«دف وطبلة وعود».. آلات موسيقية لمواهب فنية تبعث البهجة في «القعدة النوبية» (فيديو)
الخضرة والنيل والسماء الصافية مقومات طبيعية تتميز بها القرى النوبية عن أي مكان آخر، ومع جلوسهم في هذه الطبيعة الجميلة نشأ في داخلهم منذ نعومة أظافرهم موهبة الغناء والعزف على آلات الموسيقى المختلفة، وبترددهم على نفس الأماكن استطاعوا أن يؤسسوا فريقًا موسيقيًا متعدد المواهب، ليصنعوا بذلك بصمة خاصة في هذا المجال وتحديدًا في "قعدة الطرب النوبي".
ومع حلول وقت المغرب وغياب أشعة الشمس الحارة يصطحب محمد و حسين ومحمد فريق من شباب النوبة الآت الموسيقية الخاصة بهم ويتوجهوا إلى إحدى الأراضي الزراعية المجاورة لمساكنهم داخل قرية ادندان النوبية، ويفترشوا الحصير ويجلسوا عليها وتبدأ إبداعاتهم الفنية ودندنة الألحان النوبية والتراثية للأغنيات المفضلة لهم، وذلك مع تجمعهم برفقة أصدقائهم، ليصنعوا لمسة خاصة بهم فـ "القعدة النوبية وقت المغربية".
وأجرت "الدستور" معايشة للفريق الثلاثي للمواهب المتنوعة أثناء ممارستهم إبداعاتهم الفنية خلال "القعدة النوبية" في قرية ادندان بمركز نصر النوبة بمحافظة أسوان:
بارتداء الزي النوبي الذي يتمثل في الجلباب بمختلف ألوانها واصطحاب العود والدف والطبلة كلاً منهم يحمل آلته ويتجمع حولهم أصدقائهم يبدأوا في ترديد النغمات بشكل عفوي لاختيار الاغنية وبعدها تبدء الأجواء النوبية المبهجة تغزو جميع الإرجاء، لتضيف حالة من السعادة للجميع.
شباب فريق القعدة النوبية
"انا هوايتي الغناء النوبي من صغري وانا عندي 10 سنين، كنت أحب أسمع الأغاني واشتغل عليها مع نفسي، لحد ما عرفت أصحابي وبقينا نعمل القعدات النوبية وبنجمع فيها أصحابنا كمان ونقضي السهرة مع بعض كل يوم في مكان بعد ما نخلص شغلنا"، هكذا بدأ حديثه حسين أحمد حسين، مغني الفريق الشبابي بالقعدة النوبية لـ"الدستور".
وأضاف أن موهبة الغناء يفضلها للغاية لذلك يطورها باستمرار وأن القعدات النوبية التي ينظمها مع أصدقائه في وقت فراغهم تساهم في تنمية هذه الموهبة، حيث أنه في البداية كان علي دراية باستخدام آلة الاورج ولكن بعد لقائه بأعضاء الفريق اتقان استخدامها بشكل كبير هي وآلة العود ايضًا، مشيرًا إلي أن أبرز المغنين النوبيين الذين يفضلوا غناء وعزف اغنياتهم هم كلاً من: سيد جابر، وناصر حاج، نظرًا لأن أغنياتهم من التراث النوبي.
وأوضح لـ"الدستور" أن في بداية الموهبة كان يمارسها في منزله لأنه كان يشعر بالخجل عند وجود عدد كبير من الحضور للأهالي، ولكن بعد تعرفه على أصدقائه أعضاء الفريق اصبح لديه ثقة كبيرة جدًا، حيث أن تشجيع أهالي القرية ودعمهم لموهبتهم ساعدهم كثيرًا حتى أنهم في الوقت الحالي بدء الغناء في الأفراح والمناسبات الخاصة بالمقربين لهم، لافتًا إلي أنهم يسعوا دائمًا للتطوير من موهبتهم لكي يستطيع أن يكونوا مثل المعروفين والمشاهير في الغناء النوبي بالمستقبل.
