رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الملك ينهض سريعًا».. لماذا سيعود صلاح أقوى بعد «كبوة الكاميرون»؟

صلاح
صلاح

«الجميع يسقط، لكن الضعفاء فقط لا ينهضون ثانية».. كانت وما زالت تلك المقولة واحدة من الركائز التى بنى عليها الألمانى يورجن كلوب، المدير الفنى لفريق ليفربول الإنجليزى، مشروعه وفلسفته فى التعامل مع الحياة عمومًا، لا كرة القدم فحسب.

البعض يظن أن «كلوب» طور محمد صلاح فنيًا، جعله هدافًا فريدًا، لكن فى حقيقة الأمر، ما فعله هذا الرجل العظيم مع «مو» وجميع لاعبى ليفربول يفوق حدود كرة القدم بكثير.

«كلوب» فيلسوف عظيم أكسب لاعبيه أفكارًا هى خلاصة فلسفة حياتية لواحد من أهم مبدعى هذا العصر، علمهم ماهية الحياة، وكيفية التعامل مع متغيراتها، وكيف يخلقون الحوافز ويجددونها، وما سبل مواجهة الصعاب والتحديات.

ربما لا يصدق البعض أن «صلاح» وصل ليفربول وهو متطور فنيًا بشكل أقرب إلى المثالية، وأن ما جرى بعد ذلك منذ العام الأول له، كان عبارة عن جنى لثمار جهده وتطوره الحقيقى فى إيطاليا، ليس على يد «سباليتى» فى روما فقط، بل من خلال عمله الفردى الدءوب.

من قرأ مسيرة تطور «صلاح» جيدًا، يعرف أنه تعاقد مع مدربين متخصصين فى كل شىء، لتعليمه ما ينقصه وتزويده بما يميزه، وهو فى إيطاليا.

على سبيل المثال، تعاقد محمد صلاح مع مدرب متخصص فى عمل المهاجمين فقط، ومدرب خاص بالجانب البدنى، وغيرهما من المحللين والمتخصصين.

وعلى خلاف ما يعتقد البعض، تعامل «صلاح» مبكرًا مع نفسه باعتباره «مؤسسة»، فلم يبخل على تطوير ذاته، وأنفق الكثير فى سبيل ذلك، لذلك كانت بدايته منذ الموسم الأول فى ليفربول «خرافية»، وحقق خلالها أرقامًا غير مسبوقة تؤكد وصوله إلى «أنفيلد» جاهزًا.

كان من الوارد ألا يجنى «صلاح» تلك الثمار، خاصة أنه مر بمطبات ومنحنيات معقدة وصعبة للغاية، سواء مع الإصابة الكبيرة التى تسبب له فيها الإسبانى سيرجيو راموس، أو بصراعه مع السنغالى ساديو مانى، الذى جاء عليه وكان الأخير النجم الأبرز فى الفريق، ما خلق حالة غيرة وصلت إلى حقد فى بعض الأحيان، وصولًا إلى بعض الإحباطات الخاصة بالصراعات الفردية.

ولأنه يستحق التوفيق، كان محظوظًا بوجود يورجن كلوب، الذى كان بارعًا فى التعامل النفسى والذهنى مع «صلاح»، فى كل مراحل ومحطات رحلته مع «الريدز».

بعد الموسم الأول، كان «صلاح» ظاهرة استثنائية، وتوقع الجميع صعوبات تكرار الأمر، خاصة مع تبديل الخصوم من طرق مواجهة اللاعب، وتعامل المدافعين بحرص وعنف أكبر معه.

لكن فى كل مرة، كان «كلوب» حاضرًا فى تهيئة وتجهيز «صلاح» بشكل مثالى، وجعله يزداد جمالًا وروعة فى كل محطة عن سابقتها، لذلك لا خوف على «الملك المصرى»، بعد ما اكتسبه من تجارب وخبرات حياتية، أوصلته إلى منطقة تجعله ينهض مهما كانت قوة الطعنات، وتدفعه نحو مزيد من المجد مهما كانت الصعوبات.

جاء تعامل «كلوب» مع «صلاح» عقب «كبوة» خسارة أمم إفريقيا بالكاميرون دراميًا، بشكل يعكس علاقة أب بابنه.

حرص «كلوب» على إعادة «صلاح» مباشرة من الكاميرون إلى «أنفيلد»، اجتمع به وعمل بشكل مبكر على تجهيزه نفسيًا.

فى المؤتمر الصحفى الأول، قال إن «صلاح» محبط للغاية، ومع الصورة التى ظهرت له فى أول تدريب، جعل حماسة الجماهير فى استقباله أشبه باستقبال الزعماء الذين حققوا لبلدانهم انتصارات الحروب.

فى مواجهة إنتر ميلان، لم يكن «صلاح» فى أفضل حال، ومع ذلك أصر الألمانى على إبقائه حتى اللحظة الأخيرة، ليقول له بوضوح ورغمًا عن «مانى» المنتشى بأمم إفريقيا، و«جوتا» المتوهج بأهدافه فى الآونة الأخيرة: «أنت فى أقل حالاتك قبل الجميع يا مو».

ولأنه عند حسن الظن كالعادة، رد «صلاح» الجميل لمعلمه وأستاذه، بهدف ولا أروع، ليكشف لك بعدها من حفاوة واحتفال زملائه به، كم هم يحتاجون إليه، وكم هى منظومة ليفربول تعتمد على هذا «الملك»، الذى لن يوقفه شىء، ولن يعطل مساره خسارة بطولة.

ما زال لدينا الكثير لنكتبه يا «صلاح»، وما زالت مصر تستحق أن تفخر بالمزيد من الأمجاد.