«الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة».. موضوع خطبة الجمعة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة، 24 رجب 1443هـ الموافق 25 فبراير 2022، تحت عنوان: "الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة".
وأكدت الأوقاف على الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصا أو مضمونا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة، مع ثقتنا في سعة أفقهم العلمي والفكري، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة.
وجاء نص الخطبة كالآتي..
الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
وبعد:
فقد كانت رحلة الإسراء والمعراج حافلةً بالمنح الإلهية، والعطايا الربّانية التي اختص الله (عز وجل) بها هذه الأمة، ومن أعظمها فريضة الصلاة، تلك الهدية الربانية التي تصل العباد بربهم (عز وجل)، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (ففَرض عليَّ خمسين صلاةً في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فنزلتُ إلى موسى (عليه السلام)، فقال: ما فرض ربُّك على أُمَّتِك؟ قلتُ: خمسين صلاةً، قال: ارْجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ، فإنَّ أُمَّتَك لا تُطيقُ ذلك... فقلتُ: يا ربِّ خَفِّفْ عن أُمَّتي)، فلم يزل نبينا (صلى الله عليه وسلم) يراجع ربه (عز وجل) حتى قال له ربه سبحانه: (إنهنَّ خمسُ صلواتٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ لكلِّ صلاةٍ عشرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً).
وفي فرض الصلاة ليلة المعراج من فوق سبع سماوات دليلٌ على علوّ قدرها ومكانتها؛ فالصلاة قرة العيون، وحياة القلوب، ولذة الأرواح، وهي معراج إيماني، يترقى بها الناس في مدارج القرب من رب العالمين، حيث يقول الحق سبحانه: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إلا رَفَعَك اللهُ بِهَا دَرَجةً، وَ َحطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً).
كما أن فرض الصلاة في رحلة المعراج تسرية لنبينا (صلى الله عليه وسلم) بعد تعرُّضه لمحن شديدة في ذلك العام الذي سمي عام الحزن؛ وفي هذا إشارة إلى أنّ الصلاةَ سببٌ لطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وقرة العينِ، وهي عون من الله (عز وجل) في الشدائد، حيث يقول سبحانه: {وَلَقْد نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}، ويقول سبحانه: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول لسيدنا بلال (رضي الله عنه): (يَا بِلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها).
وفي تخفيف الله (عز وجل) الصلاة عن الأمة المحمدية بيان لكمال رحمته سبحانه بخلقه؛ ودلالة على ما تتميز به الشريعة من اليسر، ورفع الحرج والمشقة، حيث يقول سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، ويقول سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا ولا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا) .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن الصلاة مناجاة بين الناس وخالقهم سبحانه، حيث يقول نبينا (صلى الله ع ليه وسلم): (قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ).
كما أن للصلاة أثرًا عجيبًا في تهذيب النفس، وتقويم السلوك، والتحلّي بمكارم الأخلاق، حيث يقول الحق سبحانه: {وأقم الصلاة إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، فالمصلِّي الحق لا يمكن أن يكون كذَّابًا ولا غشَّاشًا، ولا خدَّاعًا، ولا خائنًا، ولا غدَّارًا، ولا مخلفًا للوعد ، بل هو أخلاق وقيم تتحرك على الأرض وفق منهج الله وشريعته.
اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء