في تجارة الأخشاب الذي أنشأه منذ عقد تقريبا، ترددت الأفكار والأسئلة إلى خاطره منذ أن تم الإعلان عن احتمالية اجتياح روسيا إلى أوكرانيا ومطالب الأخرى للناتو بالتقدم.
ينظر "علي" إلى أسرته بعدما عاد من عمله وسأل زوجته أولجا زدوروف 37 عاما هل يجب علينا الرحيل إلى مصر الآن، لكنها رفضت ترك منزلها وأهلها بشكل مفاجئ، "لقد بدأت المدارس ولا يجب أن نتسرع، لا أظن أن حربا ستقوم" كان هذا ردها عليه.
علي مصري سافر إلى أوكرانيا للدراسة عندما كان طالبا وعاد بعد سنوات لينشئ عمله الخاص في تجارة الأخشاب وتوريدها، يعود إلى مصر كل عام لمدة شهر يزور فيها والدته وأشقائه وليتعرف أبنائه على عائلتهم وبلدهم مصر، أصبحت له حياته الآن في مدينة لفيف إحدى محافظات أوكرانيا الكبرى.
"أشعر بالحزن" هكذا وصف علي شعوره، قائلا في حديثه لـ"الدستور": لطالما شعرت بالحزن والغربة قاسية جدا لكني كنت أشعر بالاكتفاء بوجود عمل مربح وأبنائي وزوجتي بجواري، والآن إن حدثت هذه الحرب بالفعل لا أعلم كيف قد ابدأ في عمل اخر في مصر فأنا لا خبرة لي سوى بعملي هذا وتجارتي تعتمد على الاخشاب التي تتوفر بكثرة في اوكرانيا وروسيا لكنها في مصر يتم استيراد كثير منها.
وتابع علي أنه عرض على زوجته الاوكرانية الذهاب الى مصر مؤقتا خوفا من أن لا يكونوا قادرين على ذلك لاحقا، لكنها رفضت واخبرته ان مدارس ابنائهم بدأت ولا يجب ان ينساق نحو الاخبار وان هذه الحالة بين أوكرانيا وروسيا على هذا الحال منذ عام 2014 ولن تصل الى حرب بالاسلحة والدماء.
"الأخبار مخيفة"
كانت هذه الجملة التي تلقاها أحمد وهو شاب مصري يعمل مترجما في شركة عربية تقع في العاصمة الأوكرانية "كييف"، وصلته الرسالة من شقيقته الكبرى، بعدما قرأت على وسائل التواصل الاجتماعي أن قوات روسيا تتقدم نحو أوكرانيا.
يشير أحمد خلال حديثه لـ"الدستور" أنه لا يفهم في السياسة كثيراً لكن الوضع يبدوا هادئا عن المعتاد كأنه صمت ماقبل العاصفة، مضيفاً "الناس يشعرون بالقلق قليلا، يبدو الأمر واضحا على ملامحهم وكثير منهم لا يريدون خوض هذه التجربة مع روسيا فثقافة الدولتان تعتبر بشكل كبير واحدة ولغتهم متشابهة بشكل كبير للغاية يكاد المرء لا يفرق بينهما، اكلاتهم ايضا وكثير من الاشياء لا اختلاف كبير فيها".
وأضاف "زوجتي أوكرانية ووالدتها روسية الأصل، نقوم بزيارتها بالقطار من كييف الى يوغسلافيا كثيرا وانتماء كثير من الناس حول روسيا مختلط، فأوكرانيا كانت جزء من الاتحاد السوفيتي حتى وقت قريب جدا قبل أن تقرر التقرب من أوروبا".
وقال أحمد لـ"الدستور" إن الوضع الاقتصادي في البلاد ليس الأفضل وكثير من الناس يعانون من آزمات اقتصادية وحالة فقر واسعة في مدن مختلفة بسبب الصراعات الداخلية بين الحكومة والمعارضين.
تفاصيل أخرى كثيرة حول حالة القلق التي يعيشها المصريين في أوكرانيا الآن قصّها أحمد وعلي وآخرون لـ"الدستور" لوصف اللحظات الحالية التي يعيشها هؤلاء مع دقات طبول الحرب.
"أحب مصر لكن لن أرحل"
أحمد سمح لنا بالتواصل مع زوجته عبر حسابه على موقع التواصل "فيسبوك"، داليدا أوسباكوينا 31 عاما متطوعة لدى مكتب الأمم المتحدة في كييف تقول "من الصعب أن أترك بلدي وأقرر الرحيل بهذه السرعة فعائلتي هنا، لا أريد تركهم خلفي وأشعر بالحزن على زوجي أحمد لأنه قلق من إننا قد لا نتمكن من السفر في حالة حدثت هذه الحرب بالفعل".
وأضافت داليدا لـ"الدستور" : "لقد قال لي ماذا لو أصبح المطار في كييف كذلك الذي شاهدناه في كابول، سيندفع الجميع للهرب، واتفهم موقفه لكني لا اريد ترك عائلتي في هذه الأجواء".
وأكدت داليدا "أنا احب مصر جدا جدا، وأحب زيارتها وطعامها وعائلة زوجتي في مدينة الجيزة انهم طيبيون جدا معي كلما ذهب لزيارتهم لكن امي هنا واخوتي وبعضهم ذهب للتطوع والتدرب مع الجيش الأوكراني وذلك يشعرني بالفزع انني قد افقدهم وانا بعيدة وقد لا اتمكن من العودة بسهولة اذا رحلت، سأزور مصر كسياحة قريبا عندما تهدئ الاوضاع".
واكملت داليدا أنها تشعر بالقلق الشديد بشأن الوضع في أوكرانيا وإمكانية حدوث مزيد من التصعيد سيحدث أزمة إنسانية خطيرة وطويلة الأمد في البلاد، لافتة إلى أن البلاد تعاني بالفعل من وضع انساني طارئ في الشرق حيث شمل ذلك الأغذية والأدوية و البنية التحتية الأساسية مثل المياه والتدفئة.
مطالب دولية لاجلاء الرعايا
وطالبت عدة دول من رعاياها ومواطنيها في أوكرانيا من مغادرة البلاد في غضون 48 ساعة بينما لا تزال الوسائل التجارية متاحة، لا سيما أن الولايات المتحدة ذكرت أن روسيا يمكن أن تغزو اوكرانيا في أي يوم الآن وطلبت من مواطنيها المغادرة رغم أنها قالت إن الولايات المتحدة لا تعرف ما إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين قد اتخذ قرارًا نهائيًا.
وحذر وزير القوات المسلحة جيمس هيبي من أن المملكة المتحدة لن تكون قادرة على طرد الرعايا البريطانيين من أوكرانيا إذا غزت روسيا، مضيفاً فى تصريحات له بأن سلاح الجو الملكي البريطاني لن يكون في وضع يسمح له بالدخول ويجب على الناس هناك مغادرة اوكرانيا من الان.
وذكر رئيس الجالية المصرية فى أوكرانيا -على فاروق- فى تصريحات سابقة له أن الاوضاع طبيعية ومستقرة في كافة مدن اوكرانيا مشيرا ان الاعلام الغربي يروج لان الاوضاع خطيرة لكنها ليست كذلك قائلا انهم يقومون بعمل ذلك من اجل الضغط على روسي، موضحاً أن هناك الالاف من المصريين الذين يعيشون في أوكرانيا، وان في حالة تم التصعييد بالفعل هناك خطة تأمين لاجلاء المصريين.