رولان لومباردى: مصر دولة استراتيجية.. والسيسى أعاد لها نفوذها على المستوى الدولى
شدد الباحث الفرنسى رولان لومباردى، المتخصص فى الدراسات الجيوسياسية للشرق الأوسط، على أهمية مشاركة مصر وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى فعاليات الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحادين الإفريقى والأوروبى، فى ظل أهمية مصر الاستراتيجية، وكونها الجسر الرابط بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
وقال المؤرخ الفرنسى، فى حواره مع «الدستور»، إن مصر فى عهد الرئيس السيسى استعادت كثيرًا من نفوذها، وأصبحت أكثر فاعلية عن العقود الماضية.
■ بداية.. ما أبرز القضايا التى ستناقشها الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحادين الإفريقى والأوروبى التى ستبدأ فعالياتها فى بروكسل غدًا؟
- القمة الإفريقية الأوروبية تنعقد هذا العام تحت عنوان «إفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى ٢٠٣٠»، وتتعلق المناقشات بالقضايا المشتركة بين القارتين، وهى تلك المتعلقة بالهجرة والتعاون والاستثمار والأمن والاستقرار السياسى، خاصة أن أوروبا هى الشريك الأهم والأكثر موثوقية لإفريقيا.
وقد أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، الأسبوع الماضى، فى العاصمة السنغالية دكار، عن أن أوروبا تعتزم حشد أكثر من ١٥٠ مليار يورو من الاستثمارات فى إفريقيا فى السنوات المقبلة.
ويبقى أن نرى ما إذا كان سيتم استخدام هذه الأموال بشكل جيد، لأنها نظريًا ستُستخدم لتمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة، والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، والعمل على تسهيل وصول الشعوب الإفريقية إلى شبكات الإنترنت، والنقل، وإنتاج اللقاحات والتعليم وغير ذلك من القطاعات الرئيسية، خاصة أن الاتحاد الأوروبى سيتعين عليه منافسة الاختراق الصينى والروسى للدول الإفريقية، عبر توسيع وجوده الاقتصادى والسياسى بسرعة.
■ كيف ترى أهمية مشاركة مصر فى هذه القمة؟
- مشاركة مصر فى هذه القمة ضرورية، لأنها دولة استراتيجية، وهى جسر بين شمال شرق إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، وهى ثالث أكبر دولة فى إفريقيا من حيث عدد السكان بعد نيجيريا وإثيوبيا، بأكثر من ١٠٢ مليون نسمة، وتمتلك أكبر وأحدث جيش بالشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، لذا فإن لها وزنًا كبيرًا حتمًا فى القمة، وفى كل المحافل الدولية.
وأهمية مشاركة مصر تكمن أيضًا فى السياسة المصرية تجاه القارة الإفريقية، التى بدأها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عام ٢٠١٤، وهى سياسة طموحة وديناميكية، ويمكن القول إن مصر- السيسى- استعادت نفوذًا كبيرًا، بل أصبحت أكثر فعالية عن أيام الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر، بعد أن أصبح للقاهرة تأثير واضح على القارة، وعلى أكثر القضايا الإفريقية حساسية، وملفات مهمة مثل ليبيا وتشاد والسودان على سبيل المثال.
وأرى أن حكم الرئيس السيسى، الذى جاء مصحوبًا بإصلاحات هيكلية كبرى وتحديث اقتصادى ومعركة غير مسبوقة ضد الفساد، يمكن أن يكون نموذجًا يحتذى به للعديد من الدول الإفريقية الراغبة فى محاربة الفساد والبؤس المستشرى فى القارة.
■ كيف ترى أداء الاقتصاد المصرى الحالى مقارنة بالأعوام السابقة؟
- منذ عام ٢٠١٦، بدأ الرئيس السيسى سلسلة من الإصلاحات الهيكلية المهمة والعميقة فى كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية، ورغم أنها كانت مؤلمة فإنها كانت ضرورية، كما انطلق فى معركة تاريخية غير مسبوقة فى المنطقة ضد الفساد، وهذه، فى رأيى، هى الثورة الحقيقية فى مصر، ولذلك، يحظى الأداء الاقتصادى المصرى بترحيب دائم من قِبل المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولى. ومصر واحدة من الدول القليلة فى العالم التى نجت من الركود خلال جائحة «كوفيد- ١٩»، بنمو قدره ٣.٦٪ فى السنة المالية ٢٠١٩/٢٠٢٠، و٣.٣٪ فى ٢٠٢٠/٢٠٢١، وتأمل فى تسجيل ٥.٤٪ نموًا فى ٢٠٢١/٢٠٢٢، ثم ٧٪ فى السنوات الثلاث المقبلة.
كما سمحت الإصلاحات الاقتصادية بها بتخفيض الدين العام من ١٠٨٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى عام ٢٠١٦ إلى ٩١٪ فى عام ٢٠٢٠، كما أن العجز العام رغم وباء «كورونا» لم يتجاوز ٦.٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى، فيما لم تتجاوز البطالة ٧.٣٪ من السكان، ووصلت إلى أدنى مستوى لها تاريخيًا، وكلها مؤشرات أتوقع أن تستمر فى التحسن، خاصة أن الاكتشافات المصرية لرواسب الغاز فى مياهها بالبحر المتوسط تعتبر هدية حقيقية من السماء.
■ ما تقييمك للدور المصرى فى مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؟
- مصر من أهم شركاء أوروبا الاستراتيجيين فى مجال منع الهجرة غير الشرعية، ونقل الحدود الأوروبية إلى إفريقيا، وهذا أمر حيوى لأوروبا، التى لا ترغب فى مواجهة مشاكل مجتمعية خطيرة ستؤدى بلا شك إلى توترات بين المجتمعات، رأيناها بالفعل، وقد تتطور إلى فوضى فى الداخل الأوروبى فى غضون عدة سنوات.
ومنذ عام ٢٠١٦، ازداد التعاون بين الاتحاد الأوروبى ومصر بشأن ضبط الهجرة بشكل مطرد، مما سمح بإنشاء لجنة وطنية لمكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، وسن قانون لمواجهة المهربين، وعقد عشرات الورش الدولية لحرس الحدود والشرطة وقوات الأمن.
■ بالنسبة للملف الليبى.. ما توصيات أوروبا لاستعادة الاستقرار والأمن فى هذا البلد الشقيق؟
- الأمن فى ليبيا لن يتحقق إلا بالعودة إلى السلام، الذى يمر بالضرورة من خلال إرادة قوية تتمكن بشكل نهائى من إبعاد الإسلام السياسى وجماعة «الإخوان» عن البلاد.