بينما قال محمد رمضان، البالغ من العمر 23 عامًا، عازف العود بالفريق الشبابي بـ "القعدة النوبية"، إنه منذ نعومة أظافره وهوايته المفضلة الموسيقى والغناء، ولكنه اتقن استخدام آلة العود منذ 5 سنوات، ولكنه قبل فترة تعليمه لهذه الآلة كان يتقن استخدام "الدف" ضمن آلات الموسيقى النوبية، قائلاً" احنا شعب أسوان والمجتمع النوبي كلنا بنحب الموسيقى والغناء وكل آلات الموسيقى.
وأضاف لـ"الدستور" أن الذي جمعه بأصدقائه وكونوا فريق لهم حبهم جميعًا للغناء والموسيقي، حيث أنهم بدأ تعارفهم ببعضهم البعض ليمارسوا موهبتهم الفنية في الغناء والعزف سويًا كلاً منهم له دور في الفريق، حيث أن دائمًا تجمعهم والمعروفة باسم "القعدة النوبية" تكون بهدف الغناء والطرب وتعريف العديد بهذه الموهبة، أو المشاركة في مناسبات المقربين منهم.
وأشار إلى أنهم يحرصوا دائمًا علي أن تكون "القعدة النوبية" التي تجمعهم تكون في أرض زراعية أو داخل الساحة الواسعة بالمنازل النوبية ليستمدوا من الأجواء المحيطة والمناظر الطبيعة الطاقة الإيجابية التي تساعدهم على الإبداع في أداء الألحان التراثية للنوبة بشكلاً رائع ومبهر، لافتًا إلي أن المميز في هذه الألحان ويميزهم أيضًا عزفهم علي السلم الخماسي، حيث أنه مميز لأنه مختلف ومحدود وغير معروف.
وعبر لـ"الدستور" قائلاً" السلم الخماسي احنا مش بنطلع بره عنه وحلاوته انه مختلف ومحدود ومش معروف ده المميز فيه"، مشيرًا إلي أنهم يمارسوا هوايتهم الفنية في وقت الفراغ في أي مكان يختارونه سواء البيت أو الزرع ويدندنوا سويًا ويبدعوا في الأغنيات النوبية المختلفة سواء كانت تراثية قديمة أو حديثة.
"الدف والغناء والتراث النوبي سواء كنا فرحانين أو زعلانين بنلجأ ليه زي الإنسان والمياه منعرفش نعيش من غيرها"، هكذا بدأ محمد حسين جمال، البالغ من العمر 22 سنة، مستخدم آلة الطبلة في الفريق حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أن عودتهم للغناء والتراث النوبي مثل التعبير السالف ذكره عندما يشعر الشخص بحالة من الحزن والضيق يفضل سماع الاغنيات النوبية القديمة، وفي حالة السعادة والبهجة يفضل سماع أغنيات كبار الفنانين للتعبير عن مشاعرهم.
وأوضح أنهم بدأوا في التجمع كفريق منذ حوالي من 5 سنوات حنا بقالنا حوالي 5 سنين حتي يمارسوا موهبتهم مرتين أو 3 مرات أسبوعيًا ، حيث أنهم يحرصوا على غناء الأغنيات القديمة التي كادت في الوقت الحالي أن تنسي لإحياء التراث النوبي القديم مرة أخري، وهناك بعض المعاني التي لا يفهموها يحاولوا الاستفسار عنها من أهالي القرية ليستطيعوا أداء الأغنية، قائلاً" واحنا مع بعضنا مفيش حاجه اسمها صعبة كل واحد فينا بيفيد التاني اما لو واحد لوحده مش هيطلع حاجه".
ولفت إلى أنهم يحرصوا على اختيار المكان المحيط به المناظر الطبيعية البارز بها المياه والمساحات الخضراء، حتى يستطيعوا الوصول للمشاعر التي كان يمر بها الفنان أو مؤلف الأغنية، مشيرًا إلي أنه وأفراد الفريق يتجمعوا بعد الانتهاء من عملهم لممارسة هوايتهم والغناء سواء بالمناسبات أو الأفراح القعدات النوبية